الأضحية من شرائع الدين باتفاق علماء المسلمين، وامتثال لأمر رب العالمين، وإظهار لتوحيده، وسعي لإحياء سنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أيها الناس إن على أهل كل بيت في كل عام أضحية” أبو داود (2788) وحسنه الألباني.
والأضحية هي: “ما يُذبح من بهيمة الأنعام، أيام الأضحى، بسبب العيد، تقرُّبا إلى الله”.
سميت بذلك كما قال القاضي عياض االمالكي رحمه الله تعالى: لأنها “تفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار، فسميت بزمن فعلها” الإكمال (6/398).
والأضحية إذا كانت شاة أجزأت الرجل وأهل بيته:
فقد روى مالك بسند صحيح عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: “كنا نضحي بالشاة الواحدة، يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته”، وأهل بيته يشاركونه في الثواب لا في المِلك، وهذا الأخير إنما يجوز في البقر والإبل.
وإذا كانت الأضحية من الإبل جاز اشتراك سبعة أو عشرة فيها، وإذا كانت من البقر أجزأت عن السبعة.
ومن ضحى بالكبش فيستحب أن يكون على الصفة الواردة في السنة:
عن عائشة رضي الله عنها: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد، فأتي به فضحى به”. رواه مسلم وأبو داود.
وعن أبي هريرة: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين، فذبح أحدهما عن أمته؛ لمن شهد لله بالتوحيد وشهد له بالبلاغ، وذبح الآخر عن محمد وعن آل محمد صلى الله عليه وسلم” رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
قوله أقرنين: أي لكل منهما قرنان معتدلان. الفتح (10/11).
والأملح: هو الذي فيه سواد وبياض، والبياض أكثر. المرجع نفسه.
والموجوء: منزوع الأنثيين.
والأفضل في الأضحية أن يباشر المرء ذبحها بنفسه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز التوكيل فيها للمسلم القادر، ولا فرق بين الرجل والمرأة.
فذبيحة المرأة تحِل، إجماعا.
ويبدأ وقت الذبح بعد أداء صلاة العيد، ويمتد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة والخطبتين فقد أتم نسكه، وأصاب سنة المسلمين” متفق عليه.
وينبغي للذابح أن يحد شفرته لقوله عليه السلام: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، ولِيُحِدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته” مسلم.
يضجع المضح أضحيته على الجانب الأيسر، مستقبلا بها القبلة، ويضع رجله على الجانب الأيمن، فيمر السكين مسميا مكبرا، ثم يقول: (اللهم تقبل مني).
عن أنس رضي الله عنه قال: “ضحى النبي صلى عليه وسلم بكبشين أملحين، فرأيته واضعا قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده”. (رواه البخاري 5558).
والتسمية واجبة لقول الله تعالى: “فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ” الحج.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل” متفق عليه.
ولا يجوز أن يعطي الجزار منها شيئا كأجرة، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه. (رواه البخاري 1716).
ولا يجوز له أيضا أن يبيع جلدها أو صوفها أو شيء منها، لا قبل الذبح ولا بعده؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: “من باع جلد أضحيته فلا أضحية له” (صحيح الجامع 6118).
ويشرع له أن يقسمها على نحو ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: “كلوا وادخروا وتصدقوا”. (رواه البخاري 5569 ومسلم 1973).
وهذا يدل على وجوب التصدق بشيء منها على الفقراء، وليس فيه دليل على اشتراط الثلث، بل الأمر بالصدقة مطلق.
ومن عجز عن الأضحية ناله أجر المضحين؛ لما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ضحى عمن لم يضح من أمته (رواه أبو داود 2810 وصححه الألباني)، ومثله: حديث أبي هريرة، وهذا الفعل خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم. (انظر: فتح الباري 9/514، وإرواء الغليل 4/354).
فاللهم وفقنا لأداء هذه الشعيرة على الوجه الذي يرضيك عنا.