زلت ألسنة العلمانيين بهدفهم الحقيقي وراء الخوض في تفسير القرآن رغم حرصهم الشديد على التمويه والتضليل؛ مصداقا لقوله تعالى: {ولتعرفنهم في لحن القول} (محمد:30)، فقد صرحوا أن العقبة التي أمامهم لنشر العلمانية هي الدين؛ وتزداد تعقيدا مع الوقت؛ فيقول د.النويهي معاتبا العلمانيين الذين يوجهون جهودهم إلى الإصلاح الجزئي -بزعمهم- فيقول: (من الخطأ عدم تقدير مدى سيطرة الدين على عقول المؤمنين به؛ وهم كثرة الناس؛ وأن هذه الكثرة ليست مستعدة للتنازل عن معتقداتها الدينية مهما يقم لها الدليل والبرهان على أن هذا التنازل في مصلحتها الفكرية والمادية معا، فلنوجه جهودنا المبعثرة ونقنع الناس بأن لا يتخذوا من الدين حجر عثرة أمام كل رأي جديد؛ ونفكر كيف نروج بينهم تلك النظرة العلمانية). (نحو ثورة في الفكر الديني؛ ص:98، نقلا عن أقطاب العلمانية لطارق منينة ص:53).
ويقول محمد أركون: (نلاحظ في كل المجتمعات الإسلامية أن الإسلام يشهد اليوم انتشارا وذيوعا لم يعرفهما في ماضيه السابق كله) (تاريخية الفكر الإسلامي؛ محمد أركون ص:115).
ويعتب حسن حنفي على أولائك المتسرعين من العلمانيين الذين يشرعون في أعمال البناء الجديد مع أن البناء القديم ما زال قائما؛ فيقول: (فهم على حق من حيث المبدأ؛ وعلى خطأ من حيث الواقع، فتسرع (هذه الطائفة) بإعادة البناء والقديم ما زال قائما، فتبني فوق بناء متهدم قائم دون أن يكتمل الهدم لتعيد البناء من جديد) (التراث والتجديد؛ حسن حنفي ص:24).
والمتصفح لأقوال العلمانيين عموما يرى أنهم لا يرضون ببناء علمانيتهم مع وجود آثار للدين في القلوب، ولكن يرومون تحطيم الدين أولا؛ ثم بناء الهيكل العلماني دون خوف من التهديد الإسلامي للعلمانية في المستقبل.
وعليه فقد رأوا أن نشر العلمانية في قطاعات واسعة من المسلمين لا بد له من تغيير أسس الفكر والعقلية الإسلامية، وهو ما يعبرون عنه بـ(هدم القديم)، وفي سبيل ذلك الهدم كانت جهودهم تصب في اتجاهات مختلفة كلها تستهدف البناء المجيد لصرح الإسلام.