من مصابيح السبيل كلام أثري للإمام الذهبي رحمه الله

حبه إيمان

في سير أعلام النبلاء 12/509-510: (عن علي رضي الله عنه قال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إليّ: “أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق”.
غريب عن شعبة، والمشهور حديث الأعمش عن عدي.
فمعناه أن حب علي من الإيمان، وبغضه من النفاق، فالإيمان ذو شعب، وكذلك النفاق يتشعب، فلا يقول عاقل: إن مجرد حبه يصير الرجل به مؤمنا مطلقا، ولا بمجرد بغضه يصير به الموحد منافقا خالصا، فمن أحبه وأبغض أبا بكر كان بمنزلة من أبغضه وأحب أبا بكر فبغضهما ضلال ونفاق وحبهما هدى وإيمان).

وإن رغمت أنوف
في سير أعلام النبلاء 2/140-142: (وكان تزويجه صلى الله عليه وسلم [بعائشة رضي الله عنها] إثر وفاة خديجة، فتزوج بها وبسودة في وقت واحد، ثم دخل بسودة، فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة في شوال بعد وقعة بدر. فما تزوج بكرا سواها، وأحبها حبا شديدا كان يتظاهر به، بحيث إن عمرو بن العاص، وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة، سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: “عائشة” قال: فمن الرجال؟ قال: “أبوها”.
وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض، وما كان عليه السلام ليحب إلا طيبا، وقد قال: “لو كنت متخذا خليلا من هذه الأمة، لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام أفضل”، فأحبَّ أفضلَ رجل من أمته وأفضلَ امرأة من أمته، فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو حري أن يكون بغيضا إلى الله ورسوله.
وحبه عليه السلام لعائشة كان أمرا مستفيضا، ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقربا إلى مرضاته).

لا حيلة في برء الرفض فإنه داء مزمن
قال الذهبي في نهاية حديثه عن العشرة المبشرين بالجنة قال: “هذا ما تيسر من سيرة العشرة، وهم أفضل قريش، وأفضل السابقين المهاجرين، وأفضل البدرين، وأفضل أصحاب الشجرة، وسادة هذه الأمة في الدنيا والآخرة، فأبعد الله الرافضة، ما أغواهم وأشد هواهم، كيف اعترفوا بفضل واحد منهم وبخسوا التسعة حقهم، وافتروا عليهم بأنهم كتموا النص في علي أنه الخليفة، فالله ما جرى من ذلك شيء، أنهم زوروا الأمر عنه بزعمهم، وخالفوا نبيهم، وبادروا إلى بيعة رجل من بني تيم يتجر ويتكسب، لا لرغبة في أمواله، ولا لرهبة من عشيرته ورجاله، ويحك، أيفعل هذا من له مسكة عقل؟ ولو جاز هذا على واحد لما جاز على جماعة، ولو جاز وقوعه من جماعة لاستحال وقوعه والحالة هذه من ألوف من سادة المهاجرين والأنصار، وفرسان الأمة، وأبطال الإسلام، لكن لا حيلة في برء الرفض فإنه داء مزمن، والهدى نور يقذفه الله في قلب من يشاء، فلا قوة إلا بالله”. سير أعلام النبلاء 1/140-141.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *