حكم ومواعظ

قال أبو نواس
مُت بدآء الصمت خيرٌ *** لك مـن دآءِ الكــلام
إِنما السَّالـم مـــــن أَلـ *** جَمَ فـاه بـلــجـــــــام
ربما يستفتح الـمــــــز *** حُ مغاليق الحـمــــام
والـمـنـايا آكـــــــلاتٌ *** شاربـاتٌ لـلأَنــــــام
جزاء المعصية
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
“جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والنقص في اللذة، قيل: وما النقص في اللذة؟ قال: لا ينال شهوة حلال إلا جاءها ما ينغصه إياها”.

الخشوع
ألا في الصلاة الخير والفضل أجمع *** لأن بها الآرابَ لله تخضع
وأول فرض من شريعة ديننا *** وآخر ما يبقى إذا الدين يرفع
فمن قام للتكبير لاقته رحمة *** وكان كعبد باب مولاه يقرع
وصار لرب العرش حين صلاته *** نجيا فيا طوباه لو كان يخشع

حلول سريعة
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ـ من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات.
ـ ومن خاف من النار اجتنب المحرمات.
ـ ومن زهد في الدنيا استهان بالمصيبات.
ـ ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات.
ـ ومن قَلَّ صدقه قَلَّ صديقه.
ـ ومن عذب لسانه كثر إخوانه.

الصدق
وإذا الأمور تزوجت *** فالصدق أكرمـهـا نتاجا
الصدق يعقد فـوق رأ *** س حليفه بالصدق تاجا
والصدق يقدح زنــده *** في كل ناحية ســـراجـا
قال ميمون بن مهران: علانية بغير سريرة: مثل كنيف مزخرف من خارجه، ومن داخله النتن والخبث.
قال الأصمعي: سمعت أعرابيا يقول: من كساه الحياء ثوبه، خفي عن الناس عيبه.

حَمْـدٌ
عن عنبسة بن الأزهر قال: كان محارب بن دثار -قاضي أهل الكوفة- قريب الجوار مني، فربما سمعته في بعض الليل ويرفع صوته: “أنا الصغير الذي ربيته فلك الحمد، وأنا الضعيف الذي قويته فللك الحمد، وأنا الفقير الذي أغنيته فلك الحمد، وأنا الغريب الذي وصَّيْته فلك الحمد، وأنا الصعلوك الذي موَّلته فلك الحمد، وأنا العزب الذي زوجته فلك الحمد، وأنا الساغب -الجائع- الذي أبغته فلك الحمد، وأنا العاري الذي كسوته فلك الحمد، وأنا المسافر الذي صاحبته فلك الحمد، وأن الغائب الذي أدَّيته فلك الحمد، وأنا الراجل الذي حملته فلك الحمد، وأنا المريض الذي شفيته فلك الحمد، وأنا السائل الذي أعطيته فلك الحمد، وأنا الداعي الذي أجبته فلك الحمد، فلك الحمد ربنا، حمدا على حمدي لك”.

حياء
استح من الله في خلواتك، ولا تكن الجرأة على محارم الله في الخلوة صفتك:
وكم ذي معاص نال منهن لذة *** ومات فخلاها وذاق الدواهيا
تصرَّمُ لذات المعاصي وتنقضي *** وتبقى تباعات المعاصي كما هي
فيا سوأتا والله راء وسامع *** لعبد بعين الله يغشى المعاصيا

خمسة أشياء ضائعة:
ـ سراج يوقد في شمس.
ـ ومطر جَوْد في سبخة.
ـ وحسناء تزف إلى عِنِّين.
ـ وطعام استُجيد وقُدم إلى سكران.
ـ ومعروف صنع إلى مَن لا شكر له.

ماذا كنت تصنع
ودخل رجل على سهل بن عبد الله فقال: اللص دخل داري وأخذ متاعي.
فقال: اشكر الله، فلو دخل اللص قلبك -وهو الشيطان- وأفسد عليك التوحيد، ماذا كنت تصنع؟.

تسلية وترويح
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
أفد طبعك المكدود بالجد راحة *** بـجــد وعلـلـه بشـيء مــن المــزح
ولكن إذا أعطيته المزح فليكن *** على قدر ما تعطي الطعام من الملح

أخاف أن أصدق
قال ابن الأعرابي قيل لكذّاب تذكر أنّك صدقت قطّ، فقال: لولا أني أخاف أن أصدق لقلت نعم.

سبحان الذي أعطاك مُلكاً
كان أعرابيّان متواخيين بالبادية فاستوطن أحدهما الريف واختلف إلى باب الحجّاج، فاستعمله على أصبهان، فسمع أخوه الذي بالبادية فضرب إليه، فأقام ببابه حيناً لا يصل إليه ثمّ أذن له بالدّخول فأخذه الحاجب فمشى به هو يقول سلّم على الأمير فلم يلتفت إلى قوله وأنشد:
ولست مسلّماً ما دمت *** حيّاعلى زيدٍ بتسليم الأمير
فقال: لا أبالي.
فقال الأعرابي:
أتذكر إذ لحافك جلد كبشٍ *** وإذ نعلاك من جلد البعيــر
فقال: نعم.
فقال: الأعرابي:
فسبحان الذي أعطاك ملكاً *** وعلمك الجلوس على السرير

دلو من زمزم
قال الحميدي كنّا عند سفيان بن عيينة فحدّثنا بحديث زمزم أنّه لما شرب له، فقام رجلٌ من المجلس ثمّ عاد فقال له: يا أبا محمدٍ أليس الحديث الذي حدثتنا في زمزم صحيحاً، فقال: نعم، قال: فإني قد شربت الآن دلواً من زمزم على أنّك تحدّثني بمائة حديثٍ، فقال سفيان: اقعد، فحدّثه بمائة حديثٍ.

من أين آكل
صنع رجل لأعرابي ثريدة يأكلها، ثم قال: لا تصقعها، ولا تشرمها، ولا تقعرها. قال: فمن أين آكل لا أبالك؟!
(قوله: لا تصقعها: لا تأكل من أعلاها. وتشرمها: تخرقها. وتقعرها تأكل من أسفلها. قال: فمن أين آكل؟ قال: كل من حواجبها. أي من نواحيها).

فطنة صبي
وقال إياس بن معاوية: كنت في مكتب في الشام، وكنت صبياً، فاجتمع النصارى يضحكون من المسلمين، وقالوا: إنهم يزعمون أنه لا يكون ثفل للطعام في الجنة.
قال: قلت: يا معلم، أليس تزعم أن أكثر الطعام يذهب في البدن؟
فقال: بلى.
قال: فقلت فما تنكر أن يكون الباقي يذهبه الله في البدن كله.
فقال: أنت شيطان!

ظبية البان
ياظبية البان ترعى في خمائله *** لِيَهْنَكِ اليوم أن الرز مرعاك
كم من موائد أكل لست أبلغها *** لولا الرقيب لقد بلغتها فاك
يا حبذا لقمة مرت بفيك لنا *** أو خبزة غرَّزت فيها ثناياك
أما العصيد الذي في جوفه مَرَقٌ *** فذاك عند احتدام الأمر مأواك
كم نعجة قد طواها الحب يا أملي *** وماعزٍ وخروف في زواياك
قتلاك في الأرض آلاف مؤَلَّفَةٌ *** وسوف يجتمع الشاكي والمشكي
ذهنه مشغول
قرأ القرفطي على أبي العباس ثعلب بيتا للأعشى:
فلو كنت في حب ثمانين قامة *** ورقيت أسباب السماء بسلم
فقال أبو العباس: خرب بيتك، هل رأيت حبا قط ثمانين قامة؟ إنما هو: جب.
لم تعرف حلاوة الآباء
دخل شاب على المنصور فسأله عن وفاة أبيه فقال: مات, رحمه الله, يوم كذا وكذا, وكان مرضه رضي الله عنه كذا وكذا, وترك, عفا الله عنه, من المال كذا وكذا, فانتهره الربيع وقال: أبين يدي أمير المؤمنين توالي الدعاء لأبيك. فقال الشاب: لا ألومك. إنك لم تعرف حلاوة الآباء. فما علم أن المنصور ضحك مثل ضحكه يومئذ ( وكان الربيع لقيطا).

الأيـــــــــــام
اليوم هو الزمن الذي تستغرقه الأرض لإتمام دورة كاملة حول نفسها. لقد مرت حقبة من تاريخ الانسان حيث لم يكن للأيام أسماء تعرف بها. وكان تقسيم وتحديد الوقت يقوم على أساس الأشهر، وكان عدد أيام الشهر أكبر من أن يوفر لكل يوم إسم يعرف به، ولكن بعد أن استقرت أحوال الإنسان بالسكنى في تجمعات بشرية كبيرة نسبيا فقد حددت أيام معينة، فهذا يوم التجارة، وذاك يوم السوق.. وهكذا.
وكانت الأيام تحدد ليكون يوم السوق مثلا هو اليوم العاشر من كل شهر وقد حدَّد البابليون تكرار الأيام كل سبعة أيام، وكانوا في اليوم السابع لا يعملون وإن كانوا يتقابلون للتجارة، وفي المناسبات الدينية، وقد تبعهم اليهود وأبقوا على اليوم السابع بقصد الاحتفالات الدينية، وهكذا ظهرت فكرة الأسبوع، وأطلق اليهود على كل يوم من أيام الأسبوع اسمه، وإن لم يكن اسما بالمعنى الدقيق بل كان رقما يدل على ترتيبه بعد يوم السبت. وقد أخذ قدماء المصريين بتقسيم الأسبوع إلى سبعة أيام أطلق عليها أسماء الكواكب الخمسة إضافة للشمس والقمر. ونقل الرومان عنهم الأسماء فيما بعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *