دور القرآن… وسنة بوش! “ردا على الكنسوسي”

ليس غريبا أن تحاول دولة غربية إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام لتنفير العالم منه وصدهم عنه، وللحد من انتشاره…
ليس غريبا أن تعمد الإدارة الأمريكية السابقة إلى تجفيف منابع العمل الخيري الإسلامي في جميع أنحاء العالم، ومحاربة الأعمال والمشاريع الإسلامية كافة تحت سيف تهمة الإرهاب…
ولكن الغريب أن يمتطي هذا الجوادَ الأعرج، ويحمل هذا السلاح المتقادم، والمنتهية صلاحيته، برلماني مغربي من حزب الأصالة والمعاصرة، فيصف من داخل البرلمان دعوة إصلاحية تنموية عظيمة عريقة بهذا الوصف الأمريكي وهذه السنة “البوشية” المشؤومة، بغير دافع ولا سبب، إلا الحقد على العفة والفضيلة، والحنق على الصلاح والاستقامة، فضلا عن الحسابات الانتخابية الضيقة، والحزبية السياسية المقيتة.
غريب حقا… لأنه لم يجرأ أحد حتى في أوج ما كان يُعرف بالحرب على “الإرهاب” أن يحاول إلصاق هذه التهمة بالدعوة السلفية التي كانت تصفها الأجهزة الأمنية آنئذ بـ”التقليدية” أو “العلمية”.
فدعوة دور القرآن السلفية كانت وستضل دوما بمنأى عن أي فكر أو سلوك منحرف، سواء “الإرهاب” أو غيره. ولقد شهد العدو قبل الصديق لهذه الدعوة بالمجهودات الجبارة، والأيادي البيضاء في مواجهة فكر التكفير والغلو والتطرف فضلا عن “الإرهاب”.
إن دعوة دور القرآن دعوة علمية تقوم على التأصيل الشرعي الذي يربط الناس بالقرآن الكريم وتفسيره الصافي، والسنة النبوية وشروحها، وقواعد الاستدلال والاستنباط الصحيحة -بعيدا عن كل مظهر من مظاهر الغلو أو الجفاء- وهي في ذلك كله تدعو لاتباع السلف الصالح ولها من العناية بهذا الأمر ما ليس لغيرها…
تدعو لاتباع السلف الصالح في عقيدتهم وعبادتهم وسلوكهم وأخلاقهم، لا في العادات وطرائق الحياة كما يحاول خصوم هذه الدعوة تصويره وتصديره.
فدعوة هذا حالها؛ كيف تجد الأفكار التكفيرية الخارجية -فضلا عن الإرهابية- وسط أتباعها مرتعا؟؟ فإن الإرهاب والتكفير قرينان للجهل لا ينفكان عنه ولا يفارقانه، ومن خبر أحوال الخوارج منذ نشأتهم إلى هذا اليوم علم صدق هذا الأمر.
كيف توصف بالإرهاب مؤسسات أحيت كلام علماء السلف المحذر من التساهل في التكفير، مع ما كان لذلك من عظيم الأثر في إحجام كثير من الشباب عن سلوك هذا المسلك الخطير ذي العواقب الوخيمة، ومن هذه الأقوال قول القرطبي: “وباب التكفير باب خطير، أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا، وتوقف فيه الفحول فسلموا، ولا نعدل بالسلامة شيئا.”
وقول شيخ الإسلام: “وليس لأحد أن يُكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتُبين له المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه بالشك..”.
كيف توصف بالإرهاب دعوة دور القرآن وهي الدعوة الإصلاحية التنموية، التي تسمتد مشروعيتها من نصوص الوحي، ومن تراث المغاربة وتاريخهم المجيد، فضلا عن دستور المغاربة الذي يتيح لأبناء دور القرآن الانخراط في كل الأنشطة الجمعوية المشروعة.
أما العلمانيون الاستئصاليون المتضايقون من هذه الدعوة ومن كل دعوة تحمل شعار الإسلام، فليس لهم أصول شرعية يستندون إليها لأن دعوتهم قامت على دحر الشريعة وطمسها وعلمنة المجتمع.. ولا لهم تاريخ يستشهدون به لأن أفكارهم وأيديولوجياتهم تغريبية مستوردة لا تعدو أن تكون فُتاتا لموائد الغرب…
كيف توصف بالإرهاب دعوة لها جهود عظيمة في بيان قواعد التكفير، والتحذير من الانزلاق وراء كلام دعاة العنف، جهود لا تضاهيها ولا تدانيها جهود غيرهم من الدعاة الرسميين ولا غيرهم، مع ما أثمرت بحمد الله من طيب الأثر، سواء من جهة وقاية الشباب من الارتماء في أحضان هذا الفكر المنحرف، وتحصينهم منه، أو من جهة إنقاد من أُشربوا في قلوبهم شُبه أرباب هذا الفكر وتلبيساتهم.
كيف تتهم بالإرهاب دعوة يخاصمها ويخالفها التكفيريون ويناصبونها العداء؟
فهل بعد هذا كله يصدق ذلك الواشي بالبهتان، الهاذي بالعدوان في قبة البرلمان؟؟
لقد استطاع دعاة دور القرآن أن يحققوا في مجال دحر الفكر التكفيري ما عجزت عنه الجهات الرسمية العلمية والأمنية، ففي المغرب مثلا ينذر أن تجد داعية سلفيا أو طالب علم من القائمين على دور القرآن إلا وقد رجع على يده عدد مهم من التكفيريين، الذين يجدون في الفكر الخارجي مجالا للتعبير عن حماستهم الفارغة وعواطفهم الجياشة غير المنضبطة بعلم ولا بقواعد.
إن دعاة دور القرآن إذ يتبنون هذا المنهج في هذه القضية الحساسة، فإنهم لا يقومون بذلك تقربا لجهة ولا إرضاء لمؤسسة، ولا تزلفا لأحد، ولا طلبا لمنصب، أو كرسي أو راتب، وإنما هو منهج نبوي وعقيدة أصيلة، دلت عليها نصوص القرآن والسنة وآثار سلف الأمة.
وإن كثيرا ممن يطيب لهم اليوم العزف على وتر محاربة التكفير والتطرف، من أصحاب المناصب ممن عُرفوا بمناوئة منهج السلف، لا يفعلون ذلك إلا حفاظا على رواتبهم وكراسيهم، وإن الذين يراهنون على أمثالهم في حربهم على الفكر الخارجي، كمن يرجو الورود من السراب، والشرب من الضباب، والبناء على الخراب… فشتان بين من رائده في كلامه القرآن والسنة وابتغاء وجه الله عز وجل؛ وبين من يدعو لدريهمات يأخذها وتعويضات ينالها… وهذا مكمن الفرق في النتيجة والثمرة بين السلفيين وغيرهم وقديما قالوا: ليست الثكلى كالنائحة المستأجرة.
كيف توصف بالإرهاب مؤسسات، أسهمت وما زالت في محو الأمية، وتعليم المرأة، ومؤازرة الأرملة، ومواساة الفقير، ومسح دمعة اليتيم، وإغاثة الملهوف؟؟
كيف توصف بالإرهاب دعوة تمد يدها لكل عقلاء هذا البلد بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم للتعاون على إصلاح هذا البلد وتنميته ورُقيه؟؟
إن الذي يستحق وصف الإرهاب ليست هي دور القرآن وأبناؤها، وإنما الإرهابي حقا من يحاول أن يرهب أبناء هذا الوطن مستقويا عليهم بأعدائهم في الخارج.
إن الإرهابي حقا هو من يحاول أن يفرض على الأمة فكرا لا ترتضيه، ويلزمها بثقافة لا تناسبها، وينشر فيها فكرا وسلوكا وخلقا مخالفا لهويتها وثوابتها ومقدساتها.
إن الإرهابي حقا هو من يحمل شعار بوش “من لم يكن معنا فهو ضدنا”، والأشد منه إرهابا هو من يُعمل هذه القاعدة في المواجهات الانتخابية، وكأنه يقول: إما أن تنتخبونا وتختارونا وإلا فأنتم إرهابيون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *