مواقف متباينة من الظهير البربري

لم يتخلف التلاميذ لم عن جموع الراشدين من الوطنيين المتعلمين في المعاهد الدينية والفرنسية في إبداء سخطهم وتذمرهم من الظهير البربري، بترداد دعاء اللطيف بعد خروجهم من مدارسهم، بالرغم مما كانوا يتعرضون له من قمع واضطهاد.
بينما كانت مواقف بغض العلماء والمدرسين الرسميين وأعضاء المجلس العلمي بفاس مخذولة ومؤيدة لإدارة الحماية، فقد جاء في مذكرات أحد الوطنيين:
“كان موقف العلماء من أقبح المواقف، فقد عارضوا الدعاة الوطنيين كل المعارضة، وامتنعوا من تنفيذ توقيف الدروس بالقرويين، وصرح بعضهم بأن الحق ما قاله لهم “ميلي” من أن الناس مخطئون في احتجاجهم، وأن عمل الفرنساويين هو الصواب، وينسب إلى ابن الجيلالي (رئيس المجلس العلمي وشيخ الجماعة) أنه صرح بقوله: إن فرنسا تتحاشى عن أن تفعل ما ينسبه إليها هؤلاء الناس” الحركة بفاس 3، وقد علق ذ. محمد بن تاويت على مواقف العلماء بقوله: “مخذولة ومؤيدة لإدارة الحماية”.
ويستثنى من العلماء جماعة وطنية صغيرة كانت في طليعة المستنكرين لسياسة فرنسا التنصيرية بالمغرب، مثل عبد الرحمن بن القرشي الذي قبل حذاء السلطان مولاي يوسف ليعفيه من منصبه الذي سيضطر فيه إلى الاعتراف بالسياسة البربرية، وأبي شعيب الدكالي الذي أمضى عريضة الاحتجاج ضد الظهير البربري، والذي جابه المقيم العام حينما طلب منه إصدار تكذيب لما ينسب إلى فرنسا من العمل على تنصير البربر، واعدا له بإصلاح السياسة البربرية، فقال له: “ألغوا الظهير حتى نعمل، فأما قبل إلغائه فلا”.
وكان السلطان المولى يوسف يعارض السياسة البربرية معارضة شديدة، ولم يستطع المقيمان العامان (ليوطي) و(ستيغ) أن يحققا على يده وفي عهده أي تقدم في طريق تشريعها، وقد حدد المستشار الفرنسي للحكومة المغربية موقف السلطان في خطاب وجهه إلى رؤسائه في 13/06/1924، فقال: “إن السلطان بصفته رئيسا روحيا لدين منزل، لا يمكنه أن يصدر نصا رسميا يهدم القانون الإسلامي وينال من نفوذه الخاص كإمام حام للقانون الديني، وإن هذه المسألة في نظره مسألة امتياز شخصي في أعين رعاياه، ومسألة عاطفة دينية يرتبط بها كامل الارتباط، ولا يقبل فيها معارضة، ولا تساهلا”.
وجلى (ريبو) هذا الموقف ذاكرا أنه “لما سلم نص الظهير للسلطان والوزير الأكبر قابلاه هما معا، بمقاومة حادة مؤكدين أن كل قبيلة شملتها التهدئة يجب أن تكون خاضعة للشرع الإسلامي، كما هو الأمر في بقية تراب المملكة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *