إذا كان موضوع بيع الخمور والمتاجرة فيها بصفة عامة محسوم من الجهة الشرعية، لدلالة الكتاب والسنة والإجماع على تحريم استهلاك هذا المشروب الخبيث والمتاجرة فيه، وإذا كان القانون المغربي يمنع بيع “المشروبات الكحولية”=الخمور للمغاربة المسلمين، ويمنع أيضا إشهارها، فإننا وبمقابل كل ذلك نجد تناقضا صارخا بين التنظير والممارسة.
حيث أن إشهار الخمور يتم علنا ودون متابعة، وآخر شواهد ذلك إقدام جريدة ليكوموميست (l’Economiste) التي تستفيد من أعلى نسبة للدعم الذي تقدمه وزارة الاتصال على إشهار “مهرجان الجعة Festival de la bière ” في عددها الصادر بتاريخ الجمعة 02 أكتوبر 2015، كما أن المغرب –البلد المسلم الذي تحرم مرجعيته معاقرة الخمر- صار من أكبر مصنعي الخمور على الصعيد العربي والعالمي أيضا، وأصبحت مجموعة “ديانا هولدينغ” -مثلا- تنافس معاصر مدينة بوردو الفرنسية، علما أن فرنسا هي أكبر مصنع للخمور في العالم!
فمجموعة “ديانا هولدينغ” لمالكها إبراهيم زنيبر الذي فاق عمره 90 سنة، تتربع على عرش إنتاج الخمور في المغرب، وتسيطر على 85% من السوق المحلي، ويبلغ رقم معاملاتها السنوي مليارين ونصف المليار درهم، وتستغل حوالي 8400 هكتار من أراضي المغرب المزروعة، وتنتج حوالي 38 مليون قنينة سنويا، 85% منها يتم استهلاكه محليا.
وحسب ما نشره المكتب الأجنبي للدراسات ”سيكوديب” فإن 30% من مستهلكي الخمر يتناولونها أسبوعيا، و35% سنويا، و35% في المناسبات.
والمسيطرين على قطاع الخمور في المغرب جلهم ثوي ثقافة أجنبية لا يعيرون اهتماما لثقافة الحلال والحرام واستحضار الحكم الشرعي بخصوص الخمر، وهمهم الوحيد هو تكديس الأموال وجمع القناطير المنقطرة. ولتذهب بعد ذلك صحة المواطنين وأمنهم وسلامتهم إلى الجحيم.