كل تقسيم لا يشهد له الكتاب والسنة وأصول الشرع بالاعتبار فهو فاسد يجب إلغاؤه ومن ذلك تقسيم بعضهم الدين إلى قشر ولباب.
وهو تقسيم باطل من وجوه كثيرة من أهمها:
1- أنه خلاف نصوص القرءان والسنة وعمل سلف الأمة.
قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً”، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:”يقول الله تعالى آمرا عباده المؤمنين به والمصدقين أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه والعمل بجميع أوامره وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك.
قال مجاهد: اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر.
وقال ابن عباس: ولا تدعوا منها شيئا..”.
وفي الحديث عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وابرار القسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام …”متفق عليه.
فانظر كيف جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تشميت العاطس ونصر المظلوم في حديث واحد دون هذا التفريق المبتدع ولا هذا التقسيم المصطنع؟!.
ومن أروع ما صح عن السلف الصالح في هذا الباب موقف عمر رضي الله عنه وهو يعالج سكرات الموت عندما طعنه العلج أبو لؤلؤة.
“..وجاء الناس فجعلوا يثنون عليه وجاء شاب فقال: ابشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك: من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقِدَمٍ في الإسلام ما قد علمت, ثم ولِّيت فعدلت, ثم شهادة.
قال: وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي.
فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض.
قال: ردُّوا علي الغلام!
قال:” يا ابن أخي: ارفع ثوبك فإنه أبقى (وفي رواية: أنقى) لثوبك وأتقى لربك” أخرجه البخاري.
2- قال الشيخ محمد بن إسماعيل حفظه الله: “وقسمة الدين إلى قشر ولباب تؤثر في قلوب العوام أسوأ تأثير، وتورثهم الاستخفاف بالأحكام الظاهرة, وينتج عنها الإخلال بهذه الأمور التي سميت قشورا, فلا تلتفت قلوبهم إليها, فتخلو من أضعف الإيمان ألا وهو الانكار القلبي الذي هو فرض عين على كل مسلم تجاه المنكرات”اهـ تبصير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب(ق:122-123).
قال العز بن عبد السلام رحمه الله (المتوفى سنة660): “لا يجوز التعبير عن الشريعة بأنها قشرا مع كثرة ما فيها من المنافع والخيور, وكيف يكون الأمر بالطاعة والإيمان قشرا؟! وأن العلم الملقب بعلم الحقيقة جزء, ومن أجزاء علم الشريعة, ولا يطلق مثل هذه الألقاب إلا غبي شقي قليل الأدب.
ولو قيل لأحدهم: إن كلام شيخك قشور لأنكر ذلك غاية الانكار, ويطلق لفظ القشور على الشريعة! وليست الشريعة إلا كتاب الله وسنة رسوله, فيعزر هذا الجاهل تعزيرا يليق بمثل هذا الذنب”اهـ الفتاوي له رحمه الله 71-72.
وقال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله جوابا على من وصف المنكر لبعض المحدثات بأنه “من أهل القشور”: “وقولهم: “من أهل القشور”، إن أراد به ما الفقهاء عليه من العلم ومعرفة الأحكام, فليس من القشور, بل من اللب, ومن قال عليه:”إنه من القشور” استحق الأدب والشريعة كلها لباب”اهـ فتوى ملحقة بـ “الكلام على مسألة السماع” لابن القيم الجوزية رحمه الله 452.
فالواجب-إذن- العمل بجميع شرائع الإسلام وأركانه, وفرائضه, وسنته لمن أراد الفضل, ولا يجوز أن نترك العمل بهذه لأنها جزئية, ونعمل بهذه لأنها كلية..!!
فإن:” الجزئيات معتبرة في إقامة الكلي, أن لا يتخلف الكلي فتتخلف مصلحة المقصودة بالتشريع”اهـ الموافقات2/61.
ويتأكد هذا الأمر إذا علمنا أن العمل بشرائع الإسلام منوط بالاستطاعة كما قال تعالى:”فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ” وليس منوطا بالكليات والجزئيات.