تفاعل عدد من الشخصيات الإسلامية مع القرار الأخير الذي اتخذه حزب المصباح، وقبوله بمشاركة كل من حزب الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري في حكومة العثماني.
فعبد الإله بنكيران كان كلامه واضحا حين قال: (إذا رأيتم الاتحاد الاشتراكي في الحكومة فأنا ماشي عبد الإله).. وحين شبه حزب الوردة بالنملة التي أرادت زعزعة الفيل، ولما سخر من الاتحاد الاشتراكي الذي أراد دخول الحكومة من النافذة بدل دخولها من الباب، وهاجم لشكر واتهمه بتشتيت حزبه، ولما قال كلمته التي أثارت موجة من السخرية: (حنا ماشي بطاطا)..
كثير من المتتبعين ثمنوا مواقف بنكيران الحازمة اتجاه أمناء عامين وأحزاب سياسية، الجميع يعرفها معرفة جيدة والدور المنوط بها، لكن ومباشرة بعد تولي سعد الدين العثماني منصب رئاسة الحكومة، تغير موقف حزب المصباح من البلوكاج الحكومي 180 درجة كما قال نجل رئيس الحكومة المعنى أسامة بنكيران.
حيث تخلى الحزب عن كل الشروط التي وقف عندها عبد الإله بنكيران، وأكثر من ذلك برر موقفه الجديد بأعذار سياسية وشرعية أيضا، كما صرح لحسن الداودي بأن القاعدة عند الحزب هي “تغير الأحكام بتغير الأزمنة والظروف”.
وفي هذا الصدد دافع الدكتور عادل رفوش المدير العلمي لمؤسسة ابن تاشفين عن اختيار البيجيدي، وكتب تحت عنوان “إذا عَزمتَ فتوَكَّلْ”، تدوينة بالفيسبوك أشار فيها إلى أن “حزب العدالة والتنمية حزب أنموذج؛ وقادتُه أبانوا عن كفاءة عالية في التدبير وفي الوطنية رغم الصعاب التي تتوالى بإصرارٍ؛ والمغرب الراهن لا يجادل في أهمية هذه التجربة؛ التي لو لم يكن فيها إلا ما أبرزت من الزعامة التاريخية لشخصية ابن كيران تجاوز بها المنصب والموعد والبروتوكول؛ ليدخل التاريخ ويضع البصمة ويمتد في آثاره ..بمصداقيةٍ لا تشينُها عجرفةٌ ولا انبطاحٌ..”.
شكر الشيخ رفوش كلا من حزب المصباح والعثماني فقال: “لا يسعنا إلا أن نشكرهم من قبل ومن بعد على نضالهم المتميز وتفانيهم الملحوظ الذي كذَّبوا به كل الادعاءات الإقصائية ضد الإسلاميين وطنيا ودوليا؛ ونشكرهم والسيد الفاضل رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني وفقه الله تعالى..على النتيجة التي انتهىٰ إليها؛ إذ ليس في الإمكان أبدع مما كان؛ وفَوْقَ جهدك لا تلام؛ لم تؤيد ظلماً ولم تقر منكراً ولم تسلِّم إلا بِسِجالٍ؛ فإنما السياسة توافقات أو مناكفات؛ ولا محل للتناكف فلم يبق إلا التوافق؛ وإن الاضطرار يبطل الاختيار؛ ولا يشترط في الاتصال الكمال مع امتناع الاستفصال؛ ولا عيب على من حرِص وناضل وصارح إذا أُلجيء إلى ما لا يد له فيه ولا معرةَ تعتريه.. بل الأمور الْيَوْمَ هي أوضح من أي وقتٍ و”حزب المصباح” الْيَوْمَ يحقق انتصاراً آخر بوجه آخر ومن زاوية تقوِّيه ولا تضعفه؛ ولم يزدد المسار إلا قوة ولم تزدد الحكمة إلا إشعاعا..”.
الدكتور البشير عصام الباحث في المسائل الفكرية والقضايا الشرعية تساءل في هذا الإطار “إني لأسأل نفسي صادقا ما الخط الأحمر الذي إذا تجاوزه قادة الحركة الإسلامية انتقدهم الأتباع المطبلون؟ فإنني ما رأيتهم ذكروا خطا أحمر إلا عاد بعد برهة يسيرة أخضر يانعا، بقليل من الاعتذار، وكثير من التأويل!”.
وأضاف صاحب كتاب (العلمنة من الداخل) في تدوينة أخرى: “وما جر علينا الذل، وسرب إلى مرابعنا الوهن، حتى وئدت أحلامنا، وقتلت في مهدها أمانينا، مثل قول قائلهم بعد أن يغيب عقله، ويكلف نفسه قبول الباطل صرفا: “قادتنا أعلم، فثقوا بهم، وذروهم يعملون”! قالوها في مصر فرأينا ما حدث ..ثم هم يقولونها في المغرب اليوم ..وسيقولونها في كل مكان، فقد ألفوا أن يلدغوا من الجحر الواحد عشرات المرات!”.
الدكتور رشيد بنكيران، الأستاذ بمعهد الغرب الإسلامي للتكوين والبحث العلمي، أكد في تدوينة له أيضا أن “أحزابنا السياسية لا لون لها، بما فيها حزب الوردة، عفوا حزب المصباح، عفوا….”.
ليضيف بعد ذلك صاحب كتاب (علماء لم ينصحوا) أن “صنم المصلحة الموهومة من الإسلاميين من يعتقد أنه هو المصلحة الشرعية،
فبقاؤه بقاء للمصلحة الشرعية، ووجوده وجود للمصلحة الشرعية، وغيابه غياب للمصلحة الشرعية… أف لكم ولما تعبدون… صنم المصلحة
أما علمتم أن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ومن لا خلاق له”.
الشيخ الحسن الكتاني الذي ركز مؤخرا في صفحته بالفيسبوك على تقييم التجربة الإسلامية في التدافع السياسي والحفاظ على المفاهيم الشرعية، تساءل: “أجيبوني جوابا صريحا واضحا: لماذا استنكرتم على النهضة والفضيلة دخولهم مع G8 ثم تحالفتم مع نفس الأحزاب؟
ولماذا استنكرتم على المغراوي انتخاب الأصالة والمعاصرة وقد كنتم مستعدين ﻹدخالهم للحكومة؟”.
وأضاف رئيس الرابطة العالمية للاحتساب وعضو رابطة علماء المغرب العربي أنه “كما يتحرك دعاة الإصلاح فكذلك يتحرك دعاة الإفساد و مشاركتك معهم بحجة الإصلاح تنسيك أنهم وافقوا على ذلك بنية إفسادك فكل ما في رأس الجمل فهو في رأس الجمال. والظاهر أن أهل الباطل ربحوا تلك الجوﻻت بمشاركة أهل الإصلاح لهم”.
د. عبد العلي الودغيري الأستاذ بجامعة محمد الخامس كتب بدوره أن “ما لم يُنجزه ابن كيران في حوالي ستة أشهر أنجزه العثماني في حوالي أسبوع. قولوا: باز”. وأضاف: “أمام الأحزاب المغربية خياران: الإخصاء والتدجين، أو الاختراق والتمزيق”.
عمر أحرشان القيادي بجماعة العدل والإحسان دافع في تدوينة له على صوابية مقاطعة الانتخابات وقال في هذا الصدد: “بصراحة..إقحام الإرادة الشعبية والاختيار الديمقراطي والدستور في تصريح رئيس الحكومة كان تعسفيا أو هو رد فعل على الملاحظات بخصوص البيان الأخير للأمانة العامة للحزب.. هذه ليست مقولات تدبج بها التصريحات ولكنها معايير لقياس طبيعة الحكومة. بهذا الخطاب والفعل يقدم هؤلاء أكبر دليل على صواب تقدير المقاطعين للانتخابات دون أن يبذلها مجهودا لتعبئة الشعب. تخيلوا حجم المقاطعة الشعبية في الانتخابات القادمة”.
وأضاف رئيس المركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات: “تحقق الرهان بأنها ستكون حكومة بدون طعم سياسي، ومفتقدة للسند الشعبي، وغير منسجمة، والباقي سيتضح في المراحل القادمة للتفاوض”.
الصورة السياسية بالنسبة لحسن بناجح عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، واضحة تماما، وفق ما ورد في صفحته بالفيسبوك، حيث أكد أن “رئيس الحكومة السابق كان أحد أقوى دوافعه النفسية شعوره بأن له فضلا ومنة على النظام حين مد له حبل النجاة ذات ربيع في وقت كانت الأنظمة تتساقط تباعا كأوراق الخريف. ومع ذلك لم تشفع له هذه، بل كانت أكبر جريرة في منطق المخزن للتخلص المهين منه، كما لم تشفع له كل التنازلات وكل الخدمات التي أسعدت المخزن وآلمت الشعب.
فكيف سيكون حال البلد والسياسات العمومية ورئيس الحكومة الحالي مطوق بمنة المخزن عليه أن يسر له تشكيل الحكومة في خمسة أيام بينما عرقلها لسلفه خمسة أشهر؟ وبأية نفسية سيتحرك وهو تحت هيمنة شعور أن للمخزن عليه فضلا كبيرا أن جنبه وحزبه مصير أحزاب إسلامية في الإقليم المحيط؟ وما هو أفق نظره وهو يسترجع كيف أن المخزن بدأ مسلسل التخلص من الرئيس السابق منذ بداية المشوار رغم كل السياق المساعد له، فكيف الحال والنظام يتحرك حاليا من منطلق أنه حان أوان خريف من صنعوا الربيع ومعهم أيضا من ساهم في دوس أزهاره في مهدها؟ هكذا يفكر الاستبداد فهل من معتبر؟”.
هذا ولازالت تعليقات عدد من وجوه الحركة الإسلام مستمرة، لعلنا نوردها في مناسبة قادمة بحول الله تعالى.