أبو بكر بن العربي المعافري ‏(468543-هـ/1076 – 1148 م)

مواقف القاضي ابن العربي رحمه الله:

قال رحمه الله: “كان أبو حامد تاجا في هامة الليالي وعقدا في لبة المعالي، حتى أوغل في التصوف، وأكثر معهم التصرف، فخرج على الحقيقة وحاد في أكثر أحواله عن الطريقة، وجاء بألفاظ لا تطاق ومعان ليس لها مع الشريعة انتظام ولا اتساق، فواحسرتي عليه، أي شخص أفسد من ذاته وأي خلط منه مفرداته.
وقال أيضا: شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة، وأراد أن يتقيأهم، فما استطاع.
وقال رحمه الله :وكذلك نقطع بتكفير كل من كَذّب، وأنكر قاعدة من قواعد الشرع.. ثم قال :وأجمع فقهاء بغداد أيام المقتدر من المالكية وقاضي قضاتها أبو عمرو المالكي على قتل الحلاّج وصلبه لدعواه الإلهية، والقول بالحلول، وقوله: أنا مع الحق. مع تمسّكه في الظاهر بالشريعة، ولم يقبلوا توبته.
وقال رحمه الله: خرجت من بلادي على الفطرة، فلم ألق في طريقي إلا مهتديا، حتى بلغت هذه الطائفة -يعني: الإمامية والباطنية من فرق الشيعة-، فهي أول بدعة لقيت، فلو فجأتني بدعة مشبهة، كالقول بالمخلوق، أو نفي الصفات، أو الإرجاء، لم آمن. فلما رأيت حماقاتهم، أقمت على حذر، وترددت فيها على أقوام أهل عقائد سليمة، ولبثت بينهم ثمانية أشهر.
قال ابن العربي: “ومن المبتدعة من قرأ هذه الآية (فانصب) بكسر الصاد، والهمز من أوله، وقالوا: معناه: انصب الإمام الذي تستخلفه. وهذا باطل في القراءة، باطل في المعنى؛ لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم لم يستخلف أحدا. وقرأها بعض: الجهال (فانصب) بتشديد الباء، معناه: إذا فرغت من الجهاد، فجد في الرجوع إلى بلدك.. وهذا باطل أيضا قراءة، لمخالفة الإجماع، لكن معناه صحيح؛ لقوله صلى اللّه عليه وسلم: “السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته، فليعجل الرجوع إلى أهله”.
وأشد الناس عذابا وأسوأهم مباء ومآبا، من أخذ معنى صحيحا، فركب عليه من قبل نفسه قراءة أو حديثا، فيكون كاذبا على اللّه، كاذبا على رسول؛ “ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا”.
موقفه من الظاهرية
كان رحمه الله شديدا على أهل الظاهر وخاصة شيخه وشيخ أبيه ابن حزم رحمه الله فإنه منافره، محط عليه بنفس ثائرة، وقال في نظم له في العارضة رادا على أهل الظاهر:
قالوا الظـواهر أصـــل لا يجوز لنا *** عنـــــها الــــعدول إلى رأي ولا نظر
قلت اخـــسأوا فمقام الدين ليس لكم *** هذي العظـــــائم فاستـحيوا من الوتر
تأخـــروا فورود العــــذب مهلـــكة *** إلا لمن كان يرجو الفـوز في الصدر
إن الظـــواهر معـــــــدود مواقعها *** فكيف تحصي بيان الحـــكم في البشر
فالظـــاهرية في بطــــلان قولهـــم *** كالباطنــية غير الـــــفرق في الصور
كلاهــــما هادم للـــدين من جـــهة *** والمقطـــع العدل موقوف على النظر
هذي الصحابة تستمري خواطرها *** ولا يخـــاف علــــيها غـرة الخــــطر
وتعمل الرأي مضــــــبوطاً مآخذه *** وتخـــرج الحـــق محـفوظا من الأثر
في الجد معـتبر للـــــــناظرين فلا *** تطووا الفؤاد علـــى غـــر من الغرر
والقول أصـل ومـا عال السداد به *** فانـــظر إليه بقـــلـــب صـــادق الفكر
لما رأيتم عـــــقود الدين في نسق *** مــن الجــواهر نظــــمتم مـــــن البعر
لما صفا منهل الإِسلام مطـــــردا *** رثــــتم علــــيه فسقيـــــتم مـــن الكدر
بينوا عن الخلق لســــتم منهم أبدا *** مــــــا للإنام ومعـــــلوف مــــن البقر
وفاته:
توفى رحمه الله قرب مدينة فاس مُنْصَرفَهُ من مراكش وقيل مات مسموما سنة 543هـ.
وقال أبو القاسم بن بشكوال: توفي ابن العربي بفاس في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة.
وفيها أرخه الحافظ أبو الحسن بن المفضل وابن خلكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *