عناوين.. حول مهرجان موازين إبراهيم بيدون

حينما كنا بالأمس نشجب ونندّد بتنظيم مهرجان موازين الذي لا يمت لنا بصلة لا عرفا ولا ثقافة ولا شرعا؛ كان أصحاب الأقلام المأجورة لثقافة الآخر يرموننا بالظلامية والرجعية وأصحاب شريعة المنع..؛ واليوم حينما صارت جل الفعاليات الوطنية تطالب بإلغائه وتحمل في وجهه شعارات الخزي والعار (فلوس الشعب فين مشات، فموازين والحفلات)، صار المأجورون يتحدثون على أن هذا يعارض التقدم الحداثي، وأن علينا تنظيمه حتى نبرهن للإرهاب أن المغاربة قادرون على تنظيم جمع من غير خوف من شبح الغدر..!!

الحملة الوطنية للمطالبة بإلغاء مهرجان موازين
مع ارتفاع شعارات مسيرات 20 فبراير في سماء المطالبات، كان من أبرز الشعارات المرفوعة والتي اتفقت عليها العديد من الفعاليات المشاركة وغير المشاركة إلا قلة شاذة لا اعتبار برأيها، هي الشعارات المطالبة بإلغاء مهرجان موازين، وبعد نضج هذه الفكرة أقدم مجموعة من المطالبين على تأسيس الحملة الوطنية للمطالبة بإلغاء مهرجان موازين، فأنشئت لها صفحة على الفايسبوك وهي الصفحة التي سجلت لحد الآن أكثر من 32000 ألف معجب بها، ومن العناوين البارزة فيها: “مهرجان تبذير المال العام المسمى موازين”.
وقد وقف المنضوون في هذه الحملة أكثر من مرة أمام منصات موازين احتجاجا من أجل إلغائه، لكنهم ووجهوا في بعضها بتدخلات أمنية عنيفة، وهو ما يراد منه إيصال رسالة لكل هذه الأصوات المطالبة بإلغائه؛ مفادها أن وراء مهرجان موازين قوة سلطوية ترفض آراء المغاربة وتفرض عليهم سياساتها وممارساتها ولو كانت على حساب مستقبل وأموال الشعب..
لقد سجل عدد من القيمين على مهرجانات أخرى مواقف مسؤولة بإلغائهم للمهرجانات المسؤولين عن تأطيرها، لأن الوضعية التي يعرفها المغرب اليوم بعد حركة 20 فبراير وبعد التفجير الإرهابي لمدينة مراكش يستلزم إلغاء المهرجانات الفنية والاكتفاء بمهرجانات ثقافية تحتوي على موائد مستديرة ولقاءات لمناقشة الحركية التي يعرفها المغرب اليوم حسب قول محمد الناجي مدير مهرجان أوتار الحوز والمشرف على مهرجان “ليزالي” الذين ألغيت دورتهما هذه السنة، فهل مهرجان موازين فوق كل هذه الاعتبارات؟

كوراث مهرجان موازين
لمهرجان موازين مساوئ عديدة نذكر منها:
– الإضرار بالتلاميذ والطلبة، إذ ينظم في ذروة الاستعداد للامتحانات عند جل الطلبة والتلاميذ.
– تعرض عدد من رواده للموت ازدحاما، أو للضرر جراء الصراعات الجانبية بين مرتاديه من الشباب المنحرف..
– إقالة الأستاذ رضوان بن شقرون رئيس المجلس العلمي للدار البيضاء سابقا من مهامه كرئيس للمجلس العلمي المحلي بعين الشق، بسبب استنكاره استقدام اللوطي إلتون جون في الدورة السابقة.
– هدر المال العام للمغاربة، وقد تم الحديث عن مبلغ 400 مليون سنتيم كان سيقدمها مجلس مدينة الرباط للمهرجان هذه السنة.
– القيام بأعمال شغب؛ كتكسير واجهات المحلات أو زجاج السيارات والحافلات، من طرف الشباب بعد سهرة على إيقاع موسيقى صاخبة ورقص ماجن.
– اختلاط الحابل بالنابل في ساحات منصات موازين مما يتولد عنه عدد من السلوكيات المنحرفة.
– محاربة العديد من القيم والأخلاق الإسلامية كالعفة والحياء..

التزكية العلمانية للمهرجانات الفنية
رفع المدافعون على تنظيم موازين لواء النصرة له في وجه كل من سولت له نفسه انتقاد هذا المهرجان بحكم أنه موسم فني يقدم للمغرب فضاء لامتزاج الثقافات، ويصقل المواهب الغنائية لشباب جيل موازين ويقدم الفرجة والمتعة الغنائية على اختلاف أطيافها..
لكن الأمر المستغرب من هذه الأبواق الدعائية، هو: لماذا لم يتكلم الفرحون بتنظيم هذا المهرجان على مساوئه طيلة دورات تبين للكلّ أن المهرجان يتعارض وقيمنا وهويتنا؟
لماذا لم يطالبوا -وهم الذين يدّعون حرصهم على مصلحة البلد- أن يغير ولو توقيت المهرجان حتى لا يؤثر سلبا على مردودية وتحصيل التلاميذ والطلبة؟
وقد سبق للمدير الفني للمهرجان أن اعترف بهذه السلبية، لكنه برّرها بكونه التوقيت المناسب ماديا لاستقطاب المغنين العالمين الذين يكلفون مبالغ مادية مرتفعة في غير هذا التوقيت!!
وهكذا أصبح استقطاب “الفنانين العالميين” مقدما على اعتبار مصلحة الطلبة والتلاميذ عند رعاة موازين؟
إن اعتبار المتعة واللذة -رأس كل مطلب في الفكر العلماني المادي- هو ما يجعل العلمانيين السفهاء يرون في تنظيم هذا المهرجان ضرورة، ولو كان على حساب كل القيم والضروريات المعتبرة عند الأمة الإسلامية، وحتى عند عقلاء الغرب، الذين يقدمون المصلحة العليا والعامة على المصلحة الدنيا والخاصة.

مهرجان له شهرة دولية
يتباكى أهل الطبلة والوتر من المستغربين بأن مهرجان موازين صارت له شهرة عالمية، وذيع صائت خارج الوطن، وبناء عليه لا يمكن إخلاف موعده، وإلغاء تنظيمه.
والغريب أن من يدَّعون هذه الرؤية الناقصة، ينسون أو يتناسون وهم الذين يرفعون مقياس الشهرة العالمية في وجه من يطالب بإلغائه، بأن نفس المقياس (العالمية) يضع المغرب في دول ما بعد رتبة 120 في سلم التنمية البشرية، فلم لم تشفع كل المهرجانات المنتشرة في ربوع الوطن انتشار المدن والقرى في رفع مستوى التنمية البشرية في بلادنا..؟
ونفس المقياس يضع المغرب في الدول المتأخرة في نظام التعليم، وهذا المهرجان وكثير من إخوانه وأخواته لهم تأثير سلبي على مستوى المتمدرسين من جيل استوديو دوزيم..
ونفس المقياس يضع المغرب في الدول المتقدمة في انتشار الرشوة والفساد في الإدارات والمؤسسات، ومهرجان موازين مثال صارخ على الفساد المالي، فمبلغ 62 مليون درهم الميزانية المخصصة له هذه السنة، كفيلة بإنجاز مشاريع تشغل مئات العاطلين من حملة الشواهد..
فهل شهرة مهرجان تهدر فيه أموال على الغناء والأجانب وأهل المغنى، هي الكفيلة بحل أزمات عديدة (الفقر، البطالة، غلاء المعيشة..) يعيشها المغرب؟

منظموا مهرجان موازين
إن القائمين على مهرجان موازين لا يمكن أن يتخلوا عن تنظيمه، وهو يذر عليهم أموالا طائلة يسمنون بها حساباتهم البنكية، ويتمكنون من خلاله من ربط علاقات سيستفيدون منها عاجلا أو آجلا، فليست مصلحة إمتاع المتفرج المغربي هي التي تحرك جمعية مغرب الثقافات، ويوضح هذا الأمر إصرار منظميه على تنظيمه رغم المعارضة الشعبية والسياسية والثقافية ومن بعض الوجوه الفنية، ثم أين هي خدمة الثقافة المغربية التي لها علاقة بالهوية عند أصحاب مغرب الثقافات، فلسنا نجد عندهم أي نشاط يخدم الثقافة الوطنية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *