ظهور “نايب” قَادِرِيَّة وركلة في تيدكلت (للدعوة للتعاون مع افرنسيس الجزاير) ذ.إدريس كرم

 

1- في ديسمبر 1896 أثناء إقامته في عين صلاح، فرض الباشا الحاج ذعيرة 100 دورو (500) فرنكا على رئيس زاوية فوكارا، احمد بن الحاج موسى، لاستقباله نايب قادرية وركلة، المبعوث من قبل لفرنسيس، وهذه هي الوقائع:

في ليلة من شهر غشت السابق، كان أحد الحراطين نائما في الحدائق، فرأى ركْبًا يتوقف عند بداية النخيل، ولما تبين حاله، جاء وطرق باب القايد الحاج المهدي، وأخبره بأن أحد المرابطين قدم من الشمال، يطلب رؤيتك، واللقاء بك.

وافق القائد على استقبال المسافر المذكور، الذي أوضح له أن ممثل لفرنسيس، تلقى بكل سرور، الرسالة التي أرسلها إليه، عبر قايد مخفر لقليعة، يطلب فيها الدخول في علاقات مع ممثليها، وأنه هو محمد الطيب، بصفته نايبا من قادرية وركلة، تلقى تعليمات من قايد هذا المركز، بالحضور لديه، وفتح مفاوضات معه في الموضوع.

أبدى القايد دهشة شديدة من الذي سمع، وقال إنه لم يرسل الرسالة المعنية قط، خاصة أنه كان أحد موظفي السلطان.

فأوضح محمد الطيب، بأن الرسالة كتبها سكرتيره الموثوق به للقايد، محمد بن عبد الرحمان بن أحمد الساحلي، الذي وقع عليها، والتي تحمل علاوة على ذلك بصمة ختم قائده العزيز، فغضب الحاج المهدي، ورفض سماع أكثر، مشيرا للمرابط بالرحيل عند طلوع النهار، لكنه بقي في الواحة، ولم يستجب لما طلب منه.

كان على السي محمد الطيب، أن ينسحب فورا ويعود في تلك الليلة، إلى فقارا- زوا، حيث يجد الأمان والمساعدة والحماية.

في اليوم الموالي هاجم القايد إيكوستين بـ250 بندقية.

وبعدها فقارا-زوا، حيث أجبر المرابط على الفرار تحت تهديد وصول وحدات جديدة، من أنغار، وأولف، يبلغ عددها 200 رجل.

انسحب النايب ومرافقوه من زّوَا، إلى بير المنكار، حيث استقروا.

من هنا؛ السي محمد الطيب، ما زال يدبر أمر الحصول على مناصرين من أهل سِلَّافن، من ساحِل وحاسي الحجار.

أما الحاج المهدي الذي لما طهر أراضيه، تخلى عن ملاحقة النايب الذي، لم يستطع إطالة البقاء بالقرب من بِير-زوَّا، لذلك غادر المنطقة بعد بضعة أيام نحو الشمال.

خاتمة: الغرامة المفروضة المتحدث عنها من قبل الباشا، كانت على رؤساء زُوَا (ص296-297).

2- رسالة شريفة إلى التواتيين:

في بداية 1897 أدت المداهمات البوليسية التي قامت بها المفارز الفرنسية بتادمايت، إلى احتلال حصون صحراوية جديدة، وعند إبلاغ السلطان بتلك الأفعال، بولغ في تقدير أهميتها، والنوايا الفاسدة للقائمين بها.

فأجاب السلطان بما ياتي:

إلى خدامنا الأوفاء، إلى جميع قبائل اتوات؛ السلام عليكم…

لقد بلغ لعلمنا الشريف، أنكم تحافظون على الطاعة، وتتصرفون بما يتفق مع مصالحكم، وسعادتكم، ولكنكم تخافون من هذه الكولونات الثلاثة من القوات القادمة من عمالة الشرق بهدف رفع بناء العكاعية، وبالضرر الذي أحدثه لكم تواجد تلك القوات، كما عرفنا القرارات المتفق عليها للمقاومة، ثم التأجيل الذي قرره بعض المخلصين، انتظارا لتعليماتنا التي تبين لكم كيفية تصرفكم.

وسنقوم بحول الله، بإجراء مباحثات في المكان المناسب، ولن يكون إلا خيرا، لأنه تم انتهاك معاهدتنا التي ما تزال سارية المفعول، مع تلك العمالة، ولا نتوقع من حكومة هؤلاء الناس، إلا حلا للمشكلة.

وقد وجهنا لكم هذه الرسالة، لترشيد تصرفكم، ولتعرفوا أننا مهتمون بكم. والسلام

في 10 ذي قعدة 1314 (1897/4/13).

من ناحية أخرى، قبل الذهاب لتيدكلت ومنذ نهاية عام 1896 كتب الباشا ادريس، بالاشتراك مع قايد دلدول، يشتكي للسلطان، قايد تيميمون، متهما إياه بسوء الخدمة، وإصغائه لمقترحات رجال لفرنسيس.

سئل قايد تيميمون من قبل السلطان، فبيَّن له الحقيقة فبعث له السلطان بالرسالة التالية:

إلى خديمنا الأمين القايد محمد أوسالم من تيميمون، السلام عليكم ورحمة الله… وبعد:

تلقينا ردكم على ما كتبناه إليكم بشأن التهمة الموجهة إليكم، بدعم مشاريع معادية لحكومتنا الشريفة؛ لقد سعدنا باحتجاجك على تلك المشاريع، والتشكيك في مواصلة إخلاصك للوعد الذي قطعته، منذ أمد لأبينا ومعلمنا، والتأكيد على استمرارك في التفاني في الخدمة.

استمر في إغلاق أذنيك عن المؤامرات الخارجية، وأما ما تقوله بخصوص الضريبة التي سبق أن أعفى سيدنا وأبينا أهل اتوات من دفعها، بسبب فقرهم، وكذلك نيتك إرسال ما جمعته من الفرايض أو تسليمه لأحد من مسؤولينا الذين سنرسلهم لهذا الغرض، فقد أخذنا ذلك في الاعتبار، أما بالنسبة لإخلاصك فنحن نعرفه، ولا نطالب إلا نفس التفاني من جميع المسؤولين فيكم.

فلا داعي للخوف من أي استياء من جانبنا. بخصوص الإعفاء الضريبي، أرسل لنا نسخة من الرسالة المعللة التي كتبها أبونا رحمه الله، حول هذا الموضوع والسلام.

في 8 ذي قعدة 1314 (1897/4/11).

وصلت هذه الرسالة لتيميمون في بداية الصيف، في الوقت الذي كان يقيم الباشا ادريس بها، بعد انتهائه من جولة إدارية في كورارة.

من تيميمون توجه عامل إيحامد نحو؛ اولاد اسعيد، فاتيا وزاوية الدباغ، وهناك التقى بقافلة كبيرة تابعة لأولاد سيدي قدور بن حمزة، الذي توفي قبل فترة وجيزة، وأراه في هذه القافلة رجل من حاشيته، -وهو ابن أحد أعيان تيمي- ثمانية جمال تحمل علامة اولاد بلعمو من تيدكلت، وأعلن الوالي أنه لن يسمح بعرض الإبل المسروقة أمام أنظاره، إلا بعد إعادتها لأصحابها، وأجبر أهل القافلة على ردها إليه حيث احتفظ بها حتى يظهر أصحابها، ولما لم يظهر من يطلبها باعها.

بعد تنيركوك، قام نفس الباشا بتفقد؛ عكروت، الزوا دلدول، اولاد رشيد، مطرافة ولعيز، ثم دخل تيمي (صيف1897) ص:303-305.

3- افرنسيس الجزاير يستطلعون تيدكلت وكورارة:

استمرار انعدام الأمن على الحدود الجنوبية الجزايرية، تطلب يقظة نشيطة من قبل المفارز الفرنسية المكلفة بحراسة الصحراء، فكانوا باستمرار، يجرون ضربات متكررة، بغية تخفيض مقدار العداء المشكل من خلال ظهورهم في الواحات.

ابتداء من شتنبر1897 جاءت مفرزة مهاريس لاستطلاع عكروت، توقفت على بعد بضع مئات من الأمتار فقط من النخيل، ثم اختفت قبل أن يتسبب الاستفزاز في تجمع السكان مسلحين؛ هذا التحذير الذي أقلق التواتيين، وقايد تيمي، الذي أبلغ السلطان كما تبين الرسالة الموالية:

في ماي 1898 تم إجراء استطلاعين هامين من قبل ضابطين هما: النقيبين؛ جيرمان ولابيرين مع 40 اصبايحي، اجتازوا تادميت، ونفذوا لمجال عين صلاح، اثنان من المستطلعين المصاحبين، دخلوا لغاية مقر القايد، حيث سلموه رسالة تتضمنت ما يلي:

إلى قايد وجماعة القصر الكبير، بعد التحية…

(لقد كنا جيرانا لمدة طويلة، وكان رجالك مرحب بهم عندي، وأريد اليوم التعرف عليك، وسأنتهز فرصة مروري لأطلب منك تسهيل شراء بعض الأشياء التي أحتاجها، مثل سروج الخيل، المواد الغذائية، والخضروات وسأكون سعيدا بالدردشة معك، لنتمكن بعد ذلك من القول، أن أهل عين صلاح مضيافين مثلنا).

اجتمعت الجماعة، وبعد مشاورات طويلة، قررت رفض إقامة أية علاقة مع “النصارى، الذين لم يكن لديهم إذن من السلطان، للدخول إلى البلاد”.

حتى بساتين النخيل اصطفت مع المدافعين بالسلاح، لكن مستطلعي لفرنسيس، توصلوا بتقرير المستكشفين فعادوا من غير نقاش لمرتفعات تادمايت.

هذه البعثة كان مقررا لها استكشاف طريق الوصول لعين صلاح…

في 10 يوليو الجاري، جاءت دورية مكونة من 24 اصبايحي مهاريس، وأناخوا جمالهم بالقرب من فكارى (ساقية الماء) قصر مدمر للمبروك، على مصب واد صلاح (شط الظهراني) وبعد ساعتين، ظهر رجال الحاج كيلمان مسلحون يبلغ عددهم حوالي 40 بندقية وفارسين وجمَّالين، تلك كل قواتهم.

أمر ضابط الصبيحية بتهييـئ السلاح، ثم قام بإنذار الكوراريين بالتوقف دون فائدة، أمام جديد اللقاء بالقوات المتأهبة توقفوا أخيرا، متعجبين من طريقة وقوف تشكيلة الصبايحية، وانتهوا بعدما شرح لهم كيف يتحركون للغزو، فتراجعوا للخلف، وانتظروا انصراف المستطلعين.

———————

أنظر :quat…sirc…d,his… (ص:320-321).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *