الحكيم الحكم الحاكم جل في علاه الحلقة الثامنة والعشرون ناصر عبد الغفور

أيهما أبلغ الحكم أو الحاكم؟

قال الإمام القرطبي في تفسيره: ” قيل: إن الحكم أبلغ من الحاكم، إذ لا يستحق التسمية بحكم إلا من يحكم بالحق لأنها صفة تعظيم في مدح، والحاكم جارية على الفعل فقد يسمى بها من يحكم بغير الحق” .
وقال صاحب محاسن التأويل: ” قالوا: الحكم أبلغ من الحاكم وأدل على الرسوخ لما أنه لا يطلق إلا على العادل وعلى من تكرر منه الحكم بخلاف الحاكم” .
وهذه المسألة ذكرها بعض العلماء، لكن كلا الاسمين ثابتان لله تعالى على الوجه الأكمل فهو العدل في حكمه الذي لا يجور كما قال تعالى: “إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ” النساء 40.
الحكيم:
قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري: “الحكيم: الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل”، وقال: الحكيم: ذو الحكمة وذكر بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما: “الحكيم الذي قد كمل في حكمته”.
قال: وقد قيل إن معنى الحكيم الحاكم كما أن العليم بمعنى العالم والخبير بمعنى الخابر” .
وقال الحافظ ابن كثير: “الحكيم في أفعاله وأقواله فيضع الأشياء في محالها بحكمته وعدله”، وقال:” حكيم في أمره وشرعه وقدره” .
قال الألوسي: “حكيم: مراع في جميع أفعاله الحكمة والمصلحة” .
قال القاسمي: “حكيم: مراع في جميع قضائه الحكمة” .
وقال السعدي: “حكيم في وضع كل شيء في موضعه من المخلوقات والشرائع” ، وقال في مقدمة تفسيره: “الحكيم: وهو الذي له الحكمة العليا في خلقه وأمره الذي أحسن كل شيء خلقه.. فلا يخلق شيئا عبثا ولا يشرع شيئا سدى، الذي له الحكم في الأولى والآخرة، وله الأحكام الثلاثة لا يشاركه فيها مشارك، فيحكم بين عباده في شرعه وفي قدره وجزائه، والحكمة وضع الأشياء مواضعها وتنزيلها منازلها” .
وقال العلامة ابن عثيمين: “الحكيم في شرعه وقدره فما خلق شيئا عبثا ولا شرع عبادة لهوا ولعبا، ومع ذلك فله الحكم آخرا وأولا”.
وقال القرطبي: “والحكيم معناه الحاكم، وبينهما مزيد المبالغة.. وقيل معناه المحكم ويجيء الحكيم على هذا من صفات الفعل صرف عن مفعل إلى فعيل كما صرف عن مسمع إلى سميع ومؤلم إلى أليم..” .
قال الحليمي في معنى الحكيم: “الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب، وإنما ينبغي أن يوصف بذلك لأن أفعاله سديدة، وصنعه متقن ولا يظهر الفعل المتقن السديد إلا من حكيم..” .
وقال أبو سليمان: “الحكيم هو المحكم لخلق الأشياء، صرف من مفعل إلى فعيل، ومعنى الإحكام لخلق الأشياء إنما ينصرف إلى إتقان التدبير..” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *