بين التشيع الخفيف.. والتشيع الغالي

وأما ما ذكره أبو حفص من تشيع أهل الكوفة ليحتج به على جواز التشيع، وأن من التشيع ما هو محمود.
قال الشيخ أبو سفيان مصطفى باحو: فأهل الكوفة أصناف يا أستاذ: منهم الرافضي كثوير بن أبي فاختة؛ وعمرو بن ثابت بن هرمز الكوفي؛ وعمرو بن شمر الجعفي وغيرهم، ومنهم الشيعي الغالي كمحمد بن فضيل بن غزوان الضبي وغيره، ومنهم الشيعي الخفيف كسفيان الثوري؛ وسلمة بن كهيل؛ والحكم بن عتيبة وأمثالهم.
والتشيع الخفيف معناه مزيد محبة لعلي، وذكر فضائله وتفضيله على عثمان، والمبالغة في ذكر مثالب النواصب من بني أمية كيزيد وغيره، مع عدم التعرض للصحابة بما فيهم معاوية ومن معه بشيء، وتقديم أبي بكر وعمر.
وفرق شاسع بينك وبينهم، فتنبه.
قال الذهبي في تاريخ الإسلام (5/169): قلت: بهذا الاعتبار قال أحمد بن عبد الله العجلي في الشافعي: كان يتشيع، وهو ثقة. قلت: ومعنى هذا التشيع حب علي وبغض النواصب، وأن يتخذه مولى، عملا بما تواتر عن نبينا صلى الله عليه وسلم: “من كنت مولاه فعلي مولاه”. أما من تعرض إلى أحد من الصحابة بسب فهو شيعي غال نبرأ منه، ومن تعرض لأبي بكر وعمر فهو رافضي خبيث حمار، نعوذ بالله منه.
وقد فصل الذهبي في ميزان الاعتدال (1/5) أصناف التشيع وضابط كل صنف، فقال: البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بينة. ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة. وأيضاً فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا، بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل نقل من هذا حاله! حاشا وكلا. فالشيعي الغالي في زمان السلف وعُرْفِهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب عليا رضي الله عنه، وتعرض لسبهم. والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين أيضاً، فهذا ضال معثر. انتهى.
أي: الشيعي الغالي هو من طعن في معاوية وأصحابه من الصحابة وسبهم.
وقد قدمت أن الحكم عليهم بكونهم من أهل النار أعظم من سبهم. وبالتالي فمن حكم على معاوية وأصحابه بأنهم من أهل النار فهو شيعي غال. وليس تشيعه تشيعا محمودا، فافهم، والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *