الثانوية التأهيلية أبي بكر التطواني تشهد جريمة قتل بين تلميذين هكذا صارت المدرسة في المغرب! إبراهيم بيدون

تلميذ يقتل صديقه في الصف بعد خلاف حول مقعد الطاولة

فمتى نعي ضرورة إشباع التعليم بمفاهيم التربية الإسلامية، بدل الاقتصار على تقزيمها في خندق مادة منفردة مهمشة، ألا نستفيد من واقع المدرسة الغربية الموغلة في الجريمة والانحلال الأخلاقي والتي للأسف نمعن في تقليدها؟
أليس السبب في انهيار المنظومة الأخلاقية في الغرب فصل نظمها العلمانية بين التعليم والتربية؟
وكيف نتصور حال مغرب الغد ورجال مستقبله تحيط بهم الجريمة والرذيلة في الحي والمدرسة؟

تدنى مستوى التعليم ببلدنا المغرب بشكل كبير بسبب ما يعانيه من مشاكل عديدة، ومن أسوء تلك المشاكل التفلت الأخلاقي داخل المؤسسات، وسوء تربية التلاميذ، وتعاطيهم لسلوكيات شاذة ومنحرفة، تصل أحيانا حد الجريمة، ومن هذه الجرائم، ما حصل الأسبوع الماضي في الثانوية التأهيلية أبي بكر التطواني/سلا من قتل تلميذ لصديقه في الصف، بسبب نزاع حول مقعد في طاولة القسم، تطوّر إلى أن يخرج التلميذ الجاني سكينا ويطعن به صدر صاحبه كردة فعل غير محسوبة مسبقا..

إذا سبب الجريمة تنازع حول مقعد في الطاولة، حيث رفض الضحية أن يجلس بجنبه القاتل لعدم توافقهما ولاختلاف الآراء بينهما باستمرار، وهو الأمر الذي رفضه القاتل الذي استعان بالأستاذة لإلزام الضحية بقبول جلوسه كما أكد ذلك أحد أصدقائهما..
بعدما خرج التلميذان خارج أسوار المدرسة وفي الباحة أمام أبواب المؤسسة كان التلاميذ مع موعد غير مسبوق، حيث أقدم الجاني على طعن صاحبه، طعنات كانت أخطرها ما وجهه تجاه قلب الضحية ليسقط مدرجا في دمائه في صورة أثرت في الكثير من الحاضرين الذين بالطبع أكثرهم تلامذة تلك المؤسسة، وبعد طعنه لم يصدق الجاني ما أقدم عليه، إذ حسب شهادة أحد أصدقائه أنه لم يكن ينوي قتله بل تهديده فقط، وهو الأمر الذي تطور لتشهد المدرسة في المغرب جريمة قتل أخرى بين تلميذ وصديقه..
لم يمت التلميذ على الفور، بل بقي مدرجا في دمه يعاني ألم الطعنة والجروح، وقتا طويلا بسبب تأخر سيارة الإسعاف (التي يحتاج الكثير منها في المغرب بدوره للإسعاف، ويحتاج المكلفين بها ضميرا دينيا ومهنيا يمنعهم الاستخفاف بأرواح الناس)، وبعد نقله إلى مستشفى مولاي عبد الله، خرجت روح الضحية من جسدها وأسلمت لباريها سبحانه وتعالى..
وقد ذكر عدد من أصدقاء الضحية أنه كان صاحب خلق وطيبوبة، وأنه كان صائما في ذلك اليوم، كما قال أحد الأصدقاء المقربين من الجاني أنه هو بدوره ليس مجرما أو صاحب سلوكيات إجرامية، بل ما حصل مجرد تسرع وفقدان للإدراك نتجت عنه جريمة القتل التي دخلت السجل الأسود لتلك المؤسسة، وهنا يطرح السؤال التالي، وهو: لماذا صار التلاميذ يستخفون بأرواح أصدقائهم، وكيف صار التلميذ يحمل معه سكينا، بدل أن يفتخر بحمل الكتاب والقلم؟

والسبب أو الأسباب معلومة، والتي من أهمها ما يستهلكه أبناؤنا من مئات المسلسلات والأفلام المشجعة على الجريمة، هذا بالإضافة إلى انهيار نظام التعليم الذي تعد التربية أهم أجزائه وأهدافه مما نتج عنه شيوع الجريمة في المجتمع المغربي خصوصا بين الفتيان، حيث صار الشباب يستخفون بحمل السلاح، وبتهديد الأصدقاء، بل والإقدام على استعماله جرحا وطعنا.
هذا بالإضافة لما تعانيه عدد من الأسر من تفكك في العلاقات، وضعف الاهتمام، مما يتولد عنه انغماس الأبناء -ضحايا ضعف الوازع الديني داخل البيوت- في مسالك الرذيلة، واللجوء إلى تعاطي المخدرات وشرب الخمر، اللذين صار بيعهما متوفرا بيسر في رأس كل درب، يقدمهما أرباب الإجرام الذين هم أحق بزنازين السجون من الكثيرين من عمارها، ومما يزيد ذاك الشر شراسة، أن الكثير ممن يفرج عنهم من السجون إما بعد انتهاء المدة أو بعد الاستفادة من مسطرة العفو لا تؤثر فيهم عقوبة السجن لانهيار نظم السجن التهذيبة، ولافتقار سجوننا إلى نظم إعادة التأهيل واكتفائها بصقل مواهب نزلائها الإجرامية، فلا يجدون عند خروجهم مكانا أفضل من أبواب المدارس التي صارت تشهد الكثير من السلوكيات الشاذة، ولا أحد يتدخل لإصلاح ذلك، ومن ذلك:
– تسكع التلاميذ والتلميذات بأبواب العمارات..
– تعاطي المخدرات والسجائر، واختراق لوبيات المخدرات والكوكايين محيط المدارس..
– تبادل القبل والعناق بين الجنسين المخدوعين، على مرأى من المارة..
– شرب الخمر..
– الهروب من قاعات الدرس للتمتع بالحديث الفارغ أمام باب المؤسسة..
لقد اجتمعت الكثير من العوامل التي أفرزت هاته الجريمة الشنعاء، وعلى رأسها ضعف التربية التي يعاني منها التلاميذ داخل بيوتهم ومؤسساتهم التعليمية، التي مُسِخت مقرراتها، فلم تكد تجد ما يؤسس في قلوب التلاميذ القيم الدينية، والأخلاق العالية، من بذل الخير، وتبادل المحبة، وتوثيق روابط الأخوة والصداقة، بل هي مقررات أميل للمفاهيم المادية و”الحداثية” العلمانية التي تجعل الفرد لا يحمل قيما ومفاهيم يعيش بها مع إخوانه، بل يعيش تسيبا مفاهيميا لا ينضبط على حد زعم العلمانيين الذين يتولى أكثرهم وضع المقررات الدراسية واختيارها إلا بالقانون الذي لا يطال الأنفس، ولا يهذب الأخلاق، بل يزجر ليعود المزجور إلى سابق جرمه في أقرب فرصة..
فمتى نعي ضرورة إشباع التعليم بمفاهيم التربية الإسلامية، بدل الاقتصار على تقزيمها في خندق مادة منفردة مهمشة، ألا نستفيد من واقع المدرسة الغربية الموغلة في الجريمة والانحلال الأخلاقي والتي للأسف نمعن في تقليدها؟
أليس السبب في انهيار المنظومة الأخلاقية في الغرب فصل نظمها العلمانية بين التعليم والتربية؟
وكيف نتصور حال مغرب الغد ورجال مستقبله تحيط بهم الجريمة والرذيلة في الحي والمدرسة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *