تسلية وترويح

أعور من أي عينيه شاء
أُخِذ بعض الشطار فحُمل إلى الكاتب ليسجّل نعته، فأغلق عينه اليمنى فكتب الكاتب: أعور العين اليمنى، فلما علم الشاطر أنه قد كتب ذلك فتح اليمنى وأغلق اليسرى، فلما نظر إليه الكاتب توهم أنه غلط فمحا اليمنى وكتب اليسرى، فأغلق الشاطر اليمنى وفتح اليسرى. فنظر الكاتب إليه فقال: لعن الله الشيطان، أفسدت ما كان صحيحاً، فكتب اليمنى فأغلق الشاطر اليسرى، فتحير الكاتب ولم يدر ما يفعل فكتب: أعور من أي عينيه شاء.
ذاك إملاكٌ -تزويج- ما شهدته
عن زكرياء بن أبي زائدة، قال: كنت مع الشعبي في مسجد الكوفة، إذ أقبل حمّال على كتفه كودن، فوضعه، ودخل إليه، فقال: يا شعبي! إبليس كانت له زوجةٌ؟ قال: ذاك عرسٌ ما شهدته، قال: هذا عالم العراق يسأل عن مسألةٍ فلا يجيب! فقال: ردّوه، نعم له زوجةٌ، قال الله عز وجل: (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني) ولا تكون الذّرّيّة إلا من زوجةٍ. قال: فما كان اسمها؟ قال: ذاك إملاكٌ –تزويج- ما شهدته.
تخطبنا من بئر جلولاء
قال المتوكل يوما: أتعلمون لماذا عتب الناس على عثمان: فقال بعض جلسائه: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قام أبو بكر على المنبر دون مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرقاة، ثم قام عمر دون مقام أبي بكر بمرقاة، فلما ولي عثمان صعد ذروة المنبر، فقعد في مقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكر المسلمون ذلك. فقال عبادة: يا أمير المؤمنين ما أحد أعظم منة عليك، ولا أسبغ معروفا من عثمان، قال: كيف ويلك؟ قال: لأنه صعد ذروة المنبر، ولولا ذلك لكان كلما قام خليفة نزل عن مقام من تقدمه مرقاة فكنت أنت تخطبنا من بئر جلولاء.
قد عفونا عنهما بصدقك
عن الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي، قال: رِبْعِيُّ بن حِرَاشٍ، تابعي ثقة، لم يكذب قط، كان له ابنان عاصيان زمن الحجاج، فقيل للحجاج: إنَّ أباهما لم يكذب قط، لو أرسلت إليه فسألتَه عنهما. فأرسل إليه فقال: أين ابناك؟ فقال: هما في البيت. فقال: قد عفونا عنهما بصدقك.
الأعرابي السخي
قيل لقيس بن سعد بن عبادة: هل رأيتَ أحدًا أسخى منك؟ فقال: نعم، نزلنا بالبادية على امرأة، فحضر زوجها، فقالت له: إنه نزل بك ضِيفَانٌ. فجاء بناقة ونحرها، وقال: شأنكم بها.
فلمَّا كان بالغد جاء بأخرى ونحرها، وقال: شأنكم بها. فقلنا: ما أكلنا من التي نحرتَ لنا البارحة إلاَّ اليسير. فقال: إنِّي لا أُطْعِمُ أضيافي الغاب –أي: اللحم البائت-. فبقِينَا عنده يومين أو ثلاثة، والسماء تمطر، وهو يفعل كذلك، فلمَّا أردنا الرحيل وضعنا له مائة دينار في بيته، وقلنا للمرأة: اعتذري لنا إليه. ومضينا، فلمَّا مَتَع النهار –أي: ارْتَفَعَ وبَلَغَ غايةَ ارْتفاعِه قبل الزوال- إذا نحن برجل يصيح خلفنا: قفوا أيُّها الركب اللئام، أعطيتموني ثمن قرايَ. ثم إنه لحقنا، وقال: لتأخُذُنَّه، وإلاَّ طعنتكم برمحي هذا. فأخذناه وانصرف، فأنشأ يقول:
وإذا أخذْتُ ثواب ما أعطَيْتُهُ *** فَكَفَى بذاك لنائلٍ تَكْدِيرا

حكم ومواعظ
ثلاثيات
قال حكيم: ثلاث لا يستصلح فسادهن بشيء من الحيلة: العداوة بين الأقارب، وتحاسد الأكفاء، والركاكة في العقول.
وثلاث لا يستفاد صلاحهن بنوع من المكر: العبادة من العلماء، والقناعة من المستبصرين، والسخاء في ذوي الأخطار.
وثلاثة لا يشبع منها: الحياة، والعافية، والمال.
وثلاثة لا يستغني عنها السلطان: وزير حسن التدبير، ومستشار نصيح، وصاحب بريد صدوق.
وثلاث هي قوام العالم: عدل الأمراء، وصلاح العلماء، وانقياد الرعية للرؤساء.
ثلاث كلمات: إذا كان القدر حقا فالحرص باطل، وإذا كان الغدر في الناس طبيعة فالثقة بكل أحد عجز، وإذا كان الموت بكل الناس نازلا فالطمأنينة إلى الدنيا حمق.
سبع كلمات
قال وهب بن منبه: صحب رجل عالماً سبعمائة فرسخ، ثم سأله عن سبع كلمات فقال له: أخبرني عن السماء وما أثقل منها، وعن الأرض ما أوسع منها، وعن الحجر ما أقسى منه، وعن النار ما أحر منها، وعن البحر ما أغنى منه، وعن اليتيم ما أضعف منه، وعن الزمهرير ما أبرد منه؟ فقال الحكيم: البهتان أثقل من السماوات، والحق أوسع من الأرض، وقلب الكافر أقسى من الحجر، وقلب القانع أغنى من البحر، وجشعة الحريص أحر من النار، ونمائم الوشاة أضعف من اليتيم، واليأس من القريب أبرد من الزمهرير.
التواضع
سُئل الفضيل بن عياض عن التواضع ما هو؟ فقال: أن تخضع للحقِّ وتنقاد له، ولو سمعته من صبي قَبِلْتَهُ، ولو سمعته من أجهل الناس قَبِلْتَهُ.
الصدق
قال رجل لحكيم: ما رأيتُ صادقًا! فقال له: لو كنت صادقًا لعرفت الصادقين.
الصبر
قيل عن الصبر: هو الفناء في البلوى بلا ظهور شكوى.
وقيل: الصبر المقام مع البلاء بحُسْنِ الصحبة، كالمقام مع العافية.
الحياء
قال بعض الحكماء: أَحْيُوا الحياء بمجالسة من يُستْحى منه.
قيل الحياء: ذوبان الحشا لاطِّلاع المولى، ويقال: الحياء انقباض القلب، لتعظيم الربِّ.
قال بعض الفقهاء: الحياء خليل المؤمن.
وقيل أيضًا: ثلاثة من أعلام الحياء: وزن الكلام قبل التفوُّه، ومجانبة ما يحتاج إلى الاعتذار منه، وترك إجابة السفيه حلمًا عنه.
الحلم
قال بعض العلماء: الحِلْمُ أرفع من العقل؛ لأن الله تعالى تسمَّى به.
قيل في مَنْثُورِ الْحِكَمِ: الْحِلْمُ حِجَابُ الآفَاتِ.
وسئل بزرجمهر عن الحلم، فقال: العفو عند المقدرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *