بعد الاعتداءات التي تعرضت لها السفارة المغربية قبل أسابيع، عاد أنصار النظام السوري إلى الاعتداء ليس على المصالح المغربية بل على المغاربة المقيمين بعدد من المدن سورية، وذلك عقابا لهم على كون المغرب هو الذي قدم المشروع الخاص بالوضع في سوريا إلى مجلس الأمن قبل أيام، علما أن المغرب لم يقم سوى بدوره كعضو في مجلس الأمن وممثلة المجموعة العربية فيه.
وأمام هذه الاعتداءات لم يجد العديد من المغاربة سوى المواقع الاجتماعية على الشبكة العنكبوتية لإرسال نداءات استغاثة، بعدما ارتفعت حدة التحرشات بالمغاربة المقيمين بسوريا إلى طرد من العمل وتعنيف بعضهم، وحجز وثائق الهوية لعدد منهم من طرف مشغليهم.
وأمام تزايد معاناة المغاربة بسوريا، قام مئات من المغاربة القاطنين هناك إلى طلب يد المساعدة من قبل السفارة المغربية بدمشق، والتي تستعد خلال الأيام القليلة القادمة إلى ترحيل عدد من الراغبين في العودة إلى المغرب. وكان العشرات من أفراد الجالية المغربية المقيمة بسوريا، قد عادت إلى أرض الوطن بعد تدهور الأوضاع الأمنية في هذا البلد.
ويؤكد المسؤولون بوزارة الجالية المغربية، أن هذه الأخيرة قد وضعت آلية مالية رهن إشارة السفارة المغربية في سوريا قصد التكلف بمصاريف رحلة وتذاكر أفراد الجالية الراغبين في العودة إلى المغرب، موضحا أن المساعدة تقدم لأي مواطن مغربي قصد السفارة وطلب الإعانة، وأن العملية مازالت مستمرة رغم استدعاء السفير المغربي.
وقال مسؤولون بوزارة الخارجية، إن القائم بالأعمال في السفارة المغربية بدمشق، وجميع الموظفين مجندون لاستقبال أفراد الجالية وتقديم المساعدة لهم على جميع الأصعدة، مشيرين إلى أن عددا من أفراد الجالية المغربية المقيمين بسوريا عادوا إلى أرض الوطن على نفقاتهم الخاصة.
وقد دعت جامعة الدول العربية مجلس الأمن الدولي في متم شهر يناير المنصرم إلى دعم مشروع قرار يطالب بشار الأسد بالتنحي، إلا أن السفير السوري في الأمم المتحدة ظهر في الواجهة مدافعا عن رئيسه.
وقال رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس وزراء خارجية الدول العربية حاليا، أمام جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا “إن الجامعة العربية تتطلع إلى دعم مجلس الأمن لمشروع القرار الذي اقترحته المغرب”.
ويهدف مشروع القرار الذي اقترحه المغرب ودعمته الدول الغربية، إلى دعم مجلس الأمن خطة الجامعة العربية التي تطالب الرئيس بشار بتسليم السلطة إلى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية في غضون شهرين، حتى يمكن إجراء انتخابات جديدة.
وصرَّح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدكتور سعد الدين العثماني؛ أن القضية السورية بالنسبة للمغرب تعد مسألة جوهرية وإنسانية بالأساس اعتبارا للمأساة الحقيقية التي يعانيها الشعب السوري.
وأوضح العثماني٬ في معرض رده على سؤال شفوي بمجلس النواب حول موضوع “دعم الشعب السوري”٬ أن المغرب٬ باعتباره العضو العربي الوحيد بالمجلس٬ قام بشجاعة بتقديم قرار إلى مجلس الأمن يهدف إلى دعم المبادرة العربية الرامية إلى إيجاد حل للقضية السورية٬ مبرزا أنه على الرغم من كل الجهود التي قام بها الدبلوماسيون المغاربة وإدخال جميع التعديلات التي طلبها بعض أعضاء المجلس فقد تم رفض القرار باستخدام حق النقض.
وأضاف أنه بعد فشل مجلس الأمن في التصويت على قرار لحل الأزمة في سورية٬ شارك المغرب في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة٬ وهو الاجتماع الذي توج بتوصية تدعو مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار بتشكيل قوات حفظ سلام عربية أممية مشتركة للمراقبة والتحقق من تنفيذ وقف إطلاق النار في هذا البلد٬ بالإضافة إلى وقف كل أشكال التعاون الدبلوماسي مع ممثلي النظام السوري في الدول والهيئات والمؤتمرات الدولية.
وشدد الوزير على تأكيد وتشبث المغرب بالثوابت المتعلقة بالحفاظ على وحدة سورية، ورفض أي تدخل عسكري والعمل على وقف نزيف الدم السوري٬ وكذا العمل في إطار المبادرة العربية.
غير أن مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري رفض مشروع القرار، قائلا أن الشعب السوري “لن يقبل بأي تدخل أجنبي في شؤونه الداخلية”.
واتهم السفير السوري -كالعادة- الإرهابيين بأنهم وراء عدم الاستقرار في سوريا.
وأعرب وزراء خارجية كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغواتيمالا وألمانيا والمغرب والبرتغال عن تأييدهم لمشروع القرار الذي عارضته روسيا العضو الدائم الذي يتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي.
وقال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن “حل الأزمة يمكن أن يوجد فقط من خلال عملية سياسية شاملة تقودها سوريا”!
وفي الوقت نفسه أعربت الصين عن معارضتها لاستخدام القوة لحل الأزمة السورية. وقال لي باو دونغ، مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، إن الصين تتمسك بوجهة نظر مفادها أنه يجب احترام طموح الشعب السوري في الإصلاح وحماية مصالحه.. ومن المهم وضع نهاية فورية للعنف الجاري في سوريا”!