لم أدفعه إليك لتعلّمه السباحة
دفع أبو الطّيب الطبري خفاً إلى خفّاف ليصلحه، فكان كلّما مرّ عليه يتقاضاه، وكان الخفّاف كلما رأى القاضي أخذ الخف وغمسه في الماء وقال: الساعة الساعة، فلمّا طال عليه قال له إنّما دفعته إليك لتصلحه ولم أدفعه إليك لتعلّمه السباحة.
مسكيناً ضريراً
قال أبو جعفر محمد بن جعفر البربي: مررت بسائل على الجسر وهو يقول مسكيناً ضريراً، فدفعت إليه قطعة وقلت لهُ: لم نصبت: فقال فديتك بإضمار ارحموا.
خرجت بشراً
قال محمد بن سكرة دخلت حماماً وخرجت وقد سرق مداسي (نعلي)، فعدت إلى داري حافياً وأنا أقول:
إليك أذم حمّام ابن موســى *** وإن فـاق المنـى طـيباً وحــــــــرّا
تكاثرت اللّصوص عليــه *** حتى ليحفى من يطيف به ويعرى
ولم أفقد به ثـوبـاً ولكـــن *** دخلت محمداً وخـرجت بشــــــراً
(انطلقوا إلى ما كنتم به تكّذبون)
قال أبو الحسن المدائني: قال بعض أهل العلم: كان لنا صديقٌ من أهل البصرة وكان ظريفاً أديباً، فوعدنا أن يدعونا إلى منزله، فكان يمرّ بنا فكلما رأيناه قلنا له: “متى هذا الوعد إن كنتم صادقين” (الأنبياء 38) فيسكت إلى أن اجتمع ما نريد فمرّ بنا فأعدنا عليه فقال: “انطلقوا إلى ما كنتم به تكّذبون” (المرسلات 29).
إنّي إذن لرقيع (الرَّقِيعُ: الأحمقُ الطَّائش)
كان لأحمد بن الخصيب وكيلٌ في ضياعه، فرفعت عليه جناية ٌ فهرب، فكتب إليه أحمد يؤنسه ويحلف له على بطلان ما اتصل به ويأمره بالرّجوع فكتب إليه.
أنّا لك عبدٌ سامعٌ ومطيعٌ *** وإنّي بما تهوى إليك سريع
ولكن لي كفّاً أعيش بفضلها *** فما أشتري إلا بها وأبيع
أأجعلها تحت الرّحى ثمّ أبتغي *** خلاصاً لها إنّي إذن لرقيع
أحطُّ من العشرين خمساً
خرج أبو نواس في أيّام العشر يريد شراءَ أضحية، فلمّا صار في المربد إذا هو بأعرابي قد أدخل شاة ً له يقدمها كبشٌ فارهٌ فقال لأجرِّبنّ هذا الأعرابي فأنظر ما عنده فإني أظنّه عاقلاً فقال أبو نواسٍ:
أيا صاحب الشّاة الّتي قد تسوقها *** بكم ذاكم الكبش الذي قد تقدّما
فقال الأعرابيّ: أبيعكه إن كنت ممّن يريده *** ولم تكُ مزّاحاً بعشرين درهما
فقال أبو نواسٍ: أجدت رعاك الله ردَّ جوابنا *** فأحسن إلينا إن أردت التّكرما
فقال الأعرابي: أحطُّ من العشرين خمساً فإننّي *** أراك ظريفاً فأقبضنه مسلماً
قال فدفع إليه خمسة عشر درهماً وأخذ كبشاً يساوي ثلاثين درهماً.
أنت كيف مات
تغدى أعرابيٌ مع مزبدٍ فقال له مزبد: كيف مات أبوك، فأخذ يحدثه بحاله وأخذ مزبد يمضي في أكله، فلمّا فطن الأعرابي قطع الحديث وقال له: أنت كيف مات أبوك فقال فجأة وأخذ يأكل.
لا بد من زاد
قال الأصمعي: أتيت البادية فإذا أعرابيّ قد زرع برّاً فلمّا استوى وقام على سنبله مرّ به رَجْلٌ من جرادٍ وتضيّفوا به، فجعل الأعرابي ينظر إليه ولا حيلة له فأنشأ يقول:
مرّ الجراد على زرعي فقلت له *** ألمم بخـيرٍ ولا تلمـم بإفـساد
فقال منهم عظيمٌ فوق سنبلــة ٍ*** إنّا على سفرٍ لا بد من زاد
حكم ومواعظ
من طرائف الحكمة:
– من لا يقدر على جمع الفضائل، فلتكن فضائله ترك الرذائل.
– من استبّد برأيه خفت وطأته على أعدائه.
– من لا يعرف الخير من الشر فألحقه بالبهائم.
– كرم المرء دينه، و مروءته عقله، و حسبه خلقه.
– ربّ موت يجيء من طلب الحياة.
– لسان المرء من خدم الفؤاد.
– المرء توّاق إلى ما لم ينل.
– أحبُّ شيء إلى الإنسان ما منع.
– من حسد الناس بدأ بمضرّة نفسه.
– لا خير في القول إلاّ مع العمل، و لا في الفقه إلاّ مع الورع، ولا في الصدقة إلا مع النية، و لا في المال إلاّ مع الزكاة، و لا في الصدق إلا مع إنجاز الوعد.
– لا عقل كالتدبير، ولا ورع ككفّ الأذى.
– طرف الفتى يخبر عن لسانه.
– إذا أقبلت الدنيا على امرئ ألبسته محاسن غيره، وإن أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.
– رضا الناس غاية لا تدرك.
– رضي بالذّل من كشف ضرّه.
– طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس.
– زكاة النّعم المعروف.
– السعيد من وُعظ بغيره.
– إذا تخاصم اللّصان ظهر المسروق.
– إذا تم العقل نقص الكلام.
– الجزع أتعب من الصبر.
– قليل عاجل خير من كثير آجل.
– الحرص يذل الرجال.
– ركوب الأهوال، خير من ذلّ السؤال.
– طول التجارب زيادة في العقل.
– العفاف زينة الفقر، و الشكر زينة الغنى، و التّقى رئيس الأخلاق.
– لا حسن كحسن الخلق، و لا غنى كالرضا.
الاحتفاظ بالوقار
قال مصطفى السباعي رحمه الله: احتفظ بوقارك في أربعة مواطن: في مذاكرتك مع من هو أعلم منك، وتعليم لمن هو أكبر منك، ومخاصمتك مع من هو أقوى منك، ومناقشتك مع من هو أسفه منك.
قالو عن الصبر:
الصبر..عند المصيبة.. يسمى إيماناً
الصبر.. عند الأكل.. يسمى قناعة
الصبر.. عند حفظ السر.. يسمى كتماناً
الصبر.. من أجل الصداقة.. يسمى وفاء
طول الأمل
يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه (صيد الخاطر): “من أظرف الأشياء إفاقة المحتضر عند موته، فإنه ينتبه انتباها لا يوصف، ويقلق قلقا لا يحد، ويتلهف على زمانه الماضي، ويود لو ترك كي يتدارك ما فاته ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت، و يكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف.
ولو وجدت ذرة من تلك الأحوال في أوان العافية حصل كل مقصود من العمل بالتقوى، فالعاقل من مثّل تلك الساعة وعمل بمقتضى ذلك، فإن لم يتهيأ تصوير ذلك على حقيقته تخايله على قدر يقظته، فإنه يكف كف الهوى و يبعث على الجد، فأما من كانت تلك الساعة نصب عينيه كان كالأسير لها) اهـ.
أضف إلى معلوماتك
الشهور السيريانية
تعود تسمية الشهور السريانية إلى عام 312م، وتنسب إلى السريان وهم أقوام عاشوا في بعض مناطق الجزيرة منذ عهد قديم وهي على النحو التالي :
كانون الثاني والأول (يناير ودجنبر): يرى البعض أن اسم كانون مشتق من الثبات والاستقرار، وقصد به ظواهر فصل الشتاء، ويرى البعض الآخر أنه من الكن والاستقرار في البيت بسبب توقف العمل بالزراعة حيث تحول العوامل الجوية دون ذلك، وقيل أن كانون كلمة يابانية تعني الشتاء، وقيل : إنها تعني موقد النار.
شباط (فبراير): يعود معناه إلى كلمات تشير إلى الضرب والجلد، وقيل: إنها بابلية الأصل، وسبب التسمية هو شدة البرد والرياح في هذا الوقت من السنة.
نيسان (أبريل): الكلمة من أصل بابلي هو “نيسانو”، ويعني البدء والتحرك، أو الشروع بالشئ.
وكان هذا الشهر بداية السنة الدينية عند البابليين.
أيار (مايو): الكلمة بابلية الأصل، وقد تعنى الضياء أو النور، أو الزهر وهو زهر فصل الربيع.
حزيران (يونيو): لفظ سرياني يعني الحنطة أي القمح لوقوع موسم حصاده فيه.
تموز (يوليو): اللفظ بابلي عن لفظ سومري، يعني ابن الحياة، وقصد به إله عبده السومريون والأكاديون، وكان هذا الشهر مكرسا له وهو إله يموت ويعود.
آب (أغسطس): الكلمة من أصل بابلي يعني العداء بسبب شدة الحر، وكان الشهر مكرسا لآلهة النار. وقد تكون سريانية بمعنى غلال ومواسم أو ثمر ناضج ويحتمل أن يكون الاسم من كلمة أب العربية التي تعني النبات والكلا.
أيلول (شتنبر) الكلمة بابلية الأصل يقابلها في العربية، (ول) بمعنى الصراخ والعويل، وتقام في هذا الشهر المناحة (النواح) على الآله تموز.
تشرين الأول والثاني (أكتوبر ونونبر): من الكلمات السريانية تشري قديم وتشري حراي أي السابق واللاحق.