مشروع “علاء الدين” الداعي الرسمي للهولوكست في العالم العربي والإسلامي هل اللوبي الصهيوني الفرنسي سيدفع المغرب لتدريس أسطورة المحرقة؟ إبراهيم الوزاني

قبل حوالي عام أقيم بمقر منظمة “اليونيسكو” بباريس، مؤتمر لإطلاق مشروع “علاء الدين” من أجل الحوار بين الثقافات، والذي يهدف -حسب القائمين عليه-، إلى تعريف المسلمين بحقائق المحرقة (الهولوكوست) ومواجهة الجهات التي تنكر المأساة أو حجمها.

ويعتبر مشروع “علاء الدين”، مبادرة متقدمة من مؤسسة “ذاكرة المحرقة”، التي تحظى بدعم العديد من الشخصيات، من بينها مثقفون ومؤرخون وشخصيات سامية من العالم العربي والإسلامي.
وتسعى هذه المؤسسة إلى توفير معلومات باللغات العربية والفارسية والتركية، حول العلاقات اليهودية الإسلامية، والمحرقة والثقافة اليهودية عموما، وقد أطلقت موقعا إلكترونيا بخمس لغات ومكتبة تضم مؤلفات عن المحرقة ومذكرات للناجين منها ومختصرات عن دين وتاريخ اليهود.
وقد أقام المعهد الثقافي الفرنسي بمشاركة مع المركز الثقافي الإيطالي ومركز علاء الدين ندوة حول محرقة الهولوكوست أوائل شهر فبراير المنصرم بمقر المكتبة الوطنية المغربية، وتقف وراء هذا النشاط وزارة الخارجية الفرنسية، وتزامن ذلك مع 27 من يناير الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة كيوم دولي لإحياء ذكرى ضحايا محرقة اليهود (الهولوكوست).
ويدخل هذا النشاط ضمن المجهودات التي يقوم بها الصهاينة لتأكيد حقيقة الإبادة التي تعرضوا لها على يد النازية في ألمانيا، وللردِّ على الأقلام والمنابر الإسلامية التي تكذب ما يروجه اليهود حول هذه المحرقة، التي يغطي من خلالها العدو الصهيوني على كل جرائمه في حق الشعب الفلسطيني المسلم، لأن إقرار أن اليهود هم الشعب الضحية، يصعب معه اتهامهم بأنهم أكثر نازية من هتلر بما يقومون به في أرض فلسطين، ويصير اعتبار جرائمه مجرد دفاع عن النفس كما يروج لذلك الغرب المتشبع بحق اليهود في أرض الهيكل المزعومة، والذي توجهه اللوبيات الصهيونية النافذة في مراكز قراره حتى يستجيب لأهداف الدولة الصهيونية، بل اليهود بمكرهم استطاعوا أن يلزموا العالم الغربي بمعاقبة من عادى ساميتهم، ولو باستنكار ما يروجونه حول المحرقة الأسطورة.
إن المغرب ضمن هذا التوجه الصهيوني في فرض ثقافته الهولوكوستية، وتوظيف الدول الأوربية في دعم مشاريعه، بدأ يعرف تراجعا رسميا وغير رسمي حول مواقفه من الصهيونية، حتى أضحى الدولة المرشحة لتولي مهام الحوار والتقريب بين الكيان الصهيوني وجيرانه، كما عبر عن ذلك الرئيس الأمريكي أوباما، وأعادت تأكيده وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون.
وكان من أول الخطوات التي قام بها الصهاينة من أجل تعزيز نشر ثقافة الهولوكست في بلدنا المغرب، ما قام به معهد “ياد فاشيم” (مؤسسة رسمية أقيمت في 1953 بموجب قرار الكنيست الصهيوني كمركز أبحاث في أحداث الهولوكوست) عندما استدعى نشطاء أمازيغ من رجال التعليم لهم علاقة بجمعية الصداقة الأمازيغية اليهودية من أجل أخذ دروس في المحرقة، حتى إذا ما رجعوا مرروا لتلامذتهم ما تعلموه حول المحرقة، بحكم أنهم يجمعهم باليهود تاريخ مشترك كما ذكر أحد المشاركين وهو أستاذ للغة الألمانية.
ثم جاء الدور على مركز مشروع علاء الدين المدعوم من فرنسا لنشر الثقافة التي أنشئ من أجلها، وطرح مسألة تدريس الهولوكوست في المدارس المغربية كما هو الحال في المدارس الغربية من خلال ندواته -التي سيستمر في إقامتها بالمغرب-، وهو ما يعد تدخلا سافرا في شأن وطني يهم التاريخ المراد تعليمه لأبناء المغاربة المسلمين، الذين يشاهدون يوميا ما تقوم به الآلة الحربية الصهيونية من جرائم في حق إخوانهم الفلسطينيين، ومن هنا يعلم أن القصد من تدريس هذه المحرقة هو تكوين ثقافة لدى الناشئة المغربية المسلمة ترى من خلالها حق الصهاينة أن تكون لهم دولة مستقلة، وأن ما يقومون به من جرائم في حق الفلسطينيين هو من باب الدفاع عن النفس من أجل الحياة في موطن آمن.
إن الجرائم الكبرى التي مرت في التاريخ وتعرضت لها أجناس وعرقيات مختلفة تهون أمامها المحرقة التي تعرض لها اليهود على أيدي النازية، فالإبادات التي تعرض لها السكان الأصليون في أمريكا وأستراليا أكبر من ذلك، والحروب الصليبية التي شنتها أوربا على دول الإسلام، ثم حملة محاكم التفتيش في الأندلس، ثم الاحتلال الامبريالي الذي قتل في الجزائر وحدها مليون ونصف مليون مسلم، أكبر من ذلك ويلزم منه اعترافا بالهلوكوست الصليبي ضد المسلمين؟
ثم هذا الغرب الذي يريد منا الاعتراف بالمحرقة اليهودية، أليس من الواجب عليه الاعتراف بالجرائم التي قام بها ضدنا، والاعتذار عما اقترفته يداه في حقنا، فاستعمال الغازات السامة من طرف اسبانيا ضد المغاربة في حرب الريف وحده يعتبر جريمة كبرى ضد الإنسانية؟!
وفوق كل هذا هل من حق الكيان الصهيوني إبادة الشعب الفلسطيني، لأنه تعرض للهولوكوست في الحرب العالمية الثانية؟
أم أن على الغرب وعلى الأمم المتحدة الاعتراف بالهولوكوست الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، والوقوف ضد استمرار تسلسل حلقاته، بدل البكاء والنحيب على مأساة قام بها فرد استهوته فكرة السيطرة على العالم؟
أم أن الغرب لا يقدرة له على ذلك، وهو يرى أن الصهاينة هم نازيون أخطر من هتلر، وأن معارضتهم تلزم منها تغيير قوانين ومنظومات من خالفهم، وما خبر بريطانيا عنا ببعيد؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *