شن الفيلسوف الفرنسي “ريديكير” في صحيفة “لوموند” هجوماً عنيفاً على الإسلام والمسلمين في مقال “في مواجهة التهويل الإسلامي.. ماذا يفعل العالم الحر؟”، قائلا: إن “العنف والكراهية تعيش في الكتاب -القرآن الكريم- الذي يثقّف المسلمين”.
وإن “ردود الفعل الإسلامية على خطاب البابا التحليلي تأتي في إطار سعي هذا الإسلام إلى خنق أغلى ما يمتلكه الغرب وما لا يوجد في أي بلد مسلم وهو حرية التفكير والتعبير”، محذراً من أن الأنظمة التي يسعى الإسلام لفرضها على أوروبا، تعني “رضوخ الغرب لدكتاتورية الإسلام”. وشبّه “ريديكير” الإسلام بالشيوعية، مضيفاً “اليوم، مثل الشيوعية بالأمس، يستغلّ الإسلام كرم الغرب، وانفتاحه، وتسامحه، وقيمه الديمقراطية.. وهو يسعى إلى فرض النظام القرآني على العالم الغربي نفسه”.
وقال “ريديكير”: إن “القرآن هو كتاب العنف المطلق، ومحمد هو سيد الكراهية، وهو قائد حرب لا يرحم، سارق، جزار اليهود، ذو ميول جنسية تخوّله الزواج بالعشرات، ذلك هو محمد في القرآن.. إن العنف والكراهية يعيشان في القرآن الذي يثقف المسلمين”، متهكماً على مناسك الحج عند المسلمين، قائلاً “إذا كان رجم الشيطان في مكة هو فعل مقدّس.. بإمكانك عندئذ أن تفهم العنف في هذا الدين”.
حقد بلا نهاية
واللافت أن الغالبية العظمى لمثقفي الغرب وكتابه وصحافييه انطلقوا يعلنون عن كراهيتهم للإسلام، مستكثرين على المسلمين أن يهبُّوا دفاعاً عن دينهم حينما أهانه بابا الفاتيكان مؤخراً، ويقولون إن المسلمين صدَّعوا رؤوسنا بالاحتجاجات كلما حدث شيء في الغرب لا يعجبهم، ورصد بعضهم أعنف ردود فعل في العالم الإسلامي في الفترة الأخيرة كالتالي:
– في عام 1989م كان صدور رواية سلمان رشدي “الآيات الشيطانية”، التي أدت إلى وقوع أعمال الشغب كانت حصيلتها مقتل ما يزيد عن 20 شخصاًً معظمهم في الهند.
– وفي عام 1997م عندما رفضت المحكمة الدستورية العليا للولايات المتحدة أن تزيل “فريز”: عمود يُزين قاعة المحكمة الرئيسية مكتوب عليه اسم للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بوصفه أحد مشرعي القوانين؛ جعل مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية يعترض، مما أدى إلى أحداث شغب وسقوط جرحى.
– وفي عام 2002م كان لوصف “جيري فالويل”، الزعيم البروتستانتي الإنجيلي الأمريكي الجنسية، لرسولنا الكريم بـ “الإرهابي” ردود فعل أدت إلى إحراق الكنائس ومقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص.
– وفي عام 2005م أثار ما فعله محققون أمريكيون في معتقل خليج جوانتانامو، بإلقاء القرآن في المرحاض من أجل إزعاج ومضايقة المعتقلين المشتبه بهم، الاحتجاج والتظاهر عبر أرجاء العالم الإسلامي، مما أدى إلى مقتل 15 شخصاً على الأقل.
– وفي فبراير 2006م ـ نشرت الصحيفة الدنمركية “يولانس- بوستن” 12 رسما كاريكاتورياً مسيئاً لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، مما أدى إلى رد فعل شديد من المسلمين ضد الحكومة الدنمركية، نتج عنه مقتل المئات، معظمهم في نيجيريا.
– وفي شتنبر 2006م ـ استشهد البابا “بينديكت السادس عشر” بوجهات نظر إمبراطور بيزنطي ترى أن ما هو جديد في الإسلام إنما هو “شرير ولا إنساني،” مما أدى إلى ردود فعل عنيفة جديدة.
والذي يقض مضاجع الغربيين أن هذه الجولات الخمس تتصف بما يقترب من تضاعف التكرار: 8 سنوات بين الجولة الأولى والثانية، ثم 5 سنوات بين الثانية والثالثة، ثم 3 سنوات بين الثالثة والرابعة، وسنة بين الرابعة والخامسة، ونصف عام بين الخامسة والسادسة.
حضارة متعطشة للدماء
إن الثابت تاريخياً أن النصارى عانوا أثناء سلطان الحضارة النصرانية أكثر مما عانَوْا تحت سلطان الرومان قبل مجيء النصرانية أو أي سلطان آخر طوال التاريخ، وتجرع الملايين غصص التعذيب وذُبِحوا ذبحا باسم النصرانية أثناء البدع الآريوسية والدوناتية والألبيجينية، ودعنا من محاكم التفتيش المختلفة أو الحروب الصليبية التي كانت الجيوش الأوربية تقول فيها وهى تجزر رقاب المسلمين: “اقتلوهم عن بَكْرة أبيهم، ولسوف يميز الله من يخصّونه ممن لا يخصّونه”. وغَنِىٌّ عن القول أن هذه الاعتداءات التي قام بها النصارى، بل كل الاعتداءات النصرانية على مدار التاريخ، لا صلة بينها على الإطلاق وبين المسيح عليه السلام أو حتى بينها وبين الأناجيل.
والواقع أن ذلك العنف الأعمى الذي لا يعرف التمييز لا يقتصر البتة على “عصور الظلام” في أوربا أو على فترة واحدة من التاريخ النصراني دون سواها، فحركات الإصلاح الديني والحركات المضادة لها قد دفعت كلتاهما بالمجازر التي ارتكبها النصارى بعضهم في حق بعضهم إلى آمادٍ قياسيةٍ غير مسبوقة، إذ تمت إبادة ثلثي النصارى في أوربا خلال تلك الفترة. ثم لا ينبغي أن ننسى الحروب النابليونية من 1792م إلى 1815م، ولا تجارة الرقيق الأفريقي التي حصدت أرواح عشرة ملايين إنسان، أو الغزو الاستعماري المتلاحق، فضلا عن الحروب والبرامج والثورات والإبادات الأخرى. إن أعداد السكان الأصليين الذين أبيدوا في شمال أمريكا ووسطها وجنوبها لترتفع إلى رقم العشرين مليونا في خلال ثلاثة أجيال لا غير!
وبالإضافة إلى ألوان التخريب والعنف الأوربي في الماضي، أخذت الحضارة الغربية الحروب مرة أخرى إلى مسافاتٍ لم تعرفها البشرية من قبل، حتى إن أحد الإحصاءات الغربية لتصل بعدد المقتولين قتلا وحشيا في القرن العشرين إلى أكثر من مائتين وخمسين مليونا يتحمل المسلمون منها وِزْر أقل من عشرة ملايين ليس إلا، على حين يُسْأَل النصارى أو المنتمون إلى النصرانية عن مائتي مليون من ذلك العدد. و يعود معظم أعداد هؤلاء القتلى إلى الحرب العالمية الأولى (20 مليونا، 90 % منها على الأقل تمت على أيدي نصارى) والحرب العالمية الثانية (90 مليونا، 50 % منها على الأقل تمت على أيدي نصارى، أما الباقي فقد وقع أغلبه في الشرق الأقصى).
وفى القرن العشرين وحده نجد أن الغربيين والنصارى قد ارتكبوا من جرائم القتل ما لا يمكن إحصاؤه، ولقد تسبب الغربيون في هذا القرن الذي لم يشهد التاريخ مثله دموية في إيقاع الإصابات بين المدنيين بما لا يمكن تبريره: انظر إلى إزهاق أرواح تسعمائة رواندي عامي 1992م و1995م في بلدٍ أكثر من 90% من سكانه نصارى، أو انظر إلى إبادة أكثر من ثلث مليون مسلم، وكذلك الاغتصاب المنظم لأكثر من مائة ألف امرأة مسلمة في البوسنة، على يد نصارى الصرب، فهذه الحقائق البشعة تقول بلغة الأرقام والإحصاءات التي لا تعرف الكذب إن الحضارة النصرانية هي أشد حضارات التاريخ عنفا ودموية، وإنها مسؤولة عن إزهاق مئات الملايين من الأرواح.