عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وروي أيضا عن الفضيل أنه قال: «من ساء خلقه ساء دينه، وحسبه مودته».
قال الحسن البصري: «حقيقة حسن الخلق بذل المعروف، وكف الأذى وطلاقة الوجه».
وقال الأحنف بن قيس: «ألا أخبركم بأدوأ الداء؟ قالوا: بلى، قال: الخلق الدني واللسان البذي».
وقال بعض الحكماء: «من ساء خلقه ضاق رزقه» وعلة هذا القول ظاهرة.
وقال بعض البلغاء: «الحسن الخلق مَنْ نفسه في راحة، والناس منه في سلامة؛ والسيئ الخلق الناس منه في بلاء، وهو مِنْ نفسه في عناء».
وقال بعض الحكماء: «عاشر أهلك بأحسن أخلاقك فإن الثواء فِيهِم قليل».
وقال بعض الشعراء:
إذَا لَمْ تَتَّـسِـعْ أَخْـلَاقُ قَـوْمٍ *** تَضِيقُ بِهِمْ فَسِيحَاتُ الْبِلَادِ
إذَا مَا الْمَرْءُ لَمْ يُخْلَقُ لَبِيباً *** فَلَيْسَ اللُّبُّ عَنْ قِدَمِ الْوِلَادِ
فإذا حسنت أخلاق الإنسان كثر مصافوه، وقل معادوه، فتسهلت عليه الأمور الصعاب، ولانت له القلوب الغضاب.
وقال بعض الحكماء: «من سعة الأخلاق كنوز الأرزاق».
قال الجنيد: «لأن يصحبني فاسق حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني قارئ سيئ الخلق».
وقال أيضا: «أربع ترفع العبد إلى أعلى الدرجات وإن قل عمله وعلمه: الحلم، والتواضع، والسخاء، وحسن الخلق».
واعلم أن كل إنسان جاهل بعيوب نفسه، فإذا جاهد نفسه أدنى مجاهدة حتى ترك فواحش المعاصي ربما يظن بنفسه أنه هذب نفسه وحسن خلقه واستغنى عن المجاهدة، فلا بد من إيضاح علامة حسن الخلق، فإن حسن الخلق هو الإيمان، وسوء الخلق هو النفاق، وقد ذكر الله تعالى صفات المؤمنين والمنافقين في كتابه، وهي بجملتها ثمرة حسن الخلق وسوء الخلق.
وسئل بعض العلماء عن علامات حسن الخلق، فقال: «هو أن يكون كثير الحياء قليل الأذى كثير الصلاح صدوق اللسان، قليل الكلام كثير العمل، قليل الزلل قليل الفضول، برا وصولا وقورا صبورا شكورا رضيا حكيما رفيقا عفيفا شفيقا، لا لعانا ولا سبابا، ولا نماما ولا مغتابا، ولا عجولا ولا حقودا، ولا بخيلا ولا حسودا، بشاشا هشاشا، يحب في الله ويبغض في الله، ويرضى في الله ويغضب في الله؛ فهذا هو حسن الخلق».
وقيل لعبد الله بن المبارك: «أجمِل لنا حسن الخلق في كلمة، فقال: اترك الغضب».
لا تصحب من ساء خلقه، وهو الذي لا يملك نفسه عند الغضب والشهوة.
وقد جمعه علقمة العطاردي رحمه الله تعالى في وصيته لابنه لما حضرته الوفاة، قال: «يا بني إذا أردت صحبة إنسان فاصحب من إذا خدمته صانك، وإن صحبته زانك، وإن قعدت بك مؤنة مانك.
اصحب من إذا مددت يدك بخير مدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن رأى منك سيئة سدها.
اصحب من إذا قلت صدق قولك، وإن حاولت أمرا أمرك، وإن تنازعتما في شر آثرك».