لماذا اخترنا الملف؟

مع إشراق الوحي في الجزيرة العربية واتساع رقعة الإسلام بقيت الأمة الإسلامية في طليعة الأمم والشعوب تحتل (مكان القيادة والريادة ما بقيت متمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، وبقي المسلمون أعزاء ما بقوا يعتزون بدينهم، ويلتفون حول إسلامهم، فلما هان على المسلمين دينهم وبحثوا عن العزة في غيره أذلهم الله ووصلوا إلى هذه الحالة من الذلة والمهانة والضعـف والهـوان.
ومع ذلـك فإن سنن الله ماضيـة إلى يوم القيامة لا تتحول ولا تتبدل، وما زال وعد الله باقياً لهذه الأمة بالنصر والتمكين، إن عادت الأمة إلى رشدها، وتمسكت بكتاب ربها، وسنة نبيها، عندئذٍ ستكون لهم الغلبة، وسيتحقق لهم النصر والتمكين والخلافة في الأرض) (تفسير القرآن العظيم، لابن كثير).
فقد أصبح المسلمون اليوم كمّاً مهملاً بين الأمم والشعوب، وأصبحت أمَّة الإسلام التي وصفها الله من فوق سبع سموات بأنها خير أمَّة أخرجت للناس تعيش حالة من الذلة والمهانة والضياع رغم كثرة عددها، يتخطفها أعداؤها من كل حدب وصوب، ويطمع فيها القاصي والداني.
سلبت أرضها، وخدشت كرامتها، وغربت شمس عزتها، وانتهكت حرماتها ومقدساتها، وضاعت هيبتها بين الشعوب، حتى أصبح أعداؤها يتحكمون في رسم حاضرها، والتخطيط لمستقبلها بما يتناسب مع مصالحهم وتحقيق أهدافهم، وسبب ذلك كله هو تخلي المسلمين عن مصدر قوتهم وعزتهم وسيادتهم، وتخليهم عن الإسلام رسالة ومنهجاً ونظاماً للحياة، حتى ضاع الدين الحق من واقعنا ومجتمعاتنا، ضاع من سلوكنا وتعاملنا مع بعضنا.
فدبَّت الفرقة والتنازع في جسد الأمة، وحل بين أبنائها الخلاف وتأصل في واقعها الضعف، فاستأسد الأعداء علينا بعد أن وجدوا أمة الإسلام فريسة سهلة، وصيداً ثميناً.
وحتى تعود الأمة إلى مجدها وعزها لا بد من تصحيح مسارها لإنقاذها من التردي والسقوط والانهيار، وذلك بالاعتصام بحبل الله والالتفاف حول دينه والوثوق بوعده ونصره، ونبذ الفرقة والتنازع والاختلاف الذي يؤدي إلى الفشل والضعف والذلة والمهانة، فالأمة بحاجة إلى بعث جديد، تنفض فيه غبار الجبن والخوف عن نفسها، وتستعد لقيادة البشرية كما كانت وهي مرشحة لذلك. (الاعتصام بحبل الله بين الواقع والمبشرات؛ د.محمود هاشم عنبر)
فعلى الأمة أن تستنهض همم أبنائها، وتبث العزائم في قلوبهم ونفوسهم لصدارة العالم وقيادة الإنسانية، فبالرغم من كل التحديات الواقعية، والمؤامرات الدولية على الإسلام والمسلمين فإننا نعتقد جازمين وواثقين بوعد الله وموعوده، وأننا إذا التزمنا كتاب الله سنة وسنة رسوله صلى الله عليه سلم في أنفسنا وفي شؤون حياتنا سينصرنا الله تعالى لا محالة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وسنة نبيه” أخرجه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثاً، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال” (رواه مسلم).
قال الزهري: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وشواهد هذا الأصل العظيم الجامع من الكتاب والسنة كثيرة، وترجم عليه أهل العلم في الكتب كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، كما ترجم عليه البخاري والبغوي وغيرهما، فمن اعتصم بالكتاب والسنة كان من أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين وجنده الغالبين).
وحتى نجلي للقارئ الكريم جانبا يسيرا من هذا الأصل العظيم وأس ومرتكز الغزة والكرامة والتمكين ارتأينا فتح هذا الملف.
(ن.غ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *