التَّوحِيدُ الخَالِصُ: (23) توحيد الألوهية الدعوة إلى توحيد الألوهية في القرآن الكريم

لفد اعتنى القرآن الكريم عناية خاصة بتوحيد الألوهية فدعا إليه واهتم به… وقد تنوعت طرق الدعوة إلى توحيد الألوهية وأساليبها في القرآن الكريم، فمن ذلك ما يلي:
1- أمره سبحانه بعبادته، قال تعالى :[وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً] (النساء:36).
2- النهي عن عبادة مَنْ سواه كما في قوله تعالى: [فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ] (البقرة:22).
3- إخباره سبحانه وتعالى أنه خلق الخلق لعبادته كما في قوله: [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ] (الذاريات:56).
4- إخباره أنه أرسل الرسل بالدعوة إلى عبادته، والنهي عن عبادة من سواه كما في قوله: [وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ] (النحل:36).
5- الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية؛ فإذا كان الله تعالى هو الخالق الرازق الذي أنعم عليك بالنعم الظاهرة والباطنة ولم يشاركه في ذلك مشارك فعليك أن لا تتأله لغيره، ولا تتعبد لسواه، ويلزمك أن تخصه بالتوحيد كما قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] (البقرة:21).
6- الاستدلال على وجوب عبادته بكونه النافع، الضار، المعطي، المانع؛ فمن اتصف بهذه الصفات فهو المعبود بحق ولا معبود بحق سواه.
7- الاستدلال على وجوب عبادته بانفراده بصفات الكمال، وانتفاء ذلك عن آلهة المشركين، كما في قوله تعالى: [فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً] (مريم:65).
وقوله: [وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا] (الأعراف:180).
وقوله عن خليله عليه السلام أنه قال لأبيه: [إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً] (مريم:42).
8- الاستدلال على وجوب عبادته بدقة صُنعه سبحانه وتعالى فكلما تدبر العاقل ذلك، وتغلغل فكره فيه، وازداد تأمله في ذلك علم أنه هو المستحق للعبادة.
9- الاستدلال على وجوب عبادته بتعدد نعمه، فإذا علم أن ما بالعباد من نعمة فمن الله وحده وأن أحداً من المخلوقين لا ينفع أحداً إلا بإذن الله، وأن الله هو النافع الضار علم أن الله هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
10- تعجيزه لآلهة المشركين كقوله تعالى: [أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ، وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ] (الأعراف:191،192)، وقوله: [قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً] (الإسراء:56)، وقوله: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ] (الحج:73).
11- تسفيه المشركين الذين يعبدون غير الله، كما في قوله تعالى: [أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ، أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ] (الأنبياء:66-67)، وقوله: [وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ] (البقرة:130).
12- بيان عاقبة المشركين الذين يعبدون غير الله، وبيان مآلهم مع من عبدوهم، حيث تتبرأ منهم تلك المعبوداتُ في أحرج المواقف كما قال تعالى: [وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ، إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ، وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ] (البقرة:165-167)، وقوله: [وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ] (فاطر: 14).
13- بيان مصير الموحدين وعاقبتهم في الدنيا والآخرة كما قال عن إمامهم إبراهيم عليه السلام: [وَلَقَدْ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ] (البقرة: 130)، وقوله: [الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ] (الأنعام: 82).
14- رده على المشركين باتخاذ الوسائط بينهم وبين الله بأن الشفاعة ملك له سبحانه لا تطلب من سواه، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، وبعد رضاه عن المشفوع له، قال سبحانه: [أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ، قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ] (الزمر:43-44) وقال:[مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ] (البقرة:255).
15- بيان أن هؤلاء المعبودين من دون الله لا يحصل منهم نفع لمن عبدهم من جميع الوجوه كما قال تعالى: [قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ، وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ] (سبأ:22-23).
16- ذكر البراهين والأمثلة الدالة على بطلان الشرك، وسوء عاقبته، مما يجعل النفوس السليمة تنفر منه، قال تعالى: [وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ](الحج:31).(1 )
———————–
(1 ) “توحيد الألوهية” ضمن “رسائل في العقيدة” للدكتور محمد بن إبراهيم الحمد ص:183

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *