زهده وورعه
ولزهده ترجم له ابن الجوزي في صفة الصفوة.
فمن ورعه ما ذكره جرير بن عبد الحميد، قال: مر بنا حمزة الزيات فاستسقى، فأتيته بماء، فقال: أنت ممن يحضرنا في القراءة؟ قلت: نعم، قال لا حاجة لي في مائك .
وقال حسين الجعفي: ربما عطش حمزة، فلا يستسقي كراهة أن يصادف من قرأ عليه .
وقال أحمد بن عبد الله العجلي ثنا أبي قال: كان حمزة سَنَة بالكوفة وسَنَة بحلوان، فختم عليه رجل من أهل حلوان من مشاهيرهم فبعث إليه بألف درهم، فقال لابنه: قد كنت أظن لك عقلا، أفآخذ على القرآن أجرا؟! أرجو على هذا الفردوس .
وأخرج الآجري في أخلاق أهل القرآن ص13: عن خلف بن تميم قال: مات أبي وعليه دين، فأتيت حمزة الزيات فسألته أن يكلِّم صاحب الدين أن يضع عن أبي من دينه شيئا، فقال لي حمزة ويحك إنه يقرأ علي القرآن، وأنا أكره أن أشرب من بيت من يقرأ علي القرآن.
اشتغاله بالحديث
وكما كان حمزة رحمه الله تعالى قارئا ومقرأ كان أيضا محدثا، فله ترجمة في الكتب التي عنيت بالتراجم، كالتاريخ الكبير للبخاري، والثقات لابن حبان، والثقات للعجلي، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، والتهذيبين وغيرها.
وقد كان رحمه الله تعالى ثقة في الحديث شهد له بذلك إماما الجرح والتعديل: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين .
وقد روى له الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما ورغم هذا فإنه كان في حديثه بعض الوهم.
إسناد قراءة حمزة
قال ابن مجاهد: وكان حمزة ممن تجرد للقراءة ونصب نفسه لها، وكان ينحو نحو أصحاب عبد الله [أي ابن مسعود] لأن قراءة عبد الله انتهت بالكوفة إلى الأعمش أستاذ حمزة، وكان حمزة قد قرأ على الأعمش ويقال إنه لم يقرأ عليه ولكنه سمع قراءته.
وقرأ على ابن أبي ليلى، وقرأ ابن أبي ليلى على المنهال، وقرأ المنهال على على سعيد بن جبير، وقرأ سعيد على ابن عباس رضي الله عنهما، وقرأ ابن عباس على أبي بن كعب رضي الله عنه، وقرأ أبي بن كعب على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقرأ أيضا على حمران بن أعين، وقرأ حمران على أبي الأسود الدؤلي، وقرأ أبو الأسود على علي وعثمان رضي الله عنهما.
كما قرأ على ابن أبي ليلى، وقرأ ابن أبي ليلى على أخيه، وقرأ أخوه على أبيه عبد الرحمن، وقرأ عبد الرحمن على علي رضي الله عنه.
وقرأ أيضا على سليمان بن مهران الأعمش، وقرأ سليمان على يحيى بن وثاب، وقرأ يحي على أصحاب عبد الله، وقرأ يحيى أيضا على زر بن حبيش، وزر قرأ على علي وعثمان وعبد الله رضي الله عنهم.
وقرأ أيضا على جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وقرأ جعفر على آبائه وقرؤوا على أهل المدينة .
وكان حمزة يعتبر قراءة عبد الله فيما لم يوافق خط مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد وقد بقي فيها متسع سنخصه للإجابة على طعون واردة في قراءة هذا الإمام، فترقبوا ذلك في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.