الضحْك البَاسْلْ بْحَالْ الفهمْ البَاسْلْ رد على مقال “رشيد نيني” بقلم: عبد الغني أدراعو

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه
وبعد، فهذا مقال في انتقاد لمقال صدر في يومية “المساء” لصاحبه رشيد نيني أسماه “الضحك الباسل”، والكاتب كعادته في مقالاته ينشر صورته يحمل نظارات سوداء.
بداية أعتذر للقراء الكرام عما يتضمنه هذا المقال من عبارات دارجة لا لعجز عن التعبير بلسان عربي, بل جريا على لسان المعني بالمقال في مقالاته حتى يفهم عني ما أقول.
أقول: الكل سمع أو قرأ ما سطرته الأيادي الآثمة الحاقدة في مجلة “نشيان” من الاستهزاء والسخرية بالله وآياته وصفاته وملائكته ورسوله صلى الله عليه وسلم واليوم الآخر, وصحابة رسوله رضي الله عنهم.
والكثيرون أدلوا بدلائهم في الرد على هؤلاء المعتدين نصرة لهذا الدين الذي تكالب عليه الأعداء حتى من أبناء جلدتنا (فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً), وبالمقابل دافع عن هؤلاء المعتدين أقوام علانية ودون حياء أو هيبة أو اعتبار لأحد, وأقوام آخرون دافعوا بلغة محتشمة, تارة يصعدون الخطاب ويستنكرون ما فعلوا, وتارة يضربون على الأكتاف, ويهونون من الخطب بدعوى الزمالة المهنية, والرأي, والرأي الآخر, وحرية التعبير, وحقن الدماء, وتنويم الفتنة (أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ) والفَاهمْ يْفْهْمْ.
والله تعالى يقول: (هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً).
ولعلي بك تستنكر استدلالي بهذه الآية في هذا المقام, وأنت تعلم أيها اللبيب ما قاله الصحابي الجليل أُسَيْدُ بن حُضَيْر للصحابي الجليل سعد بن عبادة سيد الخزرج حينما فهم من كلامه الدفاع عمن تكلم في عرض النبي صلى الهل عليه وسلم في حادثة الإفك فقال له: إنك منافق تجادل عن المنافقين, فتشاور الناس، فلم يزل رسول اله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا, وأين نحن من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فلستُ أسيدا ولا من أعني بالخطاب سعدا, ولكن “غير بَرْكَمْ وأنا انفهم”.
وإني أقف معك أيها الـ “رشيد” يا من أعز أصدقائه بنشمسي مدير مجلة العدوان “نيشان”, لأبين لك مواضع الزلل في كلامك لعلي أوقظك من نومك يا “نيني” أو أزيل عند تلك النظارات السوداء للتضح لك ألوان الواقع بمنظار الشرع.
ـ الزلة الأولى: قال “نيني” فأنا أعتبر النكتة مثل قرص الأسبرين بالنسبة لصداع الرأس”.
أقول: لم يجعل الله تعالى الشفاء فيما حرم, ولا أجاز التداوي به ففي البخاري عن ابن مسعود موقوفا: أن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
والنكتة أغلبها إن لم تكن كلها مبنية على اختلاق الكذب، مع ما فيها من مفاسد أخرى, والغرض منها حصول الضحك والمرح والتسلية, والنبي صلى الله عليه وسلم, يقول: “ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له” رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وحسنه, والمزاح والضحك ضابطه أن يكون في دائرة الحق كما قال صلى الله عليه وسلم: “إني لأمزح ولا أقول إلا حقا” رواه الطبراني عن ابن عمر بسند صحيح.
ـ الزلة الثانية: قال “نيني”: يتحدث عن الضحك الباسل في نكت “نيشان”: (يستحسن تجنبه في هذه الظروف العصيبة التي تجتازها البلاد).
أقول بكل اختصار: تصويب العبارة أن تقول: يجب تجنبه في جميع الظروف صعبت أم سهلت.
ـ الزلة الثالثة: قال “نيني”: (وشخصيا أرى أم مثل هذا الإمام يجب أن يصدر قرار من وزارة الأوقاف بتوقيفه حالا) يقصد أحد الأئمة بأحد المساجد يحكى عنه أنه كفر هؤلاء الطاعنين.
قلت: أنت تريد قرارا فوريا قاضيا بتوقيف هذا الإمام عن الإمامة والخطابة, بسبب كلامه في الحكم بتكفير من سب أو سخر أو استهزأ بالله وآياته وصفاته أو برسوله -إن كنت فعلا قد توثقت من الخبر ولا أظنك تفعل-في حين لا ترى يا “نيني” ولا تنادي -كما قلت- بجرجرة المجلة ومديرها أمام القضاء, وكلامهم في الطعن والاستهزاء بالمقدسات واضح بين, ليس له مستند يعضده لا في النصوص الشرعية ولا في أقوال أهل العلم, بل المستند على بطلانه ودحضه وبيان فساده, فما هذا الكيل بمكيالين وما هذه القسمة الضيزى؟ أم هي كما قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدي المساويا
أم كما قال الآخر “ليداري معور عن مِعْوَر”.
ثم أنت يا “نيني” استطعت بنظارتك السوداء أن ترى الخطر على حياة زملائك الطاعنين المعتدين بتنزيل إمام المسجد هذه الأحكام عليهم, ولم تستطع أن ترى الخطر على عقائد المسلمين في هجمات زملائك “النيشانيين” ترى أَ لِسوادِ نظارتك غَبَشَتِ الرؤية أم لشيء آخر؟ الله أعلم, لذا يحسن بك يا “نيني” أن تزيلها عن عينيك لتظهر لك الرؤية للواقع بضوابط الشرع واضحة.
ـ الزلة الرابعة: قال “نيني”” وشخصيا المقدس الوحيد بالنسبة إلي في هذه الحياة هو الله وملائكته ورسله وكتابه المنزل, أما الباقي فلا أعتبره مقدسا”.
أقول: حصرك المقدسات فيما ذكرت وإلغاء وعدم اعتبار الباقي فيه شطط. فالمسلمون يقدسون بالإضافة إلى ما ذكرت صحابة النبي صلى الله عليه وسلم تقديسا يليق بهم ويحفظ لهم مكانتهم التي بوأهم الله تعالى, ويقدسون أعراض وحرمات المسلمين, وحرمة المؤمن عندهم أعظم من حرمة الكعبة, ويقدسون علم الغيب فلا يحكمون لأحد لا بجنة ولا بنار إلا من ورد النص فيه بإحداهما -وأنا أعني ما أقول- ويعرفون لحكامهم مكانتهم ويحوطونهم بالآداب التي تلزمهم لهم من توقير طاعة الله, وتأييد على الحق والدعاء لهم ونصحهم وهناك مقدسات أخرى لها أدلتها لكن ذكرنا ما هو مناسب للمقام -ولكل مقام مقال-.
الزلة الخامسة: قال “نيني” وهو يتحدث عن توجه مجلة “نيشان” وقد بسط بعض ما تدعو إليه قال: وهو توجه مشروع مادام صاحبه يؤمن به ويدافع عنه.
قلت: لا أدري أين هو وجه مشروعية توجه يدعو إلى الشذوذ وتعاطي الحشيش والتجارة فيه ويدافع عن العلمانية, ويعتبر رمضان شهر نفاق والحج تجارة وعيد الأضحى مناسبة أوساخ وأزبال, ونُدِينُك من فيك, فجميع ما ذكر من هذه الطامات هو من وصفك أنت لتوجه “نيشان”, فأين هو -بالله- وجه مشروعية هذا التوجه؟!
أم هي حرية التعبير والرأي الآخر, والزمالة المهنية و”اليوم عندي أو غدا عندك” أو “مْيْكْ علي نميك عليك”, و”عين شافت أوعِين ما شافت”, “أو طاكي علي نطاكي عليك”. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وفي الأخير فِقْ أ “نيني” وبراكا من الفهم الباسل للضحك الباسل, ونشكر لك ما وافقت فيه الحق وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وقد علمت بعد كتابة هذا المقال القرار الحكومي الذي صدر بتوقيف المجلة ومتابعة أصحاب المقال فالحمد لله رب العالمين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *