المفاسد الأخلاقية والأضرار التربوية للتعليم المختلط

يمكن إرجاع جذور الاختلاط في التعليم بين الجنسين في الدول الإسلامية إلى المدارس والجامعات الأجنبية والتنصيرية التي أنشأت داخل بلادنا، والتي ما لبثت مع مرور الأيام أن تحولت إلى مدارس وجامعات مختلطة بين الطلاب والطالبات بعد أن كانت غير مختلطة في بداية إنشائها، ثم كانت الدعوة إلى اختلاط الجنسين في المدارس والجامعات على أيدي العلمانيين الذين فتنوا بما لدى الغرب من تقدم علمي، فظنوا أن هذا من آثار الاختلاط فرفعوا راياتهم منادين ومدافعين عنه. 

وقد كانت حجتهم كالعادة هي: تحقيق المساواة بين الذكور والإناث وتحرير المرأة، بدعوى أنها مضطهدة، إلا أنه مع مرور السنين لاحظ الغرب أن نتائج هذه التجربة لم تكن في مصلحتهم حيث أصبحت مؤسساتهم التعليمية وكرا للاغتصاب والفحش والتحرش الجنسي.
وبالنظر إلى موقفهم المعلوم اتجاه الإسلام والمسلمين فقد حاولوا نقل هذا الداء إلينا عن طريق الطابور الخامس “العلمانيين” للقضاء على ما تبقى عندنا من قيم وأخلاق، فاستعملوا في حملتهم شعار مساعدة الدول الفقيرة والنامية وحقوق الإنسان، وحق التمدرس وتعميمه..
إن الحق يعلو ولا يعلى عليه، فبينما يدافع بعض بني جلدتنا عن الاختلاط في التعليم، نجد العديد من الأصوات الغربية التي ترفضه وتقول كلمة الحق التي أخفاها بنو جلدتنا، فالغرب الذي بدأ بالاختلاط في التعليم هو الذي يشكو منه اليوم وينادي بمنعه.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية نادى الرئيس الأسبق “بوش” الصغير وبعض الشخصيات الديمقراطية كـ”هيلاري كلينتون” بمنع الاختلاط في التعليم.
وأعلنت إدارة “بوش” آنذاك أنها ستمنح المدارس العامة الحكومية والخاصة حق عدم الاختلاط بين الجنسين في المدارس، لتوفير خيارات تعليمية متنوعة وتلبية للاحتياجات التربوية. ووافق الكونجرس الأمريكي على هذه الخطوة وأعطى توجيهات إلى وزير التربية والتعليم “رود بيج” ببحث سبل توسيع نطاق الخيارات المتاحة أمام زيادة عدد الفصول التي يتم من خلالها تطبيق عدم الاختلاط بين الجنسين. وقد تقدمت بهذا المشروع السيناتور الديمقراطي “هيلاري كلينتون” وزميلتها الجمهورية “كاي بيلي هوتشون”، وقالت الأخيرة إن نظام عدم الاختلاط موجود في المدارس الخاصة منذ عدة سنوات وحان الوقت لتعميم هذا النظام على المدارس الحكومية العامة.
وتقول الأمريكية راشيل بريتشرد: “التعليم المختلط يشجع على العلاقات بين الأولاد والبنات، وإذا أُحصي عدد المراهقات الحوامل من مدارس مختلطة ومن مدارس بدون اختلاط (خصوصاً المدارس الإسلامية) لوجدنا في الغالب أن النسبة في المدارس المختلطة تكون 57% على الأقل مقارنة بالمدارس التي تطبق الفصل بين الجنسين بنسبة لعلها قريبة من 5% (في حين ستجد أن النسبة في المدارس الإسلامية هي الصفر)، كما أنني أعتقد أن اختلاط الجنسين يؤدي إلى عدم تركيزهم من الناحية الدراسية؛ لأن اهـتمامهم سيكون موجهاً للجنس الآخر”.
وفي بريطانيا أفادت دراسة أعدتها المؤسسة الوطنية البريطانية للبحث التعليمي؛ نشرت سنة 2002 وأجريت على 2954 مدرسة ثانوية تستهدف دراسة مدى تأثير حجم المدرسة ونوعها -مختلطة أو غير مختلطة- في أدائها التعليمي، تبين أن أداء الطلبة الذكور والإناث كان أفضل دراسياً في المدارس غير المختلطة وأن الفتيات كن أكثر استفادة من الفصل بين الجنسين في تنمية أدائهن.
وأطلقت الصين مؤخرا المدرسة الأولى التي تعتمد سياسة الفصل بين الجنسين بمدينة “قوانغ دونغ”، وستقوم المدرسة بتسجيل أكثر من 1000 طالبة في الموسم الدراسي 2010 في المتوسطة الخاصة بالبنات.
وقالت وكالة الأنباء الصينية إن الصينيين يرون هذه الخطوة تمنع ما يسمى بغرام المراهقة وهي أفضل لتنشئة الفتيات، وقالت مديرة المدرسة ذات تجربة الفصل بين الجنسين: “إن مئات السنين من التجربة في الدول الغربية أثبتت أن نمط مدارس البنات لم يكن له أثر سلبي يذكر على تنشئة الطلاب”.
سبحان الله! يتراجع الغرب “المتقدم المتمدن!” شيئا فشيئا عن الاختلاط ويأبى العلمانيون الظلاميون في بلادنا إلا استكبارا وعنادا.
تقول يولين ديلابيني: “إن مناقشة مسألة الاختلاط عندنا في فرنسا تدخل في حيز المسكوت عنه كما أعلنت جريدة “ماري كلير”، فلماذا تأخرنا إلى نهاية القرن العشرين لمناقشة هذه المسألة في حين أن دول أخرى انفتحت عليها بشكل ملحوظ، لأن كل الدراسات تؤكد أن الاختلاط ليس في مصلحة البنات، إذ أنهن أقل ثقة من الذكور الذين يتعرضون لهن بالاستهزاء، ولأن المدرسين -وعن غير قصد- يولون أهمية أكبر للذكور خصوصا في العلوم، وقد توصلت لهذه النتائج دول مثل ألمانيا والسويد وإسبانيا وإنجلترا.
وتلقى المدارس الخاصة بالبنات اهتماما خاصا في بريطانيا من طرف الآباء لأنهم لاحظوا أن التلميذات اللاتي يدرسن فيها يحصلن على نتائج جيدة في الباكالوريا.
وجربت ألمانيا الفصل في بعض المواد كالتربية الجنسية للذكور لتتيح لهم التعبير بارتياح ثم الإعلاميات عند الإناث، وباختصار فإن السماح بالاختلاط لتحقيق المساواة بين الجنسين حقق نتائج عكسية لأن مظاهر اللامساواة لاتزال قائمة”.
ويطرح “ميشيل فايز” أخصائي علم الاجتماع في كتابه “فخاخ التعليم المختلط”، أسئلة من بينها: كيف ننقذ البنات من الاغتصابات في المدارس؟ كيف نحمي الأولاد من التدني المستمر في نتائجهم الدراسية بسبب الاختلاط؟
ويرى أن الحل هو التخلص من الاختلاط في المدارس بين الجنسين ويدافع هذا الباحث عن هذا الطرح بشدة حتى اشتهر به.
وقد جنحت العديد من الدول الغربية إلى التفكير جديا في إقرار تعليم غير مختلط انطلاقا من دراسات دقيقة قامت بها هيئات ومراكز دراسات مختصة في مجال التربية والتكوين؛ كشفت أن التعليم المختلط يؤدي إلى إعاقة التفوق الدراسي وانخفاض مستوى الذكاء وقتل روح المنافسة وضعف الإبداع ومحدودية المواهب عند التلاميذ والطلبة؛ ويسبب في انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل سفاحًا اللاتي تقل أعمارهن عن ستة عشر سنة، كما أثبتت الدراسة تزايد معدل الجرائم الجنسية والاعتداء على الفتيات بنسب كبيرة جدا. (الغرب يتراجع عن الاختلاط، بفرلي شو)، وقد بلغت نسبة التلميذات الحوامل سفاحًا في أمريكا 48% من تلميذات إحدى المدارس الثانوية. (المرأة المسلمة، وهبي غاوجي).
فالغرب البراغماتي العلماني أدرك أن التعليم المختلط يكبده خسائر فادحة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والصحي..؛ فمتى ندرك نحن أن مصلحتنا وعزنا وسؤددنا في تمسكنا بديننا وتطبيق أحكامه التي نصت قبل أكثر من أربعة عشر قرنا على تحريم الاختلاط بين الجنسين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *