البرنامج السياسي والعسكري للجنرال ليوطي (1912) ذ. إدريس كرم

بمجرد وصول ليوطي لفاس بعد تكليفه كمقيم عام بالمغرب، وضع الخطوط الكبرى لبرنامجه العسكري والسياسي طبقا لتوجيهات حكومته، ورفعه لرئيس الحكومة الذي أحاط به اللجنة الخاصة بذلك في مجلس النواب، ثم نشر بعد ذلك وفي ما يلي ملخصه:
“لاقتراح ترسيخ السلطة الفرنسية حاليا في المناطق المحتلة، وذلك بواسطة إنشاء تنظيم سياسي واجتماعي واقتصادي بها، وهذه الأماكن توجد في الشاوية ومحيطها، ومنطقة فاس والرباط المحدود شمالا بالمنطقة الإسبانية وجنوبا ببلاد الزياني (المقصود موحا وحمو).
منطقة الرباط فاس تتطلب مجهودات إضافية باعتبار أن فاس هي مفتاح الوضعية.
في فاتح يونيو 1912 قام كلون بقيادة الكلونيل كورو المؤلف من خمسة أفواج وثلاثة فصائل محمولة 75، وثلاثة فصائل جبال، وسريتين صبايحي، واشْريفيان (القوات الشريفة التابعة للسلطان) بتشتيت الأعداء الذين علم بأنهم يتجمعون على بعد عشر كلومترات شمال شرق فاس بالحجرة الكحلة، ثم دخل فاس بعدما مشط المنطقة وقضى على العدو في اليوم الثاني من شهر يونيو 1912 الذي احتل منحدرات جبل زلاغ.
وبذلك عادت الحياة مجددا لمدينة فاس، وسمحت للمقيم العام بجمع دعيرة الحرب التي فرضت على سكان المدينة عقابا لهم على ثورة العسكر يوم 17 ماي، وتولى رؤساء الحركة المهمين صرف من بقي يحاول المقاومة داخل المدينة لخارجها فتكونت مجموعات مقاومة على واد اللبن على بعد 35 كلم شمال فاس مع الشريف الهجامي، وبجانب صفرو في عين بومرشد مع سيدي رحو.
جبالة الذين تفرقوا في كل الحركات ضد فاس، وتحركوا مع زمور وزعير، وبعثوا بنداءات لزيان ليقوموا ضدنا، وقطعوا مع غيرهم المواصلات بين مكناس وطنجة، وأزالوا خطوط الاتصال التلغرافي، ولم يعد البريد الفرنسي يصل فاس أو يخرج منها من 26 مايو لغاية 8 يونيو 1912، كما شنوا هجمات على مراكزنا في تافوديت وصفرو نتج عنها ستة قتلى و27 جريحا.
لقد أصبح من اللازم تحرك البوليس بقوة في ناحية فاس وجنوب ناحية مكناس، وقد عهد بها للجنرال كورو والجنرال دالبيز؛ القائدان معا تتبعا خطوات تجمعات الثوار لتفكيكها وإعادة مكوناتها المعروفة للنظام، وإبعاد الرافضين لمسافات بعيدة عن العاصمة وخطوط المواصلات” (ص:100).
عمليا ت الجنرال كورو
غادر الجنرال كورو فاس في 15 يونيو 1912 على رأس خمسة أفواج ونصف وسريتي بطارية محمولة وأربعة فصائل لمدفعية الجبال، قطع حوالي 30 كلم شرق فاس وتمركز في سوق الثلاثاء موغبلا، وقد هاجم الأعداء قافلة تموينه في 18 يونيو 1912 حيث خسرت 12 قتيلا وخمسة جرحى مما أزعج المعسكر.
سير الجنرال مفرزة نحو الشرق، بقيادة الكومندان جرالت، الذي دافع الأعداء بحيوية يوم 18 و19 من الشهر، مواصلا سيره نحو الشمال لتشتيت المجتمعين الأساسيين من لحياينة حيث كانت مقاومتهم قوية، وقد خسرنا فيها قتيلان و13 جريحا.
عاد الجنرال لسوق الثلاثاء موغبلا بمجرد توصله بإمدادات لمهاجمة التجمعات الكبيرة للثوار المتمركزة في المرتفعات بين جمعة سكراته وكرنة (12 كلم) شمال شرق سوق الثلاثاء، وبعدها سوق أربعاء تيسه.
في 28 يونيو أمام ظهور قواتنا، جاءت عدة قبائل تقدم الطاعة والخضوع، وتطلب الأمان، وتحت حماية قواتنا أمكن لحصادة فاس، حصاد المحصول في سهل سبو، لكن ظهور روكي جديد في فشتالة يقود ثوار شمال فاس واجبالة، جعل الجنرال الذي كان معسكرا على بعد 25 كلم من تواجد هذا الروكي يهاجمه يوم 6 يوليوز، واستولى على خيمته وعدد كبير من الذخيرة، وقد فقد الكلون ثلاثة قتلى و18 جريحا.
عمليات الجنرال دالبيز
عاد الجنرال دالبيز مع قوة كبيرة مكونة من أربعة أفواج وفصيلتين وثلاثة سرايا جبال، حيث تحركت يوم 17 يونيو وعسكرت يوم 18 منه في أسفيان سيدي عبد السلام على بعد 26 كلم جنوب شرق الحاجب و52 كلم جنوب شرق مكناس.
من هناك هاجم قصبة إفران في 19 يونيو فسقط له 21 جريحا، وهدم قصبتين للقائد أيت حماز يوم 20 يونيو، وفقد ثلاثة قتلى وستة جرحى، وانساب نحو جماعة فخدة بني امطير، حيث هاجم الثوار هناك يوم 21 يونيو في الساعة الحادية عشر ليلا، فدارت حرب طاحنة طيلة الليل جعلت الثوار يفرون نحو تارزوت على بعد 25 كلم جنوب شرق صفرو، وقد خلف الهجوم أربعة قتلى وستة جرحى، كما هزم بنو امطير يوم 23، تاركا ثلاثة قتلى وثلاثة جرحى، ثم عاد للحاجب.
في سوس كان الهبة ومن يتبعه من القبائل يطرح نفس المشاكل التي نواجهها حول فاس وصفرو، بالنسبة لمراكش حيث يتواجد كبار القياد المحليين.
الوضعية العسكرية
تمركز قلق الحكومة وانشغالاتها بمسألة الأمن المتمركزة على النقط الأربعة التالية:
1- الاحتفاظ في المغرب بقوات كافية لمساعدة المقيم العام على إدارة القبائل الخاضعة.
2- تخليف القوات العاملة المنهكة.
3- إعادة تنظيم التخوم الجزائرية المغربية.
4- تنظيم النقل الاستراتيجي للتموين والتجارة ونقل السلع والبضائع.
قواتنا بالمغرب
تبلغ عدد قواتنا حاليا بالمغرب نحوا من 50270 رجلا مكونة من:
– المشاة
أربعة أفواج من ازواوا، قناصة، 19 فوج أجانب، ستة أفواج وثلاثة سرايا مشاة أفارقة، فوجان مشاة استعمار، ستة أفواج سنغاليين، خمسة أفواج هندسة وإسعاف، المجموع 42 فوج وثلاثة سرايا.
– الخيالة
قناصة إفريقيا 19 كوكبة صبايحي، 18 كوكبة اصبايحي المجموع 21 كوكبة
المدفعية المحمولة: 9 بطارية، مدفعية الجبال: 7 بطارية، المجموع 16 بطارية.
الهندسة: ثمانية سرايا، خمسة سرايا قطار، تسعة قوافل مساعدة وإسعاف.
الكوم العربي المختلط 1800.
قوات مساعدة مغربية 4350.
الدعم المنتظر المأمول من الحكومة
– المشاة 5 أفواج.
– مدفعية الجبال بطارية واحدة.
– الخيالة كوكبة.
قد يطلب الجنرال ليوطي تأخير الدعم لغاية الحصول على المعلومات اللازمة لوقت وصول تلك القوات الداعمة.
مسألة إرسال تعزيزات جديدة تضع عدة عراقيل لأنه لا يمكن استدعاء وحدات من المتربول دون أن تطرح مساوئ، لكن يمكن أخذ بعض الوحدات من الجزائر وتونس قد تصل 12300رجل وبذلك تصبح قوات الاحتلال كالتالي:
– القوات المساعدة المغربية 4000 رجل.
– قوات سنغالية 11000 رجل.
– قناصة واصبايحية جزائريين وتونسيين 13000 رجل.
– فوج إفريقيا والنقل الأجنبي 5000 رجل.
– قوات الاستعمار الفرنسي 6000 رجل.
– قوات المتربول الفرنسي 12300 رجل.
المجموع 51300 رجل.
تقويم القوات بالمغرب
التقويم الجماعي حسب الوحدات المنظمة.
التقييم الفردي والشهري.
التقييم الجماعي امتاز بأنه لم يتوقف ارتباطه على اتفاق مع قائد قوات التدريب من أجل الحصول على الوحدات الأهلية والخاصة، وهذا تدقيق مهم جدا يجعل المنتسبين للتدريب تحت أمر المدربين ولا يشكل عرقلة في المشاركة في العمليات العسكرية التي تقوم بها قواتنا على القبائل باسم السلطان.
إعادة تنظيم الوحدات الجزائرية المقيمة بالمغرب أو على الحدود المغربية الجزائرية المكونة من ثلاثة أفواج قناصة عادية على التخوم وفوج للفرقة الثانية أجنبية وكوكبة من الفرقة الأولى اصبايحي وثلاثة كوكبات من الفرقة الثانية اصبايحي المستقرة عادة.
إعادة التنظيم للحدود المغربية الجزائرية
لغاية شهر نونبر الأخير كانت الحدود الجزائرية المغربية قسمين.
التي في الشمال تابعة لمصلحة وهران، والتي في الجنوب تابعة لحدود الجنوب الجزائري والتل تحت رئاسة المقيم العام، دون انتظام للتنظيم السياسي والإداري للبلاد.
قانون 27 نونبر 1912 حذف ارتباط الحدود المغربية بمصلحة وهران، وفي نفس الوقت زال المقيم العام وعين مكانه الجنرال اليكس كقائد عام لقوات احتلال الحدود المغربية مقيما في وجدة ويشرف في نفس الوقت على الشمال والجنوب.
– القوات المتواجدة بمنطقة الشمال هذه:
إحدى عشر فوجا، سبعة فصائل، بطاريتان محمولتان، بطرية للجبال من ثلاثة فصائل، بطارية جبال من فصيلتين، سرية هندسة، فصيلة تلغراف، سرية قطار، المجموع حوالي 10000 رجل.
– القوات المتواجدة في الجنوب:
فوج، كوكبة، فصيلة جبال ومخزن في بودنيب وبعنان للذخيرة والمعيشة، المجموع 1400 رجل.
التعليم الفرنسي
يقدم التعليم الفرنسي في 44 مؤسسة بالغرب كالتالي:
– 11 مدرسة فرنسية مدعومة.
– 11 مدرسة فرنسية عربية.
– 22 مدرسة للاتحاد الإسرائيلي.
مجموع تلاميذ هذه المدارس 6416 موزعين كالتالي:
1155 أوربي، يبلغ عدد الأولاد بينهم 662 والبنات 363، وأبناء المسلمين عددهم 753 أولاد، و4508 يهودي عدد الأولاد فيهم 2600 والبنات 1733، وتنتشر هذه المدارس في الأماكن التالية:
طنجة، تطوان، العرائش، الرباط، الدار البيضاء، مزكان، سطات، أسفي، موكادور، فاس، مراكش، وجدة، مارتنبري، بركان، وزان.
موظفو التعليم
موظفو المدارس الفرنسية المدعومة يصل عدد معلميها 24 معلمات والمعلمات 17، والمدارس الفرنسية العربية بلغ عدد المعلمين بها من الأهالي 18 معلما أهليا وعشرة فقهاء، فيكون مجموع المعلمين هو: 69 فردا.
(انظر archives diplomatiques 1912/9 السنة (52) ص:99، وما بعدها).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *