هذه الآية كانت تشتد على الخائفين من العارفين، فإنها تقتضي أن من العباد من يبدو له عند لقاء الله ما لم يكن يحتسب، مثل أن يكون غافلا عما بين يديه، معرضا عنه غير ملتفة إليه، ولا يحتسب له، فإذا كشف الغطاء عاين تلك الأهوال الفظيعة فبدا له ما لم يكن في حسابه.
قال السعدي رحمه الله في تفسير الآية: “أي: يظنون من السخط العظيم، والمقت الكبير، وقد كانوا يحكمون لأنفسهم بغير ذلك” تيسير الكريم الرحمن.
قال بعض السلف: كم موقف خزي يوم القيامة لم يخطر على بالك قط.
ونظير ذلك قوله تعالى: “لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ”.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: “وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ” أي: عملوا أعمالا وحسبوا أنها حسنات فإذا هي سيئات.
وقال ابن عيينة رحمه الله: لما حضرت محمد بن المنكدر الوفاة جزع فدعوا له أبا حازم فجاء، فقال له ابن المنكدر: إن الله يقول: “وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ” فأخاف أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب، فجعلا يبكيان جميعا.
وقال الفضل رحمه الله أخبرت عن سليمان التيمي أنه قيل له: أنت أنت ومن مثلك؟ فقال: مه، لا تقولوا هذا، لا أدري ما يبدوا لي من الله، سمعت الله يقول:” وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ”.
وكان سفيان الثوري رحمه الله يقول عند هذه الآية: ويل لأهل الرياء من هذه الآية.
فالحذر الحذر: فمن تأمل هذا حق التأمل أوجب له القلق، فإن ابن آدم متعرض لأهوال عظيمة من الموت والقبر.. وأعظم من ذلك الوقوف بين يدي الله عز وجل فنسأل الله السلامة والمسامحة.
وكيف تنام العين وهي قريرة *** ولم تدر في أي المحلين تنزل؟