الصحابة عدول وليسوا معصومين

صحيح أن الصحابة رضي الله عنه كانوا بشراً، وليسوا بمعصومين، لكنهم كانوا في القمة ديناً وخلقاً، وصدقاً وأمانة، والذين قالوا: إن الصحابة عدول، لم يقولوا قط إنهم معصومون من المعاصي، ولا من الخطأ والسهو والنسيان، وإنما أثبتوا لهم حالة من الاستقامة في الدين تمنعهم من تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حتى الذين أقيم عليهم حدُُّ أو قارفوا ذنباً وتابوا منه، لا يمكن أن يتعمدوا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء قلة نادرة لا ينبغي أن يغلب شأنهم وحالهم على حال الألوف المؤلفة من الصحابة، الذين جانبوا المآثم والمعاصي لا سيما الكبائر منها.
وأما الذين لابسوا الفتن فكانوا مجتهدين يعتقد كل منهم أن الحق معه، وعليه أن يدافع عنه، والمجتهد مأجور على اجتهاده أخطأ أم أصاب، ومع ذلك فهم قليل جداً بالنسبة لأكثر الصحابة الذين اعتزلوا هذه الفتن، كما قال محمد بن سيرين: “هاجت الفتن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف فما خف لها منهم مائة، بل لم يبلغوا ثلاثين”.
ونحن حينما نصف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هم له أهل، فإنما نريد صحابته المخلصين الذين أخلصوا دينهم، وثبتوا على إيمانهم، ولم يغمطوا بكذب أو نفاق، فالمنافقون الذين كشف الله سترهم، ووقف المسلمون على حقيقة أمرهم، والمرتدون الذين ارتدوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أو بعده، ولم يتوبوا أو يرجعوا إلى الإسلام، وماتوا على ردتهم، هؤلاء وأولئك لا يدخلون في هذا الوصف إطلاقاً، ولا تنطبق عليهم هذه الشروط أبداً، وهم بمعزل عن شرف الصحبة، وبالتالي هم بمعزل أن يكونوا من المرادين بقول العلماء والأئمة: “إنهم عدول”، وفي تعريف العلماء للصحابي ما يبين ذلك بجلاء.
وقد أكثر أعداء الإسلام والسنة الطعن في الخلفاء الراشدين وأم المؤمنين عائشة وأبي هريرة وخالد بن الوليد رضي الله عنهم جميعا منذ الصدر الأول ليتوصلوا بهذا إلى الطعن في الدين، والغرض ليس الطعن في عدالتهم وأشخاصهم فقط، بل هو توطئة لهدم الإسلام.
إن تعديل الصحابة رضي الله عنهم أمر متفق عليه بين المسلمين، ولا يطعن فيهم إلا من غُمص في دينه وعقيدته، ورضي بأن يسلم عقله وفكره لأعدائه، معرضاً عن كلام الله وكلام رسوله وإجماع أئمة الإسلام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *