الجرائد العلمانية تقتات من الصور المخلة بالحياء والآداب العامة فأين وزارة الداخلية؟ وهل ما زالت حماية أخلاق المغاربة من اهتمامات الدولة؟ إبراهيم الوزاني

أصبحت العديد من الجرائد المغربية تتفنن في عرض صور النساء شبه عاريات، وأحيانا عاريات إلا من قطعتين صغيرتين، ومرات عاريات وقد ضببت عوراتهن المغلظة بالفوتوشوب.. -ومؤخرا غير مضببة-، نساء غربيات، وعربيات، وما أكثر المغربيات، فهل هذه هي قيمة المرأة عند أدعياء الحداثة والتفتح؟؟
لقد أمعنت الجرائد والمجلات العلمانية في انتهاك دين المغاربة والاستهزاء بهم مجتهدة في إفساد أخلاق أبنائهم، بما يعتبر قانونا وشرعا مخلا بالحياء والآداب العامة، في تحد سافر للدين والقانون يرتدي لبوس حرية الإبداع وحرية الفكر والرأي، وممارسة مهنة الإعلام والصحافة.
وانسجاما مع نشرها للأفكار والمذاهب التي ما فتئ علماء المغرب في رابطتهم يعتبرونها إلحادا وزندقة، المستوحاة من نصوص كلام فلاسفة المادية الوثنية، والنجوم الخنس من رجالات عصر النهضة والثورة والأنوار التي تحرق ولا تضيئ، الذين كتبوا فكرهم ومخيالهم يسبح في أحضان الغواني، فقرروا أن الجسد الأنثوي الجميل، حقه الظهور والتعري لا والانكشاف والتخفي، ومن دعا لستره فهو مكبوت معقد..، انسجاما مع هذا تغرق وسائل الإعلام العلمانية المغاربة بوابل من الصور الداعرة الماجنة المتهتكة حتى تسرع من وتيرة الفساد، كان من أواخرها صور لا يكفي وصفها بالخادشة للحياء، فقد تعدت ذلك لكونها مأخوذة من ألبوم الصور البورنغرافية، ومنتقاة بحرفية بافلوفية، صور اختيرت والقصد من ورائها، إشاعة المنكر، واستمراء العري الشامل، حتى إذا ما استساغ المجتمع واستأنس إلى ما يروجه الإعلام العاري من مجون، انتقلنا إلى مرحلة الاستحلال واستشراب ومن ثم التقنين والرضا..
كل هذا في غياب تام لأخلاقيات المهنة التي ينبغي أن تخدم المنظومة الأخلاقية للقراء الذين لا يعدون أن يكونوا مغاربة مسلمين، ينص دينهم على وجوب لبس النساء للحجاب، وعلى استحباب النقاب، ويمنع من مشاهدة الصور العارية والاطلاع على عورات النساء، فنقل الخبر الصحفي لا يستدعي توظيف الصور العارية، وتقديم الواقع للناس لا يكون في هدر تام للأخلاق والدين.
ومن ذلك المنطلق المنحرف تفتقت موهبة الفساد عند المكلف بالصفحة الأخيرة لجريدة الصباح المغربية في انتقاء الصور العارية، خصوصا التي لا تلبس فيها المرأة غير اللباس الداخلي، أو التي التقطت على شاطئ البحر، أو من عرض أزياء ألبسة البحر المتهتكة، وكان من أفحش ما نشرت مؤخرا صورة للمغنية “جونيفر لوبيز” في حفلة أحيتها رأس السنة في نيويورك ترتدي فيها ثوبا شفافا يظهر جسدها العاري وسوأتها، وقد تعرضت المغنية لانتقادات عديدة بسبب عريها الفاحش في بلدها، لكن جريدتنا التي ترفع مبيعاتها من خلال نشر مثل هذه القبائح لم تجد بأسا من نشر 135000 نسخة من هذه الصورة في بلد مسلم، دينه يحرم الاطلاع على العورات، فهل صار الأمريكيون أكثر حياء من صحفيينا؟! خصوصا إذا علمنا أن أعضاء مجلس النواب الأمريكي صوتوا لصالح قانون يقضي بفرض عقوبات مالية مرتفعة على كل من يتجاوز قواعد الآداب العامة ويخدش الحياء أمام شاشات التليفزيون أو على موجات الراديو، وطبقا للقانون الذي أطلق عليه اسم “قانون خدش الحياء في وسائل الإعلام”، والذي وافق عليه 391 عضوا في مقابل 22، فإن اللجنة الفيدرالية للاتصالات لها الحق في توقيع غرامات مالية تصل إلى 500 ألف دولار عن المخالفة الواحدة..
ويذكرنا الانتقاد الذي تعرضت له المغنية الأمريكية بالحملة الساخطة التي شنت على “جانيت جاكسون” التي أظهرت ثدييها وهي تقدم أغنية تبث على إحدى القنوات الأمريكية، مما دفع بالقناة والمغنية إلى الاعتذار للمشاهدين بسبب هذا المشهد الجنسي المخل بالحياء، لأن القوم رغم تحررهم الجنسي فإنهم يعون أن الإعلام تتابعه جميع فئات المجتمع منهم الأطفال، لذلك يحذرون من نشر العري الفاحش، حيث أن منظومتهم الأخلاقية تمنع على القاصرين مشاهدة ذلك، فلم لا تحترم صحافتنا منظومتنا الأخلاقية التي تمنع جميع ما يخدش الحياء، بالنسبة لجميع فئات المجتمع..
وما يعاقب عليه القانون في أمريكا، يحدث يوميا في المغرب دون أي مراقبة أو عقاب، فقد نشرت صحيفة الجريدة الأولى صورة لثديي فتاة وهما مكشوفتان، من غير احترام للقراء ولا للآداب المرعية، ولا للقانون المؤطر لهذه المهنة، وفي المقابل لم نر حملة مستنكرة ومستهجنة لهذه الصورة أو تحركا للسلطات المسؤولة عن حماية أخلاق المغاربة ودينهم، رغم أن البلد الذي نشرت فيه بلد مسلم، فيه وزارة للشؤون الإسلامية، ومجلس علمي أعلى للإفتاء، ومجالس علمية حدد لها أن تكون بعدد العمالات والأقاليم، ألم يكن من الواجب على وزارة الاتصال التدخل لاستنكار هذه المخالفة بسحب ذلك العدد من الأكشاك؟ أليس من المفروض أن تتدخل وزارة الداخلية لردع أو حتى تنبيه الجريدة إلى مخالفتها للقانون بنشر صور العري والفاحشة، وتهديد الأمن الروحي للمغاربة؟
إن هذا التساهل فسح المجال الواسع أمام باقي الجرائد وشجعهم على سلوك المنهج نفسه مادام يرفع من نسب المبيعات، ويخدم مبادئ العلمانية، فهذه جريدة الأحداث المغربية جعلت كسب قوت يومها من نشر صور العري والتفسخ، ففي عددها 3943 نشرت صورا لتقبيل ممثلة غربية لممثلة أخرى في صورة شاذة، وتحت عنوان كبير جاء فيه: “قبلة ساخنة بين…”، وللتذكير فجريدة الأحداث معروفة بصورها العارية، وحربها على الهوية والقيم، لذلك هجرها قراء كثيرون، إذ لم يعودوا يستطيعون إدخالها لبيوتهم، كونها تشجع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، ولا تستنكف أن تنشر الصور العارية.
وأما جريدة أخبار اليوم فهي الأخرى لها نصيب من نشر الصور شبه العارية، لأن المهم عند طاقمها أن تناسب الصورة فكرة المقال ولو كان المقال يتحدث عما لا يليق بيانه بالصور، ليبقى الهمّ الأكبر استثارة الهوس الجنسي عند القراء لضمان التسويق والانتشار.
لقد صار لزاما على حماة الفضيلة والعفة في المغرب أن ينهضوا إلى محاربة هذا المد الإعلامي الإباحي، الذي يستغل فضاء الحرية المتسيبة، وجو التغاضي عن احترام وتطبيق القوانين والآداب مراعاة لتقارير منظمات حقوق الإنسان، التي لا يهدأ لها بال حتى يصير المجتمع المغربي مماثلا للمجتمع الغربي العلماني المنحل دينيا وأخلاقيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *