تساءل عدد من المتتبعين لعملية القتل التي وقعت بحي القرية بمدينة سلا عن غياب الصوت الحقوقي؛ وعدم خروج الجمعيات التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان للمطالبة بالحفاظ على أعظم حق وهو حق الإنسان في الحياة.
فقد اعتاد المغاربة أن يروا وجوها معروفة خلال مناسبات عديدة؛ تؤثث منصات المنابر الإعلامية، وتدبج البيانات، وتنظم الوقفات الاحتجاجية، وترفع صوتها وتصيح بكل قوة مطالبة بضمان حقوق المواطنين كما هو متعارف عليها دوليا.
وفي هذا الإطار رفع المشاركون في مسيرة “القرية”بمدينة سلا يوم الأحد 23 شتنبر 2018 شعارات تشجب الصمت المطبق للجمعيات الحقوقية إزاء ما يعانيه المواطنون من اعتداء جسدي وإرهاب وحرمان من حق التجول.
صمت الجمعيات المذكورة عما وقع بسلا ربما يعود لمطالبة ساكنة القرية بإعدام الجناة؛ ومعلوم أن تلك الجمعيات لازالت تناضل من أجل إسقاط عقوبة الإعدام، لكن صمتها عن وفاة “حياة” بالطريقة التي تمت بها دفع كثيرا من المتتبعين إلى وضع أكثر من علامة استفهام حول الملفات التي تدافع عنها والقضايا التي تعنى بها.
الجمعيات المذكورة؛ والتي عبرت مؤخرا عن فرحها الشديد بقانون تجريم التحرش بالنساء؛ يبدو أنها غير مكترثة تماما بالتحرش بأرواح المواطنين، وغير مهتمة بما يعانونه (نساء ورجالا) جراء عمليات السطو و”الكريساج” و”التشرميل”، والتصفية والقتل، وبتر الأعضاء وإحداث عاهات على مستوى الوجه وباقي أعضاء الجسد.
طبعا؛ أنا لا أعمم الحكم على كل الجمعيات الحقوقية؛ لأن منها من يتحلى بالنزاهة والمصداقية، لكن كثيرا منها للأسف الشديد تشتغل وفق أجندة محددة، ولا تتحرك إلا للدفاع عن الحريات الفردية، وافتعال التصادم بين الجنسين، والدعوة إلى إباحة الإجهاض؛ واللواط والشذوذ الجنسي؛ والزنا والإنجاب خارج إطار الزواج؛ والمساواة في الإرث؛ وتجريم تعدد الزوجات..؛ إلى آخر مطالبهم المعروفة.
فإغفال الجمعيات والمنظمات المذكورة لملفات تؤرق نساء ورجال المغرب، وإيلاؤها العناية الكبرى لأخرى ثانوية، مثل (صايتي حريتي..)، يكشف بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الجمعيات المدنية تشتغل وفق أجندات الجهات المانحة، ولا تدافع عن المرأة المغربية وإنما عن نوع معين من المرأة تريد أن يمكَّن له؛ ويسود في هذا البلد، وإلا لو كانت منسجمة مع قناعاتها؛ مؤمنة بمبادئها؛ لدافعت عن الشابة “حياة بلقاسم” التي توفيت برصاص قوات البحرية الملكية خلال عملية مطاردة زورق مخصص للهجرة السرية؛ كان مستقلوه يبحثون فقط عن فرصة للحياة في الضفة الأخرى.