تأملات في العقيدة والمنهاج بقلم العلامة الدكتور لحسن وجاج تميز كل من العلم والعمل في الإسلام الحلقة الأخيرة

من مزايا وخصائص العلم والعمل في الإسلام ما يلي:

الميزة الأولى: كون العلم والعمل مرتبطين، وهذا بخلاف ما يزعمه بعض الشيعة وبعض الصوفية من أن الشرائع تلزم العامة دون الخاصة وأن العارف يفنى بمعبوده عن عبادته وبمعروفه عن معرفته.
الميزة الثانية: كون العلم والعمل في الإسلام وحيا، والوحي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بل هو حق وصدق وعدل كله؛ “وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً”.
الميزة الثالثة للعلم والعمل في الإسلام: كونه محفوظا من التبديل والتغيير؛ “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”.
الميزة الرابعة للعلم والعمل في الإسلام: كونه ناسخا لغيره ومهيمنا عليه؛ “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ”.
الميزة الخامسة للعلم والعمل في الإسلام: كونه موثقا مسندا بالأسانيد المتصلة؛ وفي ذلك يقول ابن حزم: “نقل الثقة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل”اهـ.
الميزة السادسة للعلم والعمل في الإسلام: باعتبارهما شريعة وفقها كونه شاملا لمتطلبات الحياة كلها منظما لعلاقات الإنسان بربه وعلاقاته بمجتمعه وعلاقاته بنفسه.
الميزة السابعة للعلم والعمل في الإسلام: كونه لا يقبل غيره عند الله؛ “وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.
الميزة الثامنة للعلم والعمل في الإسلام: كونه يجمع بين الصفة الدنيوية والدينية في أحكامه، ومن ثم كان حكم القاضي في الإسلام ينفذ قضاء لا دينا؛ بمعنى أنه يقطع النزاع دون أن يحرم حلالا أو يحل حراما.
الميزة التاسعة للعلم والعمل في الإسلام: المرونة الملحوظة في أحكامه من حيث رتبة الأحكام ما بين شرط وواجب ومستحب ونفل ومباح..
الميزة العاشرة للعلم والعمل في الإسلام: التنوع الملحوظ في أحكامه ما بين قطعي وظني وراجح ومرجوح ومنصوص ومستنبط ومردود إلا أنه مغفور مأجور.
الميزة الحادية عشرة للعلم والعمل في الإسلام: الازدواجية الملحوظة في أحكامه بين الثبوت والتغير، فبعض أحكامه ثابتة لا تتغير والبعض الآخر يتغير بحسب الزمان والمكان والأشخاص؛ فصفة الثبوت واضحة في العقائد والعبادات والحدود، وصفة التغير جلية في المعاملات والتعازير.
الميزة الثانية عشرة للعلم والعمل في الإسلام: اعتبار الأحكام الاجتهادية واستنباطات الأئمة من جنس أحكام الله؛ لقوله تعالى: “وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ”.

خاتمة فيما يجب على طالب العلم اليوم في الإسلام:
لا شك أن الطالب الذي ألقى السمع وهو شهيد قد استفاد أن العلم من حيث هو وسيلة لا غاية، إذ الغاية من العلم إصلاح العمل، واستفاد أن علم السنة أصل العلوم في الإسلام، واستفاد أن الإسلام يفرض على طالب العلم أن يصرف جل وقته وجهده في تحصيل هذا العلم الذي هو الأصل والغاية، واستفاد من أحداث التاريخ أن علم السنة معرض في غالب العصور للتنكر والمحاربة من طرف أعداء الإسلام وأبناء الإسلام على حد سواء، ومن ثَم يتعين على طالب العلم أولا أن يبدأ بالأهم فالمهم في دراسته لفنون العلم المشروع، ويتعين عليه ثالثا أن يدافع عن علم السنة من الغربة وأنواع الأذى.
وفي موضوع الغربة التي يتعرض لها عادة المدافعون عن السنة يقول ابن القيم: (فأهل الإسلام في الناس غرباء، والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء، وأهل العلم في المؤمنين غرباء، وأهل السنة الذين يميزونها عن الأهواء والبدع غرباء، والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة، ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا، فلا غربة عليهم، وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله عز وجل فيهم: “وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ”) اهـ.
جعلني الله وإياكم من العلماء العاملين، ومن الذين يدعون الناس إلى الخير ويصبرون على أذاهم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *