في ظل الاحتفال بالذكرى الإحدى والستين على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتساءل الإنسان عن مصداقية هذا الشعار وهل هناك بالفعل اهتمام بحقوق الإنسان كما يطبل له في الإعلام وأي إنسان يراد بهذا الإنسان؟ أكل الإنسان؟ أم الشعب المختار؟ وكيف تتغير قوانين حقوق الإنسان بتغير العنصر والمكان؟ وإلى أي حد استفاد العنصر المسلم من حقوق الإنسان؟ أم يراد لنا أن نُمْضِيَ على اتفاقيات حقوق الإنسان وإن كنا لا ننعم بكثير منها؟ فبلدانٌ تُحتل وشعوبٌ تُبَادُ وقرىً تُمْحَى على بَكْرَةِ أبيها وأنظمة تزال ودين يحارب ثم يقوم البطل مخَضَّبَ اليدين بالدماء يخطب على الخراب: “إننا نسعى في حفظ حقوق الإنسان”.
و بالمناسبة نريد أن نعلم من هو هذا الإنسان؟ وما هي حدود هذه الحقوق؟
لأننا نرى كثيرين ممن اختاروا التدين طريقة ارتضوها في حياتهم لا يسعهم مفهوم الإنسان وتضيق الحقوق حتى لا يكاد يسعهم منها شيء في حين نجد آخرين يتجاوزون حد الإنسانية إلى البهيمية بل وإلى أبعد منها فيتزوج الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى فإن أُنْكِر من أمرهم شيءٌ تدخلت حقوق الإنسان ما الذي يَدَعُهَا تتسع هنا وتضيق هناك؟
أليس لنا الحق والناس يؤرخون للعام الواحد والستين لهذه الحقوق أن نستفسر عن سبب غياب حقوق الإنسان في قضية إغلاق دور القرآن أليست دُوراً تأوي طبقة واسعة من الناس، وكيف تشن حملة إعلامية عاتية لتشويه صورة هؤلاء الناس وتَغْيِيبِ أصواتهم عن الساحة ولاَ تَرى حقوقُ الإنسان أنَّ مِنْ واجبها حمايةُ هؤلاء.
وفي ظل رعاية المغرب لحقوق الإنسان تصفد أبواب دور القرآن وتشيد المراقص وتقام السهرات والمهرجانات.
وفي ظل هذه الرعاية يفسح المجال للكتب والمجلات والجرائد العلمانية للانتشار في البلاد ويمنع المصحف الشريف في الميناء في سابقة من نوعها في بلد مسلم.
أين غاب دور الجمعيات الحقوقية عن ملف دور القرآن؟ أين دَوْرُ الإعلام النزيه في إظهار قضية هؤلاء الناس؟ وقبل ذلك أين هو دور الأمم المتحدة التي ترعى حقوق الإنسان؟ أم أن هؤلاء الناس ليسوا بناس؟
كيف تدعي الأمم المتحدة رعاية حق الأقليات في البلدان ولا تعبأ بحق رواد دور القرآن مع أنهم لا يُعْتَبرون أقلية ولا يَفْصِلُونَ أنفسهم عن بقية الشعب المغربي ولا يتميزون عنه بدين جديد كما يَحْلُوا للعلمانيين وغلاة المتصوفة أن يصفوهم بل يدينون بالإسلام ويحترمون المذاهب الإسلامية وعلى رأسها المذهب المالكي.
أين غابت حقوق الإنسان في حقنا في حماية أبنائنا من الانحراف الخلقي حين أُتْبِعَ غَلْقُ دار القرآن باستقبال رقصة الصالصا بمراكش؟
لماذا نُرْغَمُ في عُقْر بلدنا المسلم على قبول كل انحراف خلقي آت من الغرب باسم الانفتاح وحقوق الإنسان؟ ولا يُقْبَلُ بتاتا منا الاقتصار على أحكام الشرع الحنيف ألا تسعنا حقوق الإنسان في اختيار ما يتعلق بخصوصيات حياتنا؟
لماذا يسمح بنشر الإعلانات بإقامة دورة للراغبين في تعلم رقصة الصالصا بمراكش ولا يسمح بتاتا بفتح دار القرآن للراغبين في تعلم القرآن وعلومه؟
لماذا تفتح جميع المقرات في وجه النساء المناديات بالتحلل من أحكام الشرع باعتبارها ظلما للمرأة وتعان على إقامة الندوات والمحاضرات المحرضة في ظل الجمعيات النسوية ويطلق لهن العنان في الدعوة للتَّفَنُّنِ في إظهار الزينة عبر البرامج الإذاعية والمجلات والجرائد؟ ولا يسمح للنساء اللواتي اخترن الالتزام بأحكام الشرع باعتبارها حافظة لكرامتها بمزاولة نشاطها في ظل الجمعيات القرآنية ويُضَيَّق عليها في لباسها ويوصف بكل قبيح ولا يفسح لها أي مجال للدعوة إلى هذا اللباس أليس هذا اختيار وذلك اختيار؟ أليس الصنفان المختاران كلاهما من الناس؟ فلماذا تسع حقوق الإنسان النموذج الأول ولا تسع النموذج الثاني؟
أين يتجلى دور حقوق الإنسان في المغرب أمام هذه الخروقات والتميز ضد هذه الفئة المستضعفة المستهدفة؟ وما هذه المفارقات العجيبة؟
أين هي مراعاة بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في قضية دور القرآن في المادة 18 : لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة. والمادة 19: لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.
المادة 20: (1) لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية.
(2) لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما.
فكيف مع هذه البنود يحق لوزير الداخلية تبرير إغلاق دور القرآن بأنها تابعة للمغراوي وتحمل فكره؟ وبأن روادها قلة 2800 حسب زعمه، وهل يرى الوزير جواز الاعتداء على حقوق القلة؟
وللإشارة فقط، لم نستشهد بالمواد أعلاه إيمانا منا بها، ولكن إلزاما للمطبلين بها النافخين كل يوم في مزمارها، وإلا ففي ديننا عدل وقسط، لا نرضى به بديلا.