التطبيقات العلمانية لحرية التعبير بالمفهوم الغربي في البلاد الإسلامية -المغرب نموذجا-

إذا كانت قوانين الدول الغربية المؤطرة لمجال حرية التعبير تنسجم إلى حد ما مع عقيدتها الجديدة التي تبنتها بعد ثورتها على الكنيسة؛ فإن الأمر في البلدان الإسلامية على خلاف ذلك تماما؛ فجل دساتير تلك الدول تنص على أن دين الدولة هو الإسلام؛ ومع ذلك نجد أن العديد من المنابر الإعلامية والجمعيات الحقوقية ذات المرجعية العلمانية تخالف دين الدولة والشعب معا؛ وتغرد خارج السرب؛ وتصرُّ على أن تسبح فقط في فلك العقيدة الجديدة للعالم الغربي.

فانطلاقا من المرجعية الغربية لمفهوم حرية التعبير وإبداء الرأي؛ يدعي العلمانيون في هذا البلد؛ أنه:
– من حق الشواذ التمتع بممارسة ميولاتهم الجنسية!
– ومن حق من امتنع عن صيام رمضان الأكل في الشارع العام!
– ومن حق شاربي الخمر التمتع بحقهم في معاقرة أم الخبائث !
– ومن حق أي أحد أن يرتد عن دينه؛ أو يدعو لمعتقداته وإن خالفت دين البلد !
– ومن حق وسائل الإعلام أن تتطرق لكل المواضيع بدون استثناء؛ وبكل جرأة وحرية؛ حتى لو مست الذات الإلهية؛ والنبوة والرسالة!
وبذلك تتجلى التطبيقات العلمانية لحرية التعبير وفق المفهوم الغربي في أبهى صورها.
فمن منا ينسى ملف النكت الذي سبق أن أعدته المجلة البائدة “نيشان” تحت عنوان “كيفاش المغاربة كيضحكو على الدين والجنس والسياسة” حيث تضمن هذا الملف الاستهزاء الصريح بالله عز وجل ورسله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم؛ واستهزئ بملائكته واليوم الآخر وبعض الصحابة، وذكر الإسلام على سبيل السخرية والتنقص في نُكَت فيها من قلة الحياء ما لا يحتمل المسلم سماعه ولا التفوه به.
ومن منا ينسى الدفاع المستميت للمنابر العلمانية عن الشواذ؛ حيث اعتبرت آنذاك تصريحات ومطالبات الشاذ سمير بركاشي “مغامرة لا يقدر على تحقيقها سوى شخص شجاع من طينة بركاشي”، “له نضج كبير وإحساس بالمسؤولية، جعلاه اليوم يخرج إلى العلن..” (جمال الخنوسي جريدة الصباح).
أو ينسى دفاعها المستميت في المطالبة بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة.
أو طعنها تحت غطاء المجال الحقوقي وحرية التعبير في منظومة القيم والأخلاق والهوية حتى لو كانت مستمدة من الشريعة الإسلامية ذاتها، كما سبق للرويسي رئيسة جمعية بيت الحكمة أن صرحت أن: “لا مجال للسعي إلى محاولة تنميط جميع أعضاء المجتمع في نموذج قيمي وحيد ونهائي مهما كانت طبيعته أو مصدره”، أي حتى وإن كان وحيا من عند الله.
وكما صرح الأمازيغي العلماني المتطرف عصيد أيضا بأن: “الإسلام ليس هو الدين الوحيد الذي ينبغي أن يتبع، ولا دين مقدس حتى يستحيل تغيير ورفض شرائعه”!
فتحت غطاء حرية التعبير يتجرأ العلمانيون على ثوابت الأمة والدين وأحكامه وشرائعه. فبالنسبة لهم حتى لو كانت الردة أو الشذوذ أو الخمر مثلا أمورا محرمة في الشريعة الإسلامية المنزلة من عند الله سبحانه، فإنهم يرون أنه بوسعهم انطلاقا من المرجعية العالمية لحقوق الإنسان أن يتجاوزوا هذا الأمر ويغيروا هذا الحكم، باعتباره حرية فردية محمية بالشرائع الدولية، وقس على ذلك.
وحرية الرأي والتعبير التي يزعمون حفظها لكل أحد أيا كان توجهه؛ ما هي إلا مجرد شعارات جوفاء؛ سرعان ما ينكشف زيفها إذا ما عارض أحد مشروعهم، وإلا فلماذا يكبحون بالأقلام والأحزاب والقوة والسلطة كل صوت يرفع مطالبا بضرورة إلزام الناس بأداء فريضة الصلاة، واستصدار قانون يعاقب تاركها على غرار القانون المجرم للمجاهر بالإفطار في رمضان، ومعاقبة المرتدين عن الإسلام وعدم غض الطرف عنهم تحت أي إكراه، وتفعيل قانون تجريم بيع الخمر للمسلمين..؟!
لماذا يسارعون في رميه بأبشع الأوصاف واتهامه بمحاولة إحياء الدولة الدينية ومحاربة الدولة المدنية والمشروع الحداثي؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *