الرجاء في الله تعالى ضروري للسائر إلى الله عز وجل, فالعبد لو فارقه لحظة لتلف أو كاد، فإنه دائر بين ذنب يرجوا غفرانه, وعيب يرجوا إصلاحه, وعمل صالح يرجوا قبوله, واستقامة يرجوا حصولها ودوامها, وقرب من الله ومنزلة عنده يرجوا وصوله إليها.
والرجاء: “ظن يقتضي حصول ما فيه مسرة” كما قال صاحب المفردات 346.
وشرعا كما قال ابن القيم رحمه الله هو: “الثقة بجود الرب تعالى, وهو النظر إلى سعة رحمة الله والفرق بينه وبين التمني: أن التمني يكون مع الكسل ولا يسلك صاحبه طريق الجد والاجتهاد, والرجاء يكون مع بدل الجهد وحسن التوكل” المدارج 2/35.
وعليه فإن الرجاء في الله تعالى لا يكون إلا مع العمل كما قال تعالى: “فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ” أي: كان يأمل حسن لقاء ربه, وأن يلقاه لقاء رضا وقبول, والمراد باللقاء: القدوم عليه, وقيل: رؤيته سبحانه كما هو حقيقة اللفظِ “فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحا”: موافقا لشرع الله “ولهذا أجمع العارفون على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل” المدارج 2/37.
وقال أحد السلف: “علامة صحة الرجاء: حسن الطاعة”.
“وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً” وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له.
ومن ثم فإن الرجاء المتضمن للذل والخضوع لا يكون إلا لله تعالى, وصرفه لغير الله شرك إما أصغر, أو أكبر بحسب ما يقوم بقلب الراجي.
والرجاء ثلاثة أنواع: نوعان محمودان ونوع غرور مذموم.
فالأولان: رجاء رجل عمل بالطاعات على نور من الله فهو يرجوا الثواب عليها من رب الأرض والسماوات.
ورجل اقترف الذنوب ثم تاب منها فهو يرجوا المغفرة من علام الغيوب.
والثالث: رجل متماد في التفريط والخطايا, يرجوا رحمة الله بلا عمل, فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب. انظر المدارج 2/37.
مع العلم أن الرجاء في الله لا يتحقق إلا مع الخوف، كما أن الخوف لا يتحقق إلا مع الرجاء، فهما متلازمان لأن الخوف بلا رجاء يوقع في اليأس, والرجاء بلا خوف يحمل على الأمن.
قال السعدي رحمه الله في وصفه للسائرين إلى الله:
وهم الذين بنو منازل سيرهم *** بين الرجا والخوف للديان