شخصيات سجلها التاريخ الغربي

مقدمة قبل الشروع في المقصود

إن المتأمل في أعماق التاريخ والغائص في لُجَتِه؛ ليخرج منه بالعجب العجاب.
فكلما نقبت وقلَّبت في صفحات التاريخ؛ وجدت الكثير والكثير من الفوائد والعبر، والتي قل من عرفها واستفاد منها.
فالقراءة في صفحات الأزمان، وأيام الأمم السابقة، وتاريخ الحركات والحضارات؛ لا شك أنها توصل إلى إحدى الحقائق الشديدة الأهمية، والتي يمكن أن تعتبر كناموس كوني.
تلك الحقيقة هي أنه على مر العصور والحقب الزمانية، وفي مختلف الجماعات والدول، كانت دائمًا ما تقوم الحركات والحروب والحضارات، وتتكون النظريات والقناعات، نتيجة أفكار وعقائد تمثلت في شخصيات وأفراد، أو أدوار وقرارات قاموا بعملها على المستوى الشعبي.
المهم أن عنصر الشخصية وتأثيرها في البناء الفكري والثقافي للأمم والشعوب؛ كان أمرًا متواترًا عبر التاريخ الإنساني عامة.
ولك أن تتأمل ذلك في شتى المجالات العلمية والاجتماعية والدينية، وكمثال على ذلك: فإنك لا تتأمل الفكر الغربي إلا وتجد رموزًا وأعلامًا، ساهموا في تكوُّن الفكر وصياغته.
فإنك لا تذكر الفلسفة إلا ولا بد أن تذكر سقراط وأفلاطون وأرسطو.
ولا تذكر رجال الكنيسة إلا وتذكر بولس ونيقولا الأول وإنوسنت الثالث ولوثر كينج .
ولا تذكر العلوم الإنسانية إلا وتذكر فرويد ونيتشة وماركس ودانتي.
وهكذا….
ولقد كنا أنهينا سلسلة مقالات في تطوُّر الفكر الغربي، ورسمنا خطوطًا عريضة لترسُّب ذلك الفكر، وذلك منذ اعتناق أوروبا النصرانية إلى التاريخ الحديث.
ولكن يبقى الكلام في الفكر الغربي لا زال في حاجة إلى الكثير من التوضيح، وذلك بسبب الشخصيات الكثيرة التي أهملنا الإشارة إليها أثناء السرد، وذلك خشية الاستطراد الزائد أو الإسهاب الممل الذي يُغيب الحقيقة عن القارئ.
وعلى سبيل المثال لا الحصر:
أشرنا في السابق إلى أن نظرية التطور لصاحبها تشارلز داروين، تم استغلالها على يد علماء اليهود (ماركس وفرويد ودوركايم)، ولم نُشر إلى العلماء الآخرين الذين ساهموا في تأصيل الدارونية، سواء في مجالات العلماء السابقين كلينين وستالين أو في المجالات الأخرى كنيتشة وسارتر أو كانوا قبل ذلك أصلًا كمكيافيللي، أو كان تأثيرهم من خلال مراكزهم كنيقولا الأول والقديس أوغسطين والإمبراطور قسطنطين وغيرهم ومن هنا كانت الحاجة -بعد أن تعرفنا على مرتكزات وثوابت الفكر الغربي- إلى تناول الأمر من جانب آخر، أي نتناول الشخصية ونناقش مدى تأثيرها على العقلية والنفسية الغربية.
ولا شك أن ذلك من الأهمية بمكان، خاصة لمن أراد التعمق أكثر في الأصول الفكرية الغربية ليزداد الأمر له وضوحًا وفهمًا، ولمن يجهل الكثير عن شخصيات ربما تكلم عنها الكثير بإفراط أو تفريط.
ولذا؛ سنشرع بإذن الله في تناول الشخصيات الغربية مرتبة ترتيبًا تاريخيًا، متبعين ذاك الترتيب الزمني الذي ذكرناه في السلسلة السابقة، وكان كالآتي:
1- اعتناق أوروبا رسميًا للنصرانية عام 325م.
-2تحريف النصرانية عقيدةً وشريعةً.
-3التسلط والظلم الكنسي وأثره في العقلية والنفسية الغربية.
4- الثورة الفرنسية عام 1798م.
-5 النظريات العلمية التي أعقبت الثورات العلمانية بأوروبا.
أما بالنسبة إلى أسلوب تناولنا للشخصية فهو على المنوال التالي:
1- ذكر ترجمة سريعة لحياة الشخصية.
2- ذكر مساهمة الشخصية في التاريخ الغربي عبر مجاله، وذلك من خلال أفكاره أو كتبه أو نظرياته …الخ.
3- بيان أثر ذلك في الفكر الغربي.
وأرجو أن يوفقنا الله تعالى في إيصال الفائدة للقارئ الكريم، وإلى الملتقى في أولى الشخصيات التاريخية، وهو سقراط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *