في تصعيد خطير من الحكومة المصرية أقدمت شركة الأقمار الصناعية (نايل سات) التابعة للحكومة يوم الثلاثاء 12-10-2010م على إغلاق أربع فضائيات جديدة؛ ويتعلق الأمر بالمجموعة التابعة لشركة البراهين وهي قناة الناس؛ والخليجية؛ والحافظ؛ والصحة والجمال.
واعتبر بعض المحللين أن قرار وقف بث القنوات المذكورة لم يشكل مفاجئة عند المتابعين لمجريات الأمور في الساحة الإعلامية والفكرية والسياسية؛ ودخول الإعلام الفضائي عامة والإسلامي منه بخاصة مرحلة تكميم الأفواه..
وقد وصل التضييق الشديد على الفضائيات الإسلامية حد التدخل في رسم خريطة برامجها، والإيعاز إليها بإبعاد هذا الشيخ أو ذاك، وفرض أشخاص بعينهم كضيوف على برامجها.
ولا يغيب عن ذهننا ما تعرضت له قناة “الرحمة” التي يشرف عليها الشيخ محمد حسان من ضغوط انتهت بتوقف بثها على قمر “نايل سات” في مايو الماضي، بدعوى معاداتها للسامية وازدراء اليهود، كما زعم المجلس الفرنسي للسمعيات والبصريات في مبرراته لطلب الإغلاق، وعلى الرغم من أنها عادت للبث عبر القمر الأردني “نورسات” تحت اسم “نسائم الرحمة”، إلا أن الضغوط عليها وعلى غيرها من القنوات الإسلامية لم تنقطع.
وقد طال الإغلاق القنوات المذكورة نتيجة تصديها لدعاوى الطعن في القرآن الكريم؛ وردها على مزاعم الرجل الثاني بالكنيسة الأرثوذكسية في مصر “الأنبا بيشوي”، الذي ادعى التحريف في كتاب الله تعالى، بعد أيام من حديثه عن المسلمين في مصر بأنهم “ضيوف” على الأقباط “أصل البلد”، وتعرض القنواة الدينية أيضا لقضية احتجاز كاميليا شحاتة، زوجة كاهن دير مواس المحتجزة داخل الكنيسة منذ أواخر يوليو، على خلفية توجهها إلى الأزهر لتوثيق إسلامها.
حيث ألصق بالفضائيات المذكورة تهمة إشعال فتيل التوتر الطائفي في مصر على مدار الأسابيع الماضية، لكن في مقابل ذلك تم غض الطرف عن العديد من القنوات التنصيرية التي تستفز مشاعر ملايين المسلمين ومع ذلك تواصل بثها على قمر “نايل سات”، مثل قناة معجزة وقناة ctv وقناة أغابي التابعة للكنيسة التي تناولت بحدة حادثة الهجوم على النصارى في نجع حمادي قبل شهور، دون أن يحاسبها أحد على ذلك، ولم تطل أيًّا منها قرارات الإغلاق، على الرغم من خطابها الطائفي ضد المسلمين.
فالفضائيات الإسلامية التي جاء موقفها دفاعيًا في المقام الأول، وجدت نفسها متهمة بإثارة الفتنة الطائفية، وغيرها من اتهامات التي وجهتها لها الكنيسة وروج لها الإعلام العلماني في مصر، ممهدًا لمجزرة واسعة ضدها، بدأت بعد أيام من قرار وزير الإعلام المصري أنس الفقي بإعادة مراجعة الفضائيات التي تبث على “نايل سات” والتأكد من أنها تلتزم بتعاقداتها، وكانت البداية بقرار الشركة المصرية للأقمار الصناعة “نايل سات” في مطلع شهر أكتوبر وقف بث قناة “البدر” التي انطلقت في عام 2007، كقناة دينية اجتماعية تبث برامجها من القاهرة، بذريعة مخالفة ضوابط وشروط الترخص لها، بينما السبب غير المعلن هو قيامها باستضافة مجموع من العلماء للرد على تجاوزات المفتري “الأنبا بيشوي” الرجل الثاني في الكنيسة بحق المسلمين والقرآن الكريم.
وكان المبرر -كالعادة- لإصدار قرارات الإغلاق هو رصد بعض المخالفات لشروط التراخيص الممنوحة لتلك القنوات، وتجاوزها السقف في حرية التعبير، كما جاء في حيثيات قرار أسامة صالح رئيس الهيئة العامة للاستثمار.
وقد نفى مدير قناة الناس الأستاذ عاطف عبد الرشيد في تصريحات صحفية تلقيه أي إنذارات بشأن ملاحظات الجهات الإدارية على أداء القناة، وقال إنه على استعداد لتوفيق أوضاعه بما يتوافق مع قوانين الدولة.
وأوضح عبد الرشيد أن إدارة “نايل سات” أبلغت القنوات الأربع بوجود أمر بوقف إشارة البث من جانب رئيس الهيئة العامة للاستثمار، وأنهم فوجئوا بقطع إرسال القنوات بينما كانت البرامج تعرض على الهواء، مشيرا إلى أن اتصالات تجري حاليا مع الهيئة لتدارك الأمر والتوصل سريعا إلى قرار باستعادة الإشارة واستئناف البث.
وقد وضع المسئولون عن البث شروطًا للعدول عن قرارات الإغلاق، وهو استجابة إدارة تلك القنوات للعديد من الإملاءات، على رأسها “تطوير خطابها الإعلامي، والاستعانة بوجوه نسائية في برامجها المختلفة، وعدم التعرض للانتخابات البرلمانية المقررة في أواخر نونبر، أو الانتخابات الرئاسية في العام القادم، وتفادي إثارة قضايا تخص الأديان على شاشتها”؛ حرصا من تلك الجهات على عدم إغضاب الكنيسة في مصر المدعومة من الغرب؛ والمخطط لها أن تلعب دورًا حاسمًا في الانتخابات القادمة.
وهو ما يكشف بجلاء حقيقة القرار في التعامل بحزم غير مسبوق اتجاه الإعلام الإسلامي، ضمانًا لتمرير سيناريوهات مصيرية يجري الإعداد لها.