يأتي الخوف من الإسلام كما تصوره الدوائر المتصهينة من ازدياد انتشاره في الغرب على أيدي المهاجرين المسلمين، والذين يحتكون بالشباب الغربي فيؤثرون عليهم بسلوكهم، مما يؤدي إلى اعتناق العديد منهم للدين الإسلامي. وفي ازدياد أتباع الديانة الإسلامية في الغرب، تحرض الصهيونية والمؤسسات المتصهينة الغرب بخطورة أسلمة العديد من الشباب الغربي. وهذا ما يقرأ من خلال الأبحاث التي يطرحها صناع صدام الحضارات، لنرى ما يقوله “هنتغتون” من الخوف على الغرب من الإسلام من خلال المهاجرين من أتباعه: “الثقافة الغربية تتحداها جماعات في المجتمعات الغربية، وأحد هذه التحديات يأتي من المهاجرين من حضارات أخرى، والذين يرفضون ومستمرون في الارتباط مع قيم وعادات وثقافات مجتمعاتهم، هذه الظاهرة أكثر وضوحاً بين المسلمين في أوربا، وكذلك تظهر بدرجة أقل بين الأسبان في الولايات المتحدة والذين يشكلون أقلية واسعة، فإذا فشل الاحتواء، فإن الولايات المتحدة ستصبح دولة متصدعة، بحيث تصبح إمكانية الحرب الأهلية واردة..”.
– لماذا التحريض على الإسلام والمهاجرين المسلمين؟
يأتي هذا التحريض من التغيير المحتمل، فالغرب الذي أفلس روحياً، وانتشرت فيه ثقافة السوق والديمقراطية ذات النمط الرأسمالي، التي تعتمد على الاحتكار، والغنى الفاحش لطبقات رأسمالية محدودة العدد تملك ثروات هائلة، مع ازدياد عدد الفقراء والمتشردين، وارتفاع أعداد العاطلين عن العمل نتيجة السماح للقوى الرأسمالية بتراكم الثروة لديها، من خلال السلوك الاستغلالي لشعوبهم تحت ذريعة الحرية الفردية المطلقة، وعبر نهب الشعوب في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
فماذا كانت نتائج تلك الثقافة المبنية على الاستغلال سوى ثقافة اللهو، والغناء والرقص، والإباحية والشذوذ، والانتحار وغيرها؟ والتي أنتجت فراغاً روحياً.
بدأ الشباب الأوربي يبحث عن ملاذه، ووجد الكثير منهم في الإسلام ضالته، فبدأت حركة وإن كانت بطيئة نحو اعتناق الدين الإسلامي، فظهرت في مدن غربية عدة مساجد ومراكز الإسلامية، وبدأت تتشكل المجتمعات الإسلامية في أوربا وأمريكا، وإن كان اعتناق الإسلام من قبل الأوربيين قليل جداً، إلا أنه بدأ يؤرق مفكري وسياسي الولايات المتحدة وأوربا، فبدأت أجراس التحريض اليومي للمؤسسات المتصهينة لمنع انتشار الإسلام.
لهذا تشكل نوع من التحالف بين الساسة وعدد كبير من مفكري الغرب المتصهينين على معاداة الإسلام، إضافة إلى أنصار من أتباع المذهب الإنجليكي المتصهين والمؤسسة السياسية والعسكرية اليمنية الأمريكية، والتي تمثلها اليوم إدارة الرئيس “جورج بوش الابن” و”ديك تشيني” و”كوندليزا رايس” و”رامسفيلد” وغيرهم من مالكي القرار السياسي الأمريكي.
كما أن خلق عدو جديد للغرب هو الإسلام، في تصور المؤسسة اليمينية في الولايات المتحدة، يؤدي إلى استمرارية قيادة أمريكا للعالم الغربي، ويبقي هيمنتها على شعوب العالم، وانفرادها بمركز الدولة الأعظم في العالم، الذي تُرضخ السياسة الدولية وفق نهجها وإرادتها.
وجاء هذا الاختيار متوافقاً مع أهداف المشروع الصهيوني العنصري الاستيطاني، الذي يرى في الإسلام القوة الحقيقية في التصدي لـه وإجهاضه، فتوحد الصهاينة والمؤسسات الغربية فكريا وسياسيا في صناعة ما يسمى بالإرهاب الإسلامي كل حسب ما يخدم أهدافه.
وهذا ما عبر عنه جورج بوش الأب في عام 1991 وكلا من المستشار الألماني ورئيس الوزراء الفرنسي مع سكرتير حلف شمال الأطلسي في عام 1995، وعضو في إدارة كلينتون أشاروا بأن الأصولية الإسلامية خطيرة مثلما كانت الشيوعية للغرب.