أكثر المراقبين للصراع بين العلمانية والإسلام مجمعون على أن أعتا معاركه هي تلك التي تدور على أرض القدس السليبة، والتي تفضح مدى استعداد العلمانيين للتواطؤ مع أعدى أعداء المسلمين (الكيان الصهيوني)، ولا غرابة مادامت العلمانية هي المسؤول الأول بل السيف الذي اجتثت به يهود الدونمة الماسونيون الخلافة الإسلامية العثمانية، وبوؤوا سدَّة الحكم كمال أتاتورك باني الدولة العلمانية في تركيا، وهاهم يواصلون كيدهم وخيانتهم للمسلمين، ويتآمرون مع العدو من أجل خدمة مصالحهم وهدم صرح الإسلام في بلدهم في تبعية للعدو الصهيوني..
وضمن سلسلة المؤتمرات الصحفية التي قامت حركة حماس بعقدها لفضح التيار الدحلاني من خلال عرض العديد من الوثائق الخطيرة للغاية والتي لا تدع مجالا للشك عن سقوط التيار الدحلاني في براثن العمالة والخيانة العظمى كان المؤتمر الصحفي الذي عقده الأستاذ سعيد صيام رئيس كتلة حماس البرلمانية الخميس 23 غشت، ولعل أهم ما يميز هذا المؤتمر هو خطورة المعلومات التي تم عرضها مع توثيقها بمقاطع فيديو وتسجيلات صوتية تكشف عمليات الابتزاز القذرة التي كانت تقوم بها قيادات الأجهزة الأمنية التابعة لدحلان من أجل التآمر على المقاومة الفلسطينية وتصفية رموزها.
تعاون مع المخابرات الأمريكية
كشف صيام “عن تعاون الأجهزة الأمنية التابعة لمحمد دحلان ومحمود عباس مع جهاز المخابرات الأمريكية الـ”سي أي إيه” حيث عرض محضر لاجتماع حضر فيه وفد من المخابرات الأمريكية على رأس مسؤول كبير في جهاز الـ”سي أي إيه” يدعى “مايكل جون مارك” مع قادة من جهاز الأمن الوقائي التابع لدحلان (أحمد عيسى مدير دائرة العلاقات العامة في جهاز الأمن الوقائي السابق)”.
وأوضح صيام “أن هذا الوفد الأمريكي جاء خصيصًا لوضع آلية للتنصت على محمد ضيف قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام في فلسطين ووضع آلية لاختراق دائرته الخاصة ووضع جهاز تنصت في السيارة التي يستقلها، وكذلك في جهاز النقال الذي يحمله، وتحديد الشركة التي يعمل من خلالها الجهاز النقال الخاص بقائد كتائب القسام، مع تحديد محطات التقوية الخاصة بذلك الجهاز النقال”.
وأكد صيام “أن ثلاث محاولات اغتيال للقائد محمد الضيف تمت بسبب هذه المتابعات التي قامت بها أجهزة دحلان وعباس”.
وكشف صيام “عن محضر حوار دار بين خبيرين أمريكيين في شؤون الاتصالات مع قائد جهاز الأمن الوقائي محمد دحلان والذين أبديا ارتياحهما للدور الذي قام به دحلان في تأمين زيارة “هيلاري كلنتون” لغزة إبان فترة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكذلك إعجابه بقيام الحاضرين بالتصفيق لـ”هيلاري كلنتون” حوالي ستة عشر مرة، وهو ما لم يحدث لأي رئيس سابق على حد قول دحلان، كما جاء في الوثيقة التي عرضها صيام والتي تكشف عن محاولات دحلان الحثيثة لتطبيع العلاقات بالكامل مع الأمريكان، وتغيير نظرة الشعب الفلسطيني لهم كأعداء”.
وقال دحلان: “أنا معني أن أقبض على محمد الضيف أكثر من أي وقت مضى لأنه بات مطلوبا لنا، وحتى نقنع إسرائيل و”نتياهو” أن عملنا وتنسيقنا الأمني غير مربوط في السياسة”.
تجسس على الرنتيسي والمقادمة
وكشف صيام “وثيقة أخرى كيف تم من خلالها التجسس على الدكتور الراحل عبد العزيز الرنتيسي -رحمه الله- وإبراهيم المقادمة”.
وفي وثيقة ثالثة يكشف صيام “عن خطة مراقبة لمكتب حركة حماس في منطقة المينا، منطقة أبو حصيرة من قبل المخابرات الأمريكية والتي تم من خلالها تحديد الرموز الرئيسة التي تدخل المكتب وهم: الدكتور إبراهيم المقادمة مسئول جهاز الأمن التابع لحماس، وأحمد الجعبري مسؤول القسام في منطقة الشمال، وعبد العزيز الرنتيسي وإسماعيل هنية وعن متابعات دقيقة للداخل والخارج لهذا المقر.
جهاز تنصت في مكتب الشيخ أحمد ياسين
أيضا كشف صيام “عن محاولات جهاز المخابرات الأمريكية بالتعاون مع أجهزة دحلان وضع جهاز تنصت في مكتب الشيخ الراحل أحمد ياسين زعيم حركة حماس وذلك من خلال دخول مكتب الشيخ أحمد ياسين مرتين.. الأولى لفحصه ومسحه ومعرفة الأماكن التي يمكن فيها زرع أجهزة التنصت، ومعرفة لون مكتب وخزانة الشيخ ياسين حتى يتم من خلاله زرع أجهزة تنصت يصعب اكتشافها، والمرة الثانية ليتم زراعة هذه الأجهزة”.
وكشف صيام “عن وثيقة للمخابرات الفلسطينية والتي كانت تأتمر بأوامر صهيونية عن ملاحقة ومتابعة هذه الأجهزة للقائد في كتائب القسام وائل المناعمة، الذي اغتيل على يد الصهاينة بمساعدة هذه الأجهزة على حد قوله”.
تحديد مصانع السلاح القسامية
وفي وثائق وتقارير أخرى كشف سعيد صيام عن:
– مراقبات ومتابعات دقيقة لبيوت عناصر القسام وخاصة مسؤول جهاز الهندسة عدنان الغول، مع عرضه لخرائط “كروكي” لبيوت ومخازن الأسلحة التابعة لعناصر القسام، ومصانع الأسلحة التابعة لحركة حماس، مع إعطاء “توصيفات دقيقة للغاية لهذه الأماكن ومخارط تطوير صواريخ القسام، ومواقع القوة التنفيذية، وساعات تجمع أفراد القسام، وأنواع وأرقام سياراتهم.
– عملية تسليم معلومات عن كتائب القسام وقادتها العسكريين، وعن حركة حماس وعن كفاءتها القتالية، بل عن مجموعات كتائب الأقصى لأجهزة مخابرات إيطالية وإسبانية وبريطانية.
– خطة أمنية موضوعة وجدت في جهاز كمبيوتر لأحد القادة في الأجهزة الأمنية عرض فيها أسماء لشخصيات في المقاومة الفلسطينية تم اعتقالهم مسبقا، بالإضافة إلى خطة من أجل تحييد حركة حماس وإضعافها وإنهاك قدرتها العسكرية.
– عملية مبرمجة لاستهداف قيادات حماس الدعوية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية خاصة على يد عناصر فتح، وذلك عبر تشكيل أذرع عسكرية سرية على مستوى فتح تقوم باستهداف أمثال الدكتور الراحل حسين أبو عجوة، واستهداف الداعية زهير المنسي، واستهداف الحامل لكتاب الله محمد الرفاتي، وجميعهم تم استهدافهم على يد عناصر فتح.
– تحقيقات قامت بها حماس مع قادة في الأجهزة الأمنية المندحرة وذلك بعد سيطرة حماس على غزة، والذين بدورهم قدموا معلومات خطيرة للغاية توضح أن أجهزة فتح قامت بعمليات تصفية مبرمجة، واغتيال وقتل العديد من الكوادر التابعة لحركة حماس، وكذلك قاموا بكشف العديد من أسماء العملاء التابعين للكيان الصهيوني والذين عملوا بداخل الأجهزة الدحلانية.
وأكد صيام أن رموز هذه الخطة متواجدون حاليا في رام الله معقل التيار الدحلاني بعد هزيمتهم على يد حماس بغزة.
جرائم جنسية وابتزازات أخلاقية
إن جرائم الأجهزة الدحلانية تعدت التعذيب والتصفية الجسدية إلى الفضائح الجنسية، فمما كشف عنه صيام تسجيلات صوتية عثر عليها في مقر جهاز الأمن الوقائي تثبت تعاون شخصيتين رفيعتين في السلطة الفلسطينية ومقربين جدا من الرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس الحالي أبو مازن، وهما يقومان بإيصال معلومات خطيرة وحساسة للغاية لضابطين في الكيان الصهيوني، وأضاف بأن لهم تسجيلات مرئية وهما يمارسان جرائم جنسية مقززة للغاية. كما تورط وزير حالي وسابق في حكومة الطوارئ التابعة لسلام فياض في فضائح جنسية يندى لها الجبين بل ليس هو فقط بل ابنته أيضا..، وأضاف بأن هذا الوزير يحمل حقدا على شعبنا الفلسطيني بل ويتفنن في حصار غزة، وهو مع ذلك ساقط أخلاقيا وأشار إليه فقط بحرف “س”.
وأضاف صيام “أن هؤلاء القادة جمعوا ثروات ضخمة، وبنوا الأبراج العالية، والفيلات الفارهة من خلال ابتزازهم للآخرين ومتاجرتهم بالمعلومات عن أبناء شعبنا للصهاينة والغرب”.
شبكات تجسس عالمية
إن هناك شبكات تجسس عالمية قادها عناصر التيار الدحلاني وقادة الأجهزة الأمنية أضرت بالمصلحة الوطنية العليا، حيث قامت هذه الأجهزة بالتجسس على دول محتضنة للشعب الفلسطيني وعلى حركات مقاومة إسلامية، وعلى شخصيات ورجال أعمال وطلاب.
وأوضح صيام “أن هذا الملف تم إرساله للخارج لفضح هذا التيار الذي أساء لشعبنا ولأمتنا العربية، واستغرب مطالبة التيار الدحلاني بعودة المقار الأمنية له بعد هذه الفضائح”.
الخاتمة
وفي النهاية طالب صيام بمحاكمة عادلة ونزيهة لهذه الثلة التي أساءت لشعبنا ولقضيتنا.. ولكن تبقى التساؤلات المطروحة هي: متى ستحاكم حماس هذه الثلة المارقة؟ وإذا كانت هذه الأجهزة على هذا الحال من الفساد على كافة المستويات، فلماذا تطلب حماس الحوار مع قيادتها -بل مع الذين كانوا يرعون الفساد ويمولونه مع علمهم الكامل بما كان يحدث في أروقة هذه الأجهزة المندحرة، التي كانت تتكالب على المقاومة وقادتها-؟ أم أن الحوار المفقود أصلا سيشمل شروطا جديدة؟ أم إنه من الممكن العودة للحوار لكن بشرط عودة الخونة والعملاء إلى عروشهم من جديد، وهذا ما ترفضه أصلا حماس؟
عن مفكرة الإسلام