لماذا اخترنا الملف؟

مع اندلاع الثورة الشيعية التي قادها الخميني ضد نظام الشاه محمد رضا بهلوي سنة 1979، شهدت العلاقات الإيرانية الأمريكية توترا واضطرابا شمل كل القطاعات التي كان البلدان يتعاونان فيها على عهد الشاه؛ هذا هو التصور السطحي لمجريات الأحداث وتفاصيل الصراع بين إيران الثورة و”الشيطان الأكبر”.
لكن المتتبع لفصول العلاقة بين نظام الملالي والإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض، يكتشف بما لا يدع مجالا للريبة والشك أن ما يبدو في الظاهر تناحرا وعداء شديدا بين الدولتين إنما هو مجرد واجهة للاستهلاك الإعلامي، تخفي وراءها علاقات تعاون متين وتحالف قوي يفند أي شبهة عداوة بين الحليفين.
ولا أدل على ذلك من الدعم العسكري والمخابراتي الكبير الذي حظيت به إيران إبان حربها ضد العراق في الثمانينات، حين عزز البنتاغون ترسانة “محور الشر” بمئات الصواريخ المتطورة في إطار ما عُرف بصفقة “إيران كونترا”، ولعب قادة “الموساد” الصهيوني في الصفقة دور المنسق بين البلدين.
ثم جاء التحالف بين واشنطن وطهران مع مطلع الألفية الثالثة، حين مهدت الدولة الصفوية الطريق لجيوش الناتو لتدك حصون نظام طالبان تحت ذريعة محاربة الإرهاب، وكانت المكافأة من أمريكا أن نصّبت عميلها الشديد الولاء لحوزات قم وأصفهان حامد كرزاي حاكما على أفغانستان.
وبعد مضي سنة على الإرهاب الإيراني الأمريكي بحق الشعب الأفغاني جار إيران الشرقي، انتقل الحليفان للقضاء على الجار الغربي، إذ شنت القوات الأمريكية بالتحالف مع بريطانيا وأستراليا وكندا واليابان ودول أخرى عدوانا على الشعب العراقي في 20 مارس 2003؛ وفي الوقت الذي كانت تُراق فيه دماء الأطفال والنساء على ثرى بلاد الرافدين، كان الصفويون يُعِدون نخبة من السياسيين المؤمنين بعقيدة الولي الفقيه ليقودوا عاصمة الرشيد بعد أن يتم إسقاط النظام بتصفية صدام حسين رحمه الله، وتفكيك بنية مؤسسات الدولة تمهيدا لتسليمها لقمة سائغة لعصابات الحرس الثوري ومنظمة بدر.
تفاصيل كثيرة في العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بقيت طي الكتمان، سنحاول من خلال فتح هذا الملف كشف النقاب عنها من خلال تسليط الضوء على البؤر المظلمة والجوانب المعتمة، مهتدين في ذلك بتقارير موثقة وتحليلات سياسية حررها متابعون عن كثب لهذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *