نأسف صراحة للدور السلبي الذي يلعبه ركام هائل من المجلات ووسائل اﻹعلام المغربية، التي احترفت مهنة تلميع أوجه ما يسميه العاقون للأصالة اندماجا في الحضارة، أو التحاقا بموجات التغيير، ولقد أوشك الشباب -والوضع كما ذكرنا- أن يدخل في حلقة مفرغة لا يخرج منها ﺇلا بخفي حنين، وهو يقلد الأعاجم: يتعقب بزوغ منابت الشعر في وجهه لحلقه لأنهم يحلقون، ويعفو عن ستر عورته بالكامل، لأنهم بالغوا في العري والميوعة وتطرفوا، ولم تزدهم الحرية ﺇلا ضلالا ولم يتعففوا، ومع ذلك فإن الاقتداء بهؤلاء في المظهر، اعتبر رمزا للانفتاح والتمدين، وهو في الحقيقة دليل على التجرد من سمت اﻹسلام والتدين.
كان ذلك من قدر الله عز وجل، عندما امتدت يدي لمجلة “نساء المغرب” الموضوعة فوق طاولة غرفة الانتظار في عيادة الطبيبة، وفي تصفحي الأول للمجلة، بدا لي أنه ليس لوازع الدين نهي على الكاتبات ولا أمر، حيث يلاحظ بوضوح إقصاء الجوانب الشرعية في التناول، وﺇخراج الحق في صورة الباطل الشيء الذي يدعو ﺇلى المقاومة والرد.
“حكيمة علا حفظان” وتحليلها لمعصية حلق اللحية والشارب
ذكرت مجلة نساء المغرب في عددها 81 أبريل 2007 “فصل معا في الحياة” ص 114 استجوابا أجرته مع “لعلا حفظان” الباحثة في علم الاجتماع، وفي ٳجابتها عن سؤال المجلة: أصبح كثيرا من الرجال يميلون أكثر للتجمل هل في ذلك مجاراة منهم للنساء، أم أنه تغيير فرضته طبيعة الحياة.
صرحت “علا حفظان” في جوابها بما سوف أختصره فيما يلي: “ما حدث هو أن الرجل قد دخل في علاقة جديدة مع جسده، بات من مظهرها الاهتمام بالشكل في سياق علاقة يريدها مع جسد جميل.. في خطوته تلك نوع من التحرر في العلاقة بالذات وبالجسد.. أود التأكيد على أن معالم الرجولة القائمة على الشارب مثلا قد اندثرت أو في طور الاندثار، في مقابل صورة جديدة للرجال تميل إلى اللين”.
وردا على سؤال: ما هي أسباب هذا التغيير؟
أجابت حفظان: “المقاييس القديمة للرجل وشكله لم تعد حاضرة، هناك جيل جديد نشأ مع بداية ظهور الفنان راغب علامة، أصبح موديله هو هذا الفنان الجميل، خرجنا من زمن البداوة..”.
لا أريد برفضي للاستهتار الذي طال سُنَّة اﻹعفاء عن اللحية من طرف الكاتبات أن أقول بأن كل صاحب لحية بر، وكل حالق لها فاجر، فالله سبحانه وتعالى لا ينظر ﺇلى صورنا ولا ﺇلى أجسامنا ولكن ﺇلى قلوبنا ﺇذ بصلاح القلب ننجو من العذاب يوم الحساب، لكن الاستنان بهدي الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم يربينا على أحسن عادة، فصلاح الظاهر من صلاح الباطن، والملتح بنية الاقتداء به صلى الله عليه وسلم يثاب، ونسأل الله عز وجل أن يتجاوز عن الحالق وأن لا يعاقَب، فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقص الشارب، وإعفاء اللحية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس” (مسلم).
ﺇن مما يدركه المنصف وهو يستنتج كيف تكررت مفردات حلق اللحي في مواطن كثيرة من المجلة المذكورة رغم صغر المقال المذكور، هو أن حمزة لا بواكي له، وأن السنة قد ألغيت من نواميس الموضى والأناقة.
وهنا نتساءل ماذا تستفيد ربات البيوت وهن تضيعن نعمة مغبون فيها كثير من الناس وهي الوقت في تصفح مجلات فارغة المحتوى كادت أن لا تختص ﺇلا في الدلالة على أساليب تجعل من المرأة حبلا من حبائل ﺇبليس ﺇلى أقصى حد ممكن، حيث لا حديث ﺇلا عن آخر صيحة في تضييق الملابس وقص الشعر، كما هو الشأن عند عارضات الأزياء واللحوم أو ممثلات هوليود، ممن يلقين بمرضى القلوب المستجيبين لأدنى ﺇشارة لمعانقة الفعل الحرام ألا وهو الزنا وأدنى أنواعه زنا النظر.
فعلى أية قيم سيربى الأولاد، على قيم الحق والدين والأصالة، أم على قيم اﻹثارة والفسق والشيطنة.
فما أكرم المهديين المرضيين الذين هداهم الله لحمل رسالته من بعده، كم كنتم رجالا بحق يا صحابة رسول الله، صنعتم لنا مجدا تليدا وأنتم لنا نعم الأجداد، ما أعظم منظرك يا أبا دجانة، وأنت بعصابة حمراء تتبختر -والوقت وقت حرب- وتمشي الخيلاء، وأنت يا خالد ما أحرصك على راية رسول الله لقد كنت نعم القائد.. ما كان همك هو الجسد الرقيق وحاشاك أيها الفاروق، بك زهق الباطل وظهر الحق وبانقضاء عهدكم فرغت مجالات حياتنا من السيادة والتمكين.
ﺇن الشهامة والبطولة من أبجل خصال ذلك الرعيل، ومن لم يجد ريح الجمال في سير من مضى من الأصحاب، فليس له من فهمه نصيب.