أسد علي وفي الحروب نعامة خرقاء تنفر من صفير الصافر
غدا هذا البيت منطبقا على الزعيم القومي بشار الأسد، الذي سلِمت منه صدور اليهود، ولم تسلم منه صدور شعبه، وهو الذي أقسم أن يظل وفيا لهم، مدافعا منافحا عن مصالحهم، مجهزا أسلحته وجيشه لخدمتهم، فكان كذلك لكن ليس لخدمتهم، بل حشد قوته ضدهم. على حد قول القائل:
وإخوان حسبتُهم دروعًا … فكانوها ولكن للأعَادِي
وخلِتُهُم سهامًا صائباتٍ … فكانوها ولكن في فؤداي
لماذا اخترنا الملف
الزمان: القرن الواحد والعشرون.. زمن فاضت فيه الأقلام تشدقا بالحقوق، وضجت الشوارع بنبذ العنف والمناداة بالحرية.
المكان: سوريا، أرض الشام، أرض الشجاعة وعزة الإسلام.
الشخصيات: أسد، وشعب، وضب، وثعلب.
أما الأحداث فتختزلها الأعين والمسامع في وابل من سجيل تمطرها اليد الأسدية قنابل وقذائق كل يوم على رؤوس الشعب السوري الأعزل، لتزرع في القلوب الرعب والهلع والخوف، فتحاول في خفاء إنبات طائفيتها بين ربوع سورية الأبية، ثم تسقيها بماء آسن له ريح فارسية، فيقرأ عليها الأسد وِرد أبي لؤلؤة فتستقيم بعد ذلك شجرة نصيرية لها في الأصل عرق هالك منذ اثني عشر عاما، إنها شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، وفي الأخير يعلن الأسد الفصل صيفا، ويقرره بكل استبداد ليرسل مناجله لحصد أرواح الآلاف من الشعب السوري، لكن الشعب يعلنه ربيعا مليئا بالأمل، مبشرا بالحياة، فنبتة الحرية إن قطف وردها، فهي ضاربة بجذورها في وطنها، وفي قلبها مئة حبة تنتظر الانفلاق.
لم يكن يجدي عام من التشاورات، ولا مئات من الندوات والمؤتمرات، ولا ألوف التنديدات من دول عظمى كانت أو صغرى، ولا حتى التهديدات من هيئات عالمية، فقد ألفت الجماهير الإسلامية هذا المشهد، ولا إخال أحدا يقرأ التاريخ يثق بعد كل ما حدث في مسرحيات أصحاب القرار، حتى ولو جرت الدماء وديانا، ما دام فصيلته الإسلام.
ويكاد القلب يتفطر كمدا حينما يرى الخصوم تتخاصم إلى الأعداء، وتنتظر جامعة العرب أن يبث الغرب في أمور العرب والمسلمين، ولا غرو في ذلك ما دام هو أصلا لا يجتمع إلا بإذن غربي.
أما الموقف الغربي فجنسيته مصلحية، ودينه المقابل والفائدة، فعدو الأمس لو أصبحت التمرة في يده يصير خليل اليوم، وصديق الأمس ما دام اليوم مجرما -وقد كان- فهو عدو لدود.
حكى أصحاب الأدب أن أرنبا التقطت تمرة فاختلسها الثعلب، فأكلها، فانطلقا يتخاصمان إلى الضب، فقالت الأرنب: يا أبا حسل، فقال: سميعاً دعوت. قالت: أتيناك لنختصم قال: عادلا وحكيماً. قالت: فاخرج إلينا، قال: في بيته يؤتى الحكم. قالت: إني وجدت تمرة حلوة قال: فكليها. قالت: اختلسها الثعلب. قال: لنفسه بغى الخير. قالت: فلطمته. قال: بحقك أخذت، قالت: فلطمني. قال: اقتص. قالت: فاقض بيننا. قال: قد قضيت.
وفيما سيأتي معك في هذا الملف عِبر وحكم من الصحابة الكرام، وشهادة على أن العرب قوم ذلة ومهانة، أعزهم الله بالإسلام، فمتى فارقوه فارقتهم العزة ولزمهم الهوان.
ولما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب حسب الاستطاعة والقدرة، فأقل ما تستوجبه منا الدماء السورية بصفتنا شعوبا ضعيفة، التضامن معها بسلاح القلم، ووقوفا ضد الاستبداد والظلم، وكشفا لحقائق الطائفية الحاكمة في سوريا، وانتصارا للأنفس البريئة، ومقاربة لقول نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين تتكافأ دماؤهم، وذمتهم واحدة يسعى بها أدناهم؛ تنشر السبيل بين يديك ملفا عن سوريا وعن حقيقة النظام فيها.