يُعتبر منهج أهل السنة وأتباع منهج السلف في باب توحيد الأسماء والصفات منهجا توقيفيا يقوم على أساس إثبات ما ورد في نصوص الكتاب والسنة والإيمان به ونفي ما نفته والإيمان بنفيه وبذلك فَهُم:
• يسمون الله عز وجل بما سمى به نفسه في كتابه وبما سماه به نبيه صلى الله عليه وسلم فيما صح من سنته من غير زيادة ولا نُقصان، ومن ذلك ما ثبت في قوله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ، هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحشر22-24]، فهم يكتفون في هذا بالثابت ولا يلحدون في أسماء الله، ولا يصنعون كصنيع الفلاسفة الذين سموا الله تعالى العقل الفعال..، تعالى الله عما يقولون.
• يثبتون لله من الصفات ما ثبت في كتابه أو فيما صح من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
– فالتحريف: هو تغيير ألفاظ نصوص الأسماء والصفات أو معانيها عن مراد الله بها.
– والتعطيل: نفي الثابت من أسماء الله وصفاته أو بعضها.
– والتكييف: هو الخوض في كنه وهيئة وكيفية الصفات التي أثبتها الله لنفسه.
– والتمثيل: الاعتقاد في صفات الخالق أنها مثل صفات المخلوق.
• ينفون عن الله عز وجل ما نفاه عن نفسه في القرآن وما نفاه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم في صحيح السنة ويعتقدون أن الله موصوف بكمال ضد ذلك المنفي.
• يتوقفون فيما لم يثبت فيه نص فلا يثبتونه ولا ينفونه، قال الإمام المالكي سُحنون: “مِن العلم بالله السكوت عن غير ما وصف به نفسه” التمهيد (2/146).
• كون أهل السنة وأتباع السلف يثبتون لله ما ورد من الأسماء والصفات لا يلزم منه تشبيهه بخلقه سبحانه كما يزعم الجَهْمِيَّة المعطلة وأذنابهم فإنه إذا علمنا أن وصف مخلُوقَيْنِ بصفة واحدة لا يلزم منه تشابههما فإن عدم التشابه بين الخالق والمخلوق أولى منه بين المخلوقات فيما بينها.
• يقطعون الطمع عن إدراك كيفية صفات الله سبحانه وتعالى وشعارهم: “كل ما خطر ببالك فربنا مخالف لذلك” عقيدة التوحيد الكبرى للعلامة بن عزوز المالكي (ص 24).
• يعتقدون أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، فلا يثبتون بعض الصفات وينفون البعض كالذين يؤولون الرحمة بالإرادة بزعم أن في وصف الله بالرحمة تشبيها له بالمخلوق الذي يتصف بهذه الصفة.. فيُرَدُّ عليهم بأنهم فروا من التشبيه فوقعوا في التحريف وعطلوا الرحمة وجعلوها هي الإرادة، وإذا قيل لهم: إن العبد يوصف بالإرادة وأنتم وصفتم الله بالإرادة قالوا إن لله إرادةً خاصة به وللمخلوق إرادة خاص به..
فيقال لهم : لم لا تختصرون الطريق وتقولون هذا في الرحمة وأن لله رحمة تليق بجلاله سبحانه وعظمته وللمخلوق رحمة تليق بضعفه وعجزه..
والقاعدة في هذا قول الإمام مالك رحمه الله: “الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة” وهذا يعم كل الصفات.
وفيما يلي بعض النقول عن أهل العلم تلخص ما سبق وتبينه:
قال نُعيم بن حماد: “من شبه الله بخلقه كفر، ومن جحد شيئا مما وصف الله به نفسه كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيه أو تمثيل” شرح أصول الاعتقاد للالكائي (3/532).
وقال حافظ المغرب الإمام ابن عبد البر: “أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يَحُدُّون فيه صفة محصورة” التمهيد (7/145).