المسألة المغربية في البرلمان الإسباني الحلقة الثانية

أشار السيد “أليند سالازار” وزير الشؤون الخارجية الإسبانية إلى خطأ العديد مما جاء في تدخلات المستجوب وأعلن بتدقيق توجهات الاتفاق الفرنسي الإسباني والاتفاق الفرنسي الألماني، من أجل إعطاء إسبانيا وضعا جيدا غير مسبوق بالمغرب كما شرح أيضا السياسة الداخلية المغربية، وكذا دور البعثة الدبلوماسية الإسبانية المتواجدة باستمرار في فاس.
سياسة الحكومة المغربية يقول الوزير معروفة من قبل البرلمان والملك، وأعتقد أن السيد “فيلانوفا” يعرفها.
السيد “مورط” طلب بتوضيح فائدة الاتفاق الفرنسي الألماني.
وزير الشؤون الخارجية ذكر بأن ذلك معروف من طرف المجلس عندما تم التوقيع بين الدولتين وإعلان الاتفاق، ثم التصريح بأن أحدا لم يجابه الآخر، ولن يضع موضع تساؤل مصالح إسبانيا بالمغرب.
في 22 مارس 1909م السيد “أليند سالازار” وزير الشؤون الخارجية الإسباني واصل خطابه أمام الجمعية، وصرّح بأن الوقائع تبين حيوية السياسة المغربية لدى الحكومة الإسبانية كما هو معروف لدى المجلس وعند السيد “فيلانوفا” والنواب الآخرين، ملاحظا أن المستجوب قدم الوقائع بشكل غير حقيقي مذكرا بأنه باستمرار ودائما يصحب السفراء بالمغرب مسئولون دينيون، شبيه بهذه الحالة عندما ذهب السيد “مورط” إلى مراكش سفيرا في وفد يرأسه الجنرال “مارتينيز كاميوز”.
في قراءة الاتفاقية المقدمة من طرف السيد “فيلانوفا” هذه، التي أعطت للبعثة الفرانسيسكانية كثيرا من الأهمية لأنها تعرف سبب الباعث الذي يحرك كل البلد. لماذا الحكومة حاليا توقفت عن استدعاء ممثلين دينيين؟ علينا أن لا ننسى آثار الأب “لورشاندي” الذي كان مستشارا لجميع وزراء الخارجية.
السيد فيلانوفا أثنى على عمل الحكومة بالمغرب، فيما يتعلق بالأشغال العمومية لحماية المواصلات مع ميناء مليلية، وقد بلغت الهبة المقدمة لإقامة المدارس 300 ألف بسيطة.
الحكومة اختارت أن يتم التعليم المقدم في تلك المدارس في أحسن الظروف؛ ليس صحيحا أن مدارس الفرانسيسكان بطنجة لا يؤمها سوى 40 تلميذا، إنهم أكثر من ذلك، حيث يوجد في تلك المدارس 7 معلمين لائكيين يعلمون اللغات والتجارة، هذه المدارس يؤمها أبناء الأهالي وأبناء المعمرين الأجانب.
التأثير الذي للسيد “ميري ديل فال” أخ كاتب الدولة للبابا لا يعني شيئا لأن وظيفته مطابقة بانتظام لتعليمات الحكومة في تطوان، وقد أقيمت بعناية واهتمام من قبل وزارة الشؤون الخارجية مدرسة للأهالي، والسيد “فيلانوفا” يعرف ذلك لأنه زارها.
الرابطة الإسرائيلية الفرنسية لم تطلب حماية الحكومة الاسبانية.
وزير الشؤون الخارجية هو الذي عين أستاذا للغة الإسبانية لمدارس الرابطة بتطوان، وقد أنشأت الحكومة مدرسة أخرى للأهالي بالعرائش، وقد سبق أن وسعت مدرسة للأهالي بمليلية وكل ما يتعلق بالتعليم في المغرب، كان موضوع تحضير وإعداد، في نفس الوقت لم يكن للحكومة أي اعتراض على بناء مسجد داخل الحدود الإسبانية بمليلية ولا إقامة صناعة للنسيج أو مدرسة للفنون والصنائع، لكن السيد “فيلانوفا” يريد أن يقام المسجد على نفقة الدولة، وهذه مسألة أخرى إذا كانت هناك مؤسسة أو خاص يرغب ببنائه فستقدم الحكومة كل المساعدات الممكنة لذلك، لكن لا يمكننا تخصيص ميزانية للإنفاق على بناء مسجد.
السيد “فيلانوفا” أكد أن عدد رواد مدارس طنجة بلغ 86 طفلا بيد أن العدد هو 1116 إسبان وأجانب وأهالي.
المستشفى الإسباني أقيم على أرض للدولة، وبما أنه مشوب بعيوب اقترح وزير إسبانيا بطنجة إعادة بناء آخر بنفس المواصفات مع ممرضين من الأهالي، والحكومة ستوفر التمويل اللازم.
السيد “فيلانوفا” امتدح مواصلة الحكومة تسييرها الحسن ولا يرى أن جميع مشاريعها واقعية ويمكن تحقيقها، مع توضيح أن وضع المغرب حاليا، غير طبيعي ولا مستقر حاليا.
السيد “فيلانوفا” لم ينتقد إرسال السفير إلى الرباط، ولا التعليمات المعطاة له، ليس فقط بالمسألة المغربية العامة، لكن أيضا لقضية الريف، لقد أعطي كلّ ما يمكن أن يساعد على تنفيذ اتفاقيات المبرمة مع المغرب، وقد أعلن وزير الخارجية في البرلمان في 29 يناير 1909م بأن السلطان لم يلتزم بحقوق إسبانيا، وانتقد طريقة تصرفها باحتلال “كامب دو لو”، مع العلم أن ذلك العمل نتج عن مفاوضات أجريت في عين المكان دون أن تسجل هناك معارضة. اهـ (ص:149، 1909م إفريقيا الفرنسية).

حادثة الكتاني

أورد “روني لوكليرك” في مراسلة لمجلة “إفريقيا الفرنسية” من طنجة بتاريخ 18 أبريل 1909م، ونشر في الصفحة:146، سنة 1909م، قال: “الصراع الأصم الذي رسم منذ الشهور الأولى لتولي مولاي حفيظ العرش، بين الشرفاء والعلماء بفاس، تفجر بصفة نهائية بين تلك الطوائف والسلطة المركزية بعدما خاب ظن المتعصبين من مولاي عبد الحفيظ الذي أظهر عدم الالتزام بما وعد به عندما كان معارضا لتوجهات أخيه، حيث أصبح يعطف على الأوربيين أكثر، مخالفا لما وعد به عند بيعته.
الشريف الكتاني كبير زعماء الثوار الذي سبق أن اعتمد عليه مولاي حفيظ في الوصول إلى العرش صار يترأس أكبر مؤامرة ضده بعدما تبين له أنه يسير على نهج أخيه، فقرر الخروج من فاس، إلا أن السلطان أمر بتوقيفه بعدما علم بذلك، وهو فار نحو بني مطير وزمور البرابرة حيث يتواجد أنصاره.
آخر أخبار العاصمة الشريفة تشير إلى قيام حركة كبيرة مؤلفة من زمور وكروان وهي تتقدم لمعاقبة بني مطير الذين سلموا الشريف لأعوان المخزن، كما أن الأخبار تشير إلى أن السلطان أمر بإغلاق الزوايا الكتانية في الجهات التابعة له، وفي فاس، مما يدل على أن النجاح الذي تحقق له بالقبض على الشريف قد أعماه عن رؤية المخاطر المترتبة عن ذلك.
وعليه تقول الأخبار أن لا يخطئ ويميل إلى المزيد من إشعال الاحتجاجات ضده، بيد أن ذلك قد جعله يغير الاتجاه بالنسبة للسفارة الفرنسية في عاصمته، ويجعل فرنسا تمد يدها وفاء له.

ملاحظة: تبين هذه الرسالة التي بعث بها “لوكليرك” الذي عرف أنه لا يترك شاذة ولا فاذة إلا ودونها؛ تجاهله طريقة القبض على الشريف الكتاني ومآله، مما يطرح سؤالا عن دور السفارة الفرنسية بفاس في المسألة؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *