عمر الشرقاوي*: القراءة السياسية يجب أن تكون حذرة.. وهناك تحول في الممارسة السياسية بالمغرب حاوره: مصطفى الحسناوي

كنت اطلعت على بعض تدويناتك بخصوص الوضع السياسي، أصرحها كانت تدوينة قبل شهرين توقعت فيها هذه الإعفاءات والإقالات الملكية لعدد من المسؤولين، وهل كانت هناك مؤشرات على هذه الخطوة؟ وهل كانت هذه الاعفاءات منتظرة أم مفاجئة؟
التخوف كان ألا يقع أي شيء بعد خطابين ملكيين، خطاب العرش وخطاب افتتاح الدورة التشريعية، بالإضافة إلى مناسبتين في المجلس الوزاري، قبل تشكيل لجنتي تفتيش للمالية والداخلية وحرمان وزراء من عطل، إذن كان التخوف ألا تكون هناك قرارات بعد هذه الأربع لحظات الدستورية التي لها وزنها. لذلك فإن القرارات هي تنزيل عملي لهذه المناسبات التي انتقد فيها الملك الطبقة السياسية، وانتقد فيها الإدارة، وتؤشر على أن تكون بعض القرارات مثل التي جاءت رأينا.

بعد هذه المحطات التي ذكرت هل يمكننا القول أن الدولة تعترف بفشل النموذج التنموي والسياسي، وكان اعتراف خطاب الملك فشل النموذج التنموي، هل هو اعتراف بفشل النموذج السياسي؟
النموذج السياسي ليس هو النموذج التنموي، وليس بالضرورة أن تكون لهم نفس الأزمنة السياسية، ممكن أن تقع هناك مشاكل حكومية، بعض الأزمات الحكومية، لكن هذا لا يعني فشل النموذج السياسي. لكن، هل عندنا أصلا نموذج سياسي؟ ومتى تم الحديث عن النموذج السياسي؟ يوجد الحديث عن النموذج التنموي، ولكن النموذج السياسي لا أظن بأنه تم الحديث عنه كتصور واضح له أهدافه وأجنداته.
النموذج السياسي المغربي هو ذاك النظام الاجتماعي الذي تتم فيه بعض العلاقات السياسية والتي لا يمكن أن تكون دائما جيدة وفعالة، الأنظمة السياسية قريبة منا أو حتى الديموقراطية وفيها الكثير من المطبات والارتدادات، لكن هذا لا يعني فشل النموذج، لا أظن أنه عندنا نموذج سياسي وضِع حتى نقيمه.

في نظرك، لماذا لم نرى مجموعة من المسؤولين والشخصيات التي كانت مرتبطة بشكل أو بآخر بمشروع منارة المتوسط لم نرها لا في لائحة الموقوفين ولا في لائحة المغضوب عليهم؟
هذه من المسائل التي يصعب فيها الإجابة، صعبة لأنها مرتبطة ببعض التقارير والتفتيش والتدقيق، وكما أقول مثلا لماذا لم يحملوا عزيز الرباح المسؤولية أو عزيز أخنوش؟ ولكن في المقابل لماذا يجب أن يتحملوا المسؤولية، ليس عندنا ما نثبت به أو نرفض، يعني علاقتنا مع المؤسسات هي التي تجعلنا نقيم.
هل يمكن أن يكون الجواب سياسيا مثلا، ربما لاستخدامهم للتوازنات السياسية مستقبلا؟
ولكن ما هي الأسانيد التي يمكن أن تستند عليها لكي تعطي لهذا التفسير معنى، وإذا أخذنا هذه الأبعاد السياسية ما هي المبررات التي تجعل الغضبة تكون على حزب الحركة الشعبية؟ يعني ماذا تشكل الحركة الشعبية حتى يكون عندها النصيب الأكبر من الغضبة؟ هل كانت ورائها نزعة سياسية ما؟
حصاد هل كان الموقف منه ذو نزعة سياسية؟ ألم يكن ذلك مسا بالتوازنات التي كنا نقول أنه يمكن أن يكون أمينا عاما لحزب الحركة الشعبية المقبل؟
أين يمكننا أن نضع الآن هذه القراءة السياسية عندما لا تتوفر لك بعض المعطيات الكمية، تصبح قراءة ذات محدودية وقصور والتي لا يمكنك من خلالها أن تثبت أي شيء، والمنطق أنه كان ينبغي وفق القراءة السياسية المتداولة، ومن الممكن، أن يكون توجيه غضبة لعبد الإله بنكيران، أو غضبة على الأقل لأعضاء حزب العدالة والتنمية.
إذن القراءة السياسية يجب أن تكون حذرة، نحن نعرف علاقة الأحرار، ولكن هل هناك من شيء يثبت، لأنه حتى لو جاءت الجزاءات موزعة على أربعة أحزاب سوف نقول لماذا مثلا لم يأخذ وزير تقنوقراطي.. لماذا لم يزال هذا؟.. لماذا لم يتم إقالة هذا أو ذاك؟.. لذلك في جميع الحالات وكيفما كانت القرارات ستبقى جوانب التساؤل مطروحة وتفسيراتها مطروحة هل هي سياسية أو محض عقوبات لمن ثبت في حقهم تجاوز ما.
بين من يعتبر هذه الخطوة أنها بداية لمرحلة جديدة في ممارسة السلطة أو من يعتبرها أنها مجرد در للرماد في العيون والهروب إلى الأمام، كيف تقيمون أنتم هذا الوضع؟
يوجد هناك قراءة للسياسي ويوجد هناك قراءة الباحث، بالنسبة لي لا يمكنني أن أغمض عيني على بعض السلوكات التي تقع في النظام السياسي، الشيء الذي قام به الملك لا يمكنني القول أن هذا مجرد حساب سياسي، لأنه اليوم أمامي وقائع، الوقائع التي قامت بمحاسبة عدد من رجال الدولة سواء في الجانب السياسي أو في الجانب التقنوقراطي، هل تعتقد بأن الفاسي الفهري شخص عادي؟ أو حصاد أو بن الشيخ أو مسؤولين آخرين الذين سيكونون في الإدارة الترابية وعمال؟ هل يمكن أن نعتبر أن هذا الشيء أمر عادي؟
لا، فأنا أظن أنه وفق المعطيات المتوفرة ربما يكون هذا مؤشر على التحول في الممارسة السياسية بالمغرب، تحول في العلاقة مع المسؤولية، أظن بأن الملك كان حريصا على توظيف ثلاث فصول في الدستور، الفصل 1، الفصل 42، الفصل 47، لا أظن بأنه مجرد ذر للرماد، الملك قام بخطابين ملكيين وبمجالس وزارية واستدعى الدستور فلا أظن بأن هذا السلوك مجرد در للرماد، وحتى إن كان الرماد من هذه الطبيعة فهو مرحب به إذا كانت سلوكات الرماد هكذا، تزيح وزير الداخلية وتزيح عددا من الوزراء، فهذا رماد جيد، وربما يكون الكثير من هذا الرماد يقود إلى إعادة بناء السياسة بالمغرب.
ختاما، ما هي السيناريوهات في نظركم للتشكيلة الحكومية المقبلة؟
أولا، بالنسبة للسيناريوهات لا يمكن أن نتكلم على سيناريو واحد، كل سيناريو وله مواطن القوة وعناصر الضعف، وكذلك يواجه الإكراهات، في الإطار الزمني من المفترض أن حكاية التعديل هذه ستنتهي من هنا إلى عشرة أيام، لأنه ستبدأ مناقشة ميزانية الوزارات بالبرلمان، وسيكون من الصورة السيئة ألا نجد من يناقش ميزانية وزارة الصحة وزارة التعليم ووزارة السكنى.
صحيح أن رئيس الحكومة يملك الإمكانية الدستورية والقانونية لكي يكلف أي وزير في إطار التضامن الحكومي، لكن أظن أنه مع ذلك لحظة مناقشة ميزانية وزير هي لحظة سياسية سيكون فيها التزامات سيكون فيها الوعود وسيكون فيها المسؤولية التي تقوم طيلة السنة.
لذلك أظن أن هذه الحكاية ربما يتم تجاوزها، لكن إذا كان الهدف أكبر من مجرد تعديل جزئي وتقني أظن بأن الأمر يمكن أن يفتح إلى أوسع من ذلك بإدخال أو إعادة النظر في مقومات التحالف.
في جميع الحالات اثنان من السيناريوهات الكبيرة. بغض النظر عن الخيارات الصغيرة، التي تتفرع على كل سيناريو، هناك سيناريو تعديل شكلي وتقني بسيط ، تعويض وزراء تم أعفاؤهم بوزراء آخرين من نفس اللون، وهناك التعديل الذي يمكن أن يقود إلى إعادة النظر في مكونات التحالف الحكومي.
ــــــــــــــــــــــــــــ
* باحث في القانون الدستوري والسياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *