من هو عبد القادر ملا، ولماذا أعدم؟ إعداد: مصطفى الونسافي

من هو عبد القادر ملا؟
الشيخ عبد القادر ملا، زعيم إسلامي بنغالي من مواليد 1948، كان يعد من أبرز الزعماء المعارضين للتيار العلماني في بنغلاديش، وكان رحمه الله يعمل صحفيا قبل أن يصبح زعيما للجماعة الإسلامية التي تعتبر من أقوى الحركات السياسية المعارضة للأحزاب العلمانية المهيمنة على الحكم في بنغلاديش والمدعومة بقوة من الهند ومن الغرب عموما.
محاكمته
في فبراير 2013 حُكِم على الشيخ ملا بالسجن مدى الحياة من قبل محكمة استثنائية تم إنشاؤها من قبل الحكومة البنغالية في سنة 2010، لمحاكمة من رفض الانفصال عن باكستان عام 1971؛ ثم طعن دفاع عبد القادر ملا في الحكم، حيث أنكر الشيخ التهم الموجهة له، وفي شتنبر الماضي حكم عليه بالإعدام.
وعبد القادر الملا هو أول شخص يتم إعدامه من القادة الإسلاميين الخمسة الذين حاكمتهم المحكمة الخاصة للنظام الحاكم وحكمت بالإعدام على عدد منهم وكان من المقرر أن ينفذ الحكم على ملا الثلاثاء، قبل أن يحصل على مهلة قدم خلالها استئنافه لكن القاضي رفض استئناف ملا للحكم الأول.
رده بعد صدور الحكم بإعدامه
قبل موعد إعدامه بيوم واحد، تلقت عائلة الشيخ عبد القادر ملا إخطارا من إدارة مصلحة السجون بزيارته في محبسه في السجن المركزي؛ وخلال اللقاء أبلغ الشيخ ملا أفراد عائلته بأنه لا يعرف شيئا عن إخطار إدارة مصلحة السجون عائلته باللقاء معه، وقد علم بذلك بعد أن التقى بعائلته في السجن، مضيفا بأنه وحتى الآن لم يتم تبليغه رسميا بموعد تنفيذ الحكم.
وقال لعائلته: «إنني كنت وليكم، وإذا قامت الحكومة بقتلي بطريقة غير شرعية وغير قانونية فإنني سأموت موتة الشهداء، حيث إن الله سبحانه وتعالى سيكون وليكم بعد استشهادي، فهو خير حافظا وخير ولي، ولهذا لا داعي للقلق، فأنا بريء تماما من جميع التهم التي وجهت إليّ».
وأضاف: «إنني وبسبب ارتباطي بالحركة الإسلامية في هذه الدولة تقوم الحكومة بقتلي، فليس كل واحد منا يستطيع أن يفوز بالشهادة، وهذا تكريم وشرف من الله عز وجل أن يسر لي أن أموت موتة الشهداء، وهو ما سيكون من أعظم ما اكتسبته في حياتي فالشهيد هو الذي يتذوق حلاوة شهد لا يشعر بها سواه، وكل قطرة من دمي ستعجل بسقوط الظالم المستبد وستزيد الحركة الإسلامية قوةً ونشاطًا، فأنا لست قلقًا على نفسي بقدر ما أنا قلق على مستقبل هذه الدولة والحركة الإسلامية والصحوة الإسلامية في هذا البلد، وقد قدمت حياتي فداء للحركة الإسلامية والله على ما أقوله شهيد».
ردود الفعل داخليا تجاه الحكم بإعدامه
بعد إصدارها الحكم بإعدام الشيخ عبد القادر ملا، تلقت المحكمة انتقادات كثيرة وجهتها عدد من المنظمات الحقوقية البنغالية، حيث اتهمت الأخيرة القضاء البنغالي بعدم التزام المعايير الدولية، كما اعتبرت المعارضة الإسلامية الحكم محاولة سياسية لإضعافها والانتقام منها، فيما استنكر زعماء سياسيون وإسلاميون الحكم وعدوه نوعا من الحرب على أي توجه إسلامي، وأكدوا أن مثل هذه الممارسات تدخل في إطار التضييق على المعارضة الإسلامية القوية التي تقف بحزم في وجه السياسات العلمانية الرامية إلى تغريب المجتمع البنغالي المسلم.
ردود الفعل خارجيا تجاه الحكم بإعدامه
أدانت مختلف الحركات والهيئات والمؤسسات الإسلامية حول العالم الحكم بإعدام الشيخ عبد القادر ملا رحمه الله، حيث انتقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عملية الإعدام الظالمة، وحمل الحكومة البنغالية المسؤولية عما يتعرض له المسلمون من ظلم واضطهاد، وخاصة العلماء والدعاة، كما أدان حزب حركة النهضة التونسي في بيان أصدره في 13 دجنبر إعدام ملا، وقالت الحركة أن دوافع الحكم كانت سياسية، ودعت المنظمات الدولية إلى الضغط على بنغلاديش لإيقاف حكم الإعدام بحق أربعة نشطاء آخرين من حزب الجماعة الإسلامية، ودعت إلى إعطاء حزب الجماعة الإسلامية حق النشاط السياسي في البلد.
الدكتور امحمد طلابي: إعدام ملا يدخل في إطار الحرب على الإسلام
في تصريح خص به “السبيل”، قال المفكر المغربي الدكتور امحمد طلابي، رئيس منتدى الوسطية «مؤلم جدا ما حدث في بنغلاديش من إعدام الشيخ الجليل عبد القادر ملا، وأنا أعتبر أن إعدامه من طرف حكومة الطغاة في بنغلاديش يدخل في إطار المؤامرة العالمية لمحاربة الإسلام، والوقوف أمام المد الذي تشهده الحركة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي؛ فما حدث للشيخ ملا في بنغلاديش، والانقلاب على مرسي في مصر، إلى جانب التآمر الدولي لوأد الثورة السورية، كل ذلك يؤكد أن المستهدف الأول هو الإسلام، فهم الآن يحاربون المد الإسلامي في رموزه الكبرى، وإعدام عبد القادر ملا رحمه الله جزء من هذه الحرب».
صمت رسمي عالمي
باستثناء تركيا وقطر، لم يستنكر أي نظام عربي أو إسلامي -فضلا عن الأنظمة الغربية- الحكم بإعدام الشيخ عبد القادر ملا رحمه الله.
وكان آخر ما أوصى به عائلته في لقائه بهم قبيل إعدامه أن قال لهم: «تحلوا بالصبر، لأن هذا هو الطريق الوحيد الذي به ستنالون الأجر من عند ربكم، إنني أطلب من الشعب الدعاء بأن يتقبل الله شهادتي، بلغوا سلامي للشعب».
وفي عشية يوم الخميس 12 دجنبر 2013، أعدم العلمانيون الشيخ عبد القادر ملا، رحمه الله وتقبله في الشهداء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *