لنتأمل الحراك الفكري القائم اليوم على أرض المغرب ونحدد مساراته وسبله وأهدافه، ومدى مراعاتها للحيثيات المحيطة به، وحقيقة الواقع التي تنطلق منه وهوية الشعب الذي تكلم باسمه وطبيعة الوطن الذي تقع على أرضه المعركة.
الكل اليوم ينادي ويصرخ ويتكلم باسم الشعب المغربي لكن من يكون هذا الشعب المغربي؛ هل هو اشتراكي بما تحمل الكلمة من معنى هل هو علماني أم يساري أم قومي أم حداثي ليبرالي أم هو إسلامي الكل يتنازع هذا الشعب المسكين المغلوب على أمره.
لكن عند التحقيق فالمغرب مصنف حسب التاريخ والجغرافيا والدستور والدين واللغة بأنه بلد وشعب مسلم وهو كذلك ولا يجادل في ذلك إلا معاند أو جاهل وهو الواقع ما له من دافع، وإذا كان كذلك فهو إلى الإسلام يحتكم في قضاياه، وبه يهتدي الطريق وبشرعه يأخذ في الحياة، فهو دين ضارب بجذوره في التاريخ كما في قلوب الشعب حبا وتعظيما وتقديرا، رغم ما يلاحظ من مناقضته بكثير من الممارسات التي لا تؤثر على علاقة الشعب بدينه، ولعل شهر رمضان خير دليل، كما لا يزال الشعب يثور كلما شعر بدينه يهان أو يدنس ولا أحتاج أن أطيل في هذا الجانب الذي يلخص الحقيقة التالية أن المغاربة مسلمون ولن يقودهم أحد إلا بالإسلام.
أما أنتم أيها الأقلية التي تريد أن تقود الشعب على شريعة الغرب فإن كنتم ممن رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا فليس لكم إلا أن تسيروا على نهج الإسلام، وإن أردتم غيره فلا حق أن ترغموا شعبا تحقق تمسكه بالإسلام دينا على التخلص من قيمه لقيم وافدة ولا تلزموه بمنهج حياة يصلح لغيرهم لا لهم، ولا حجة فيما تعتبرونه مسايرة لتحولات المجتمع وتغيرات القيم المتطورة؛ فدعوتم إلى قبول التنصير والردة والتشيع وإباحة الخمر والإجهاض وتقنين البغاء والمخدرات والقبول باللواط وإشباع الشهوات خارج إطار الزواج والتعايش مع الزواني واللواطيين والسحاقيات وكل الموبقات التي تعرف رواجا لا ينكر. لكن شتان بين ممارستها مع بُغضها وكراهيتها من ممارسيها قبل غيرهم، وبين جعلها أمرا مقبولا يجاهر به مرتكبها دون خوف عقاب أو لوم، حتى يصير جزءً من الهوية إلى درجة المطالبة بتغيير القوانين الزاجرة، ولأن الإيمان واثق بأن مجرد استفتاء صغير للشعب على ما تدعون إليه -رغم أن هذه الأمور ليس مما يستفتى فيها الشعب- لكان الجواب مدويا والصدمة عليكم قوية والكلمة ستكون للرفض لا محالة ولا تنسوا ما كشفت عنه الخطة الوطنية لإدماج المرأة.
إن الدولة حسمت أمرها بما نصت عليه في الدستور أن الإسلام هو الدين الرسمي وأن الملك هو أمير المؤمنين ووضعت جانبا من القوانين لحماية الأخلاق وهوية المجتمع، وجعلت كل دعوة إلى بث الشك في عقيدة المجتمع وزعزعتها جريمة يعاقَب عليها، وهؤلاء الحداثيون الذين يدعون إلى أشياء تناقض الإسلام صراحة وتهدم أصولا معلومة من الدين بالضرورة -كقسمة الميراث الإلهية مثلا- لا تخرج عن هذا، فهم يسعون لزعزعة عقيدة ثلاثين مليون مسلم فلابد للقانون أن يقول كلمته ولكنه زمن الهوان.
إن الواقع والتاريخ ومجريات الأحداث تؤكد حتمية مفادها أنه لا مكان لما تدعون إليه في هذا البلد وبكل وسائلكم الخسيسة والتي ليست فيها وسيلة شريفة، وإن التاريخ سيتجاوزكم كما تجاوز القومية والاشتراكية وغيرها من الدعوات التي لم تكن على وفق عقيدة المسلمين، وفكركم مصيره سلة التاريخ المهمل إن هي قبلت به أصلا، ولن يبقى منه حتى أطلالا يبكيها الباكون.
الإسلام والمسلمون لهم أعداء كثر فلا تنضافون إلى هذه القائمة وأنتم تنتمون إلى شعب وبلد مسلم على الأقل دعوا العداوة تأتي من الآخرين وقفوا أنتم متفرجين حتى إذا انتهت المعركة حددتم مع من تكونون والعاقبة للمتقين.