كم يشتد حنين المرء حين تستقر به الحياة، ويطول عمره، ويقرب أجله، ويشرف على الرحيل، إلى ولٍد من نطفته، يمد من عمره القصير، ويخلفه بعد الرحيل، يحمل اسمه، ويكون له أثراً يدل عليه، قال صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث..” منها ولد صالح يدعو له.
نعم .. إن المال والبنون زينة، “المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا” (الكهف) زينة ولكنهم ثمرة الفؤاد، وفلذات الأكباد، وبسمات الوجود، وزهرات الحياة، هم جَنْي البشرية الشهي، وقطفها الزكي، وعبيرها الفواح، هم بقاء للبشرية وامتداد لها، واستخلاف في الأرض واستثمار لها، وبناء للحياة واستمرار لها، فحب الولد والحنين إليه حقيقة كائنة في كيان كل إنسان سوي، وساكنة في كل ضمير حي، تتفق مع النظام الإلهي والبقاء والاستمرارية في حياتنا الزائلة..
ولكننا في عصرنا وحضارتنا المليئة بالعادات الوبيئة، والوسائل الإعلامية الخليعة والمستوردة بأنواعها، جعلنا من أبنائنا وفلذات أكبادنا عرضة للانحرافات الخلقية والعادات السيئة، التي لا ينقذنا منها بعد الله سوى التمسك بتعاليم الإسلام السمحة، والابتعاد عما يتلوث به الأبناء، وذلك بحسن التربية الشرعية، حتى يكون لنا الأجر والثواب، ولهم الصلاح والعفاف، والبعد عن الرذيلة. وتربية الأولاد مسؤولية عظمى، سوف نسأل عنها أمام الله (عز وجل).
فاتقوا الله في الأبناء، وارحموهم أيها الآباء، واعلموا أنكم مسؤولون عن هذا التحلل والتأثر بأخلاق الشرق والغرب.