ليلة القدر أفضل ليالي السنة لقوله تعالى: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ” أي العمل فيها من الصلاة والتلاوة، والذكر خير من العمل في ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر إلا أنه قد اكتنف هذه الليلة أخطاء عقدية شهيرة بين الناس من ذلك:
ـ اعتقاد كثير من الناس أن لليلة القدر علامات تحصل وتقع لبعض العباد فيها وينسجون حولها خرافات وخزعبلات فيزعمون أنهم يرون نورا من السماء أو تفتح لهم فجوة من السماء!!…
ورحم الله الحافظ ابن حجر فإنه ذكر في الفتح أن الحكمة في إخفاء ليلة القدر حصول الاجتهاد في التماسها بخلاف لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها ثم نقل عن الطبري أنه اختار أن جميع العلامات غير لازمة فيها وأنها لا يشترط لحصولها رؤية شيء أو سماعه وقال: في إخفاء ليلة القدر دليل على كذب من زعم أنه يظهر في تلك الليلة للعيون ما لا يظهر في سائر السنة، إذ لو كان ذلك حقا لم يخف على كل من قام ليالي السنة فضلا عن ليالي رمضان.
ـ قولهم بأنها رفعت أصلا. وقد حكاه المتولي من الشافعية في كتابه التتمة عن الرافضة، وحكاه الفاكهاني في شرح العمدة عن الحنفية!!.
وهذا تصور فاسد، وخطأ شنيع مبني على فهم مغلوط لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما تلاحى رجلان في ليلة القدر: “إنها رفعت”، والرد على هذا الاستدلال من وجهين:
الأول: قال العلماء: المقصود بـ”رفعت” أي: من قلبي، فنسيت تعيينها للاشتغال بالمتخاصمين، وقيل: المعنى رفعت بركتها في تلك السنة، وليس المراد بأنها رفعت أصلا.
الثاني: عموم الأحاديث التي فيها الحث على قيامها، وبيان فضلها، كمثل ما أخرجه البخاري وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
قال النووي رحمه الله: “واعلم أن ليلة القدر موجودة فإنها ترى ويتحققها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنة في رمضان”.
وعند الترمذي وصححه أن عائشة رضي الله عنها قالت: “قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟”.
قال الشوكاني رحمه الله عن هذا الحديث في نيل الأوطار 4/303، أن فيه: “دليل إمكان معرفة ليلة القدر وبقائها”.
وقال الزرقاني في شرحه على الموطأ 2/491: “ومن زعم أن المعنى -أي الوارد في حديث إنها رفعت- رفعت أصلا أي: وجودها، فقد غلط، فلو كان كذلك لم يأمرهم بالتماسها.