ديربان2: غياب الدول العنصرية عن مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية إعداد عابد عبد المنعم

اعتبر الناشط الحقوقي الغربي “إلياس دايفدسون” أن الدول الغربية التي قاطعت مؤتمر “ديربان2” لمكافحة العنصرية، الذي عقد في 20 أبريل 2009 بجنيف هي الدول التي تمارس السياسات العنصرية وتدعمها.

وفي مقال له بعنوان “ديربان2: غياب الدول العنصرية عن مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية”، قال “دايفدسون”: “لقد قاطع عدد من الدول، بما فيها إسرائيل والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وهولندا، مؤتمر الأمم المتحدة المناهض للعنصرية الذي بدأ اليوم في جنيف، ولا استغرب على هذه الدول التي تدعم وتمارس السياسات العنصرية مقاطعة مثل هذا المؤتمر”.
وقد قاطع المؤتمر كل من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وكندا وأستراليا وهولندا وإيطاليا، وقال متحدث باسم الخارجية الصهيونية إن المؤتمر كان يفترض أن يكون تجمعا من أجل مناهضة العنصرية لكنه بات شكلا من أشكال العنصرية، على حد قوله.
وقد بررت الدول المقاطعة للمؤتمر موقفها بالقول إن المؤتمر قد يتحول إلى منبر لمعاداة “إسرائيل”.
وصرح الرئيس الأميركي باراك أوباما إن بلاده لن تحضر المؤتمر بسبب “الادعاءات التي تتسم بالنفاق” ويوجهها منظمو المؤتمر إلى إسرائيل، وأضاف أن “منظمي المؤتمر رفضوا إسقاط الادعاءات بعنصرية إسرائيل على البيان الختامي للمؤتمر, مما جعل من المستحيل حضور واشنطن له”.
وبدوره قال وزير الخارجية الهولندي “ماكسيم فيرهاجن” الذي تقاطع بلاده المؤتمر أيضا إن الدول التي “لا يزال عليها فعل الكثير في مجال حقوق الإنسان هي بالذات التي تحاول وضع إسرائيل على كرسي الاتهام”.
ومن جهته قال وزير الخارجية الأسترالي “سيتفين سميث” في بيان “لا يمكننا للأسف أن نكون على يقين من أن المؤتمر لن يستغل مرة أخرى كمنبر للتعبير عن آراء عدائية بما في ذلك الآراء المعادية للسامية”.
وقد علق الناشط الحقوقي “دايفدسون” أن “قرار هذه الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالغياب عن مؤتمر ديربان2 يجب أن يرحب به؛ لأن حكومات هذه الدول تفضح بذلك نفسها أمام العالم أجمع كمعارض للقضاء على كل أشكال العنصرية والتمييز العنصري، كما تنتقص من شرعيتها كأعضاء داعمين للمبادئ الأخلاقية في المنظومة الدولية”.
وأوضح المتحدث أنه “بدلا من محاولة معرفة كيف يمكن للمجتمع الدولي مكافحة العنصرية بكل أشكالها أصبح مرة أخرى مجرد ذريعة للمنظمات والجماعات والدول العنصرية والمتطرفة”.

وقال إن “دولة إسرائيل تأسست على أساس عنصري كدولة جامعة ليهود العالم؛ حيث لا تعتبر نفسها دولة لكل سكانها، وإنما دولة ليهود العالم فقط، وذلك وفقاً لإعلان تأسيسها الصادر بتاريخ 15 مايو 1948م”، ورأى أن “هذا المبدأ في حد ذاته يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان؛ حيث يمنح وضعاً تمييزياً لليهود ومن ثم يمثل شكلاً من أشكال العنصرية الفجة ضد غير اليهود”.
وذكر أيضاً أن “الإيديولوجية الرسمية لدولة إسرائيل والتي تمثل هذه السياسة التمييزية تسمى بالصهيونية، وأن الصهيونية، لهذا السبب، يمكن توصيفها بدقة بأنها شكل من أشكال العنصرية”.
وقال إن الكيان الصهيوني حاول “إعطاء غطاء قانوني لهذه القاعدة الدستورية العنصرية، عبر سن عدد من القوانين كرست التمييز بين حقوق اليهود وحقوق غير اليهود”، مشيراً إلى أنه “جرى استخدام هذه القوانين بفعالية لحرمان أكثر من 4 ملايين من غير اليهود من حقوقهم الأساسية مثل: الحق في المواطنة والحق في السكن والحق في المساواة”.
وذكر الناشط الحقوقي الغربي أن “الدول الأعضاء في حلف الناتو، وعلى رأسها الولايات المتحدة، قامت بحماية إسرائيل على مدى عقود من العقوبات الدولية، على الرغم من الرفض الإسرائيلي المنهجي والانتهاك المتكرر لقرارات الأمم المتحدة ولقوانين حقوق الإنسان وبصفة خاصة تلك التي تدين طبيعتها العنصرية”.
ونفى دايفدسون أن “يكون دافع الدول الغربية من دعمها وتأييدها للكيان الصهيوني هو التعاطف مع اليهود، كما تزعم وسائل الإعلام الغربية، مؤكداً أن الدعم الغربي لإسرائيل قائم على مصالح إستراتيجية بحتة”.
وأوضح قائلاً: إن “الدعم الغربي لإقامة الدولة اليهودية في المنطقة العربية سبق فترة النازية؛ حيث استخدمت بريطانيا القوة العسكرية منذ عام 1917م، لفرض ما يسمى بالدولة اليهودية على الشعب العربي في فلسطين؛ وذلك حتى يكون هذا الكيان أداة لتنفيذ المصالح الاستعمارية الغربية”.
وأضاف: “بعد انحسار الإمبراطورية البريطانية وظهور الإمبراطورية الأمريكية، أصبحت الولايات المتحدة الحامي الرئيسي لدولة إسرائيل، التي لا تزال حتى يومنا هذا أداة لتنفيذ المصالح الاستعمارية الغربية؛ حيث تشن إسرائيل منذ عقود عمليات سرية بالوكالة للقوى الغربية مثل الاغتيالات وتدريب فرق الموت في دول العالم الثالث، وخصوصاً في إفريقيا وأمريكا الوسطى”.
وأكد إلياس دايفدسون أن “دول حلف الناتو، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لم تقدم فقط الدعم المالي والعسكري لإسرائيل، بل أيدتها أيضا في أيدلوجيتها الصهيونية العنصرية”، وأشار، في هذا الصدد، إلى أن دول الناتو شاركت في هجوم هستيري على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي صدر عام 1975م وأدان الصهيونية كشكل من أشكل التمييز العنصري.
واعتبر أن “الأسطورة التي تتبعها القوى الصهيونية باتهام كل من يعارض الصهيونية بأنه معاد للسامية هي محط افتراء بحت؛ حيث إن المعارضة الشديدة للصهيونية كانت وما زالت موجودة بين اليهود العلمانيين والمتدينين على حد سواء”. وأوضح قائلاً: “في حين يعارض اليهود المتدينون الصهيونية باعتبارها جريمة ضد إرادة الله، يرى العديد من اليهود العلمانيين أن الصهيونية إيديولوجية عنصرية تهدد حقوقهم في المجتمعات غير اليهودية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *